من الواضح أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كانا بحاجة إلى أن يبرهنا لناخبيهما أن العلاقات الفاترة بينهما قد تحسنت، ذلك بأن كليهما يواجه مشكلات داخلية عويصة، فأوباما متوتر للغاية جراء الانتخابات النصفية للكونجرس التى ستجرى فى نوفمبر المقبل والتى يمكن أن يتسبب موقفه المتصلب إزاء اسرائيل بإلحاق أضرار كبيرة كى يفى بوعده بعدم تمديد القرار القاضى بتجميد أعمال البناء فى المستوطنات (فى الضفة الغربية). ومع ذلك لا يمكن القول إن اللقاء الذى عقداه هذا الأسبوع أسفر عن بداية صداقة حميمة بينهما أو عن تفكيك حقل الألغام المزروع فى طريقهما. ولذا، فإن إنجاز نتنياهو هو إنجاز تكتيكى، فى حين أن استراتيجية أوباما ومفهومه العام لم يتغيرا قط. وما لم يقدمه نتنياهو فى سنة 2010 سيعود إلى مواجهته فى سنة 2011. إن ما يمكننى افتراضه هو أن نتنياهو حاول إقناع أوباما بأنه جاد ومتمسك بوعده فيما يتعلق بحل الدولتين لشعبيين، وربما يكون هذا هو السبب الذى جعل أوباما يغدق المديح عليه، كما أن نتنياهو أوضح لأوباما أنه سيكون من الأسهل عليه الاستمرار فى تجميد أعمال البناء فى المستوطنات إذا ما بدأت المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين قبل 26 سبتمبر المقبل (موعد انتهاء مفعول القرار الإسرائيلى القاضى بتجميد أعمال البناء فى المستوطنات)، ولم يكن من قبيل المصادفة أنه وبالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة لواشنطن عُقد اجتماع فى القدس بين وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك ورئيس الوزراء الفلسطينى سلام فياض لمناقشة احتمالات توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية ونقل مزيد من مناطق الضفة الغربية اليها. إن الاختبار الحقيقى لنتنياهو سيبدأ الأحد المقبل، بعد أن مر عام وربع عام على تسلمه مهمات منصبه رئيسا للحكومة الإسرائيلية والسؤال المطروح هو: ما الذى حققه كزعيم؟ إن ما نشهده خلال هذه الفترة الفائتة هو أن العالم كله أصبح ضدنا وأننا منينا بالفشل فى التعامل مع قافلة السفن التى كانت متجهة إلى غزة وعلاقاتنا مع تركيا آخذة فى التدهور أكثر فأكثر، فضلا عن أن نتنياهو لا يحظى بتأييد أعضاء حزبه وكبار وزراء حكومته وقد ارتكب خطأ كبيرا بضم طابور خامس مثل (وزير الخارجية) أفيجدور ليبرمان إلى حكومته. لكن نتنياهو الآن فى بداية طريق جديدة، وإزاء ذلك يتعين عليه أن يكون واعيا للمهمة التاريخية الملقاة على عاتقه، وفحواها التوصل إلى تسوية سلمية (مع الفلسطينيين)، إنه يدرك أنه ربما سيخسر موشيه يعلون فى حال مضيه قدما فى هذه الطريق، لكنه بالتأكيد سيحظى بتأييد حزب كاديما، فضلا عن تأييد معظم الشعب فى إسرائيل.