في تقرير لوكالة رويترز عن حركة حماس قالت فيه إنه ربما تكون حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) قد تجاوزت الأسوأ بعد أن صمد حكمها في غزة في وجه ثلاثة أعوام من الحصار الاقتصادي وحملة عسكرية إسرائيلية شاملة. فقد بدأت الحركة ترصد شروخا في السياسات الإسرائيلية والغربية التي جعلت حكمها لغزة مهمة صعبة. وما زالت حماس تواجه عداء إسرائيليا وعقوبات دولية ويكرهها خصومها الفلسطينيون وأبرزهم حركة فتح التي تسيطر على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وتبادلها حماس الشعور. لكن بالنسبة لحماس ومنتقديها أيضا في غزة يبدو أن الحركة صمدت في وجه أسوأ عاصفة فجرها صعودها إلى الحكم على مدار السنوات الأربع الماضية أولا من خلال صندوق الاقتراع ثم بقوة السلاح. ومن المنتظر أن يوفر قرار إسرائيل تخفيف الحصار عن غزة نوعا من الراحة الاقتصادية على الأقل وهو ما سيفيد حماس. وصاحب حكم الحركة ارتفاع في معدلات البطالة والفقر نتيجة الحصار. وعلى الرغم من أنه ليس الرفع الكامل للحصار الذي يسعى إليه الفلسطينيون، فإن حماس تعتقد أن القرار هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. واعتبرت الحركة القرار الإسرائيلي انتصارا ونتيجة لنهجها الذي لا يقبل بالتنازلات. وقال أيمن طه المسئول بحركة حماس في غزة إن الحركة أثبتت أنه لا يمكن اجتثاثها وأن إرادتها من حديد وأضاف أنه لو كانت أي دولة تعرضت لما تعرضت له حماس لكانت انهارت لا محالة. وبعد أن اكتسبت جرأة نتيجة الدعم المعنوي الذي تلقته في الآونة الأخيرة من دول مثل تركيا عضو حلف شمال الأطلسي يبدو أن حماس تزداد ثقة. وهي لا تظهر أي مؤشر على التزحزح عن مبادئها التي تسببت في عزلتها الدولية. فهي لن تعترف بإسرائيل أو تلقي السلاح أو توقع اتفاقات السلام التي أبرمها خصومها الفلسطينيون التي هزمتهم في انتخابات عام 2006 قبل أن تنتزع منهم السيطرة على قطاع غزة بالقوة بعد ذلك بعام ونصف العام. ومن غير المرجح أيضا أن تقدم تنازلات بشأن شروطها الخاصة بتبادل للأسرى مع إسرائيل أو في أي محادثات لتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة حكومة فلسطينية واحدة. وقال طه إن حركة حماس تعمل على تحقيق كل هذا لكن ليس بأي ثمن وأضاف أنها ليست ضعيفة ولا تقترب من أي قضية من منطلق موقف ضعف. وتحت حكم حماس بزغت غزة كدويلة يديرها الإسلاميون تطل على البحر ويفصلها عن قطاع غزة الجغرافيا والحكم والإيديولوجية. وتسيطر قوات الشرطة التابعة لها على الشوارع ويدير موظفوها الحكوميون الوزارات. وكان سداد رواتب موظفيها الحكوميين وعددهم 30 ألفا أحد التحديات التي واجهتها الحركة التي منعت من استخدام النظام المصرفي لأن الغرب يصنفها كجماعة إرهابية. لكن مراقبين في غزة يرون أن تكرار أزمات تدفق الأموال من وقت لآخر لن يزيح حماس عن الحكم. وينطبق هذا أيضا على التهديد المحدود الذي تمثله جماعات إسلامية تتبنى توجهات أكثر تشددا ظهرت في غزة في الأعوام الأخيرة. وقال عدنان أبو عامر وهو خبير في الحركات الإسلامية إن الوضع سيظل كما هو حتى إشعار آخر. ويرى طلال عوكل المعلق السياسي أن حماس مسيطرة تماما على الوضع في غزة. وقال طه إن المزيد من الدول التي قاطعت حماس بدأت تدرك حقيقة أن الحركة لن تختفي وإن كان القبول هو الاستثناء وليس القاعدة بالنسبة لحركة يشمل مؤيدوها الرئيسيون سوريا وإيران. وأضاف أن هناك اتصالات وأن بعض الدول ترفض الإعلان عن إجراء اجتماعات مع حركة حماس. وفي حين أن الولاياتالمتحدة ما زالت تقاطع الحركة فإن بعض القوى العالمية يسعدها الالتقاء بحماس علنا. واستقبل زعماء حماس في روسيا بالترحاب. وموسكو عضو بالمجموعة الرباعية التي كانت قد طالبت الحركة بأن تنتهج إستراتيجية أكثر اعتدالا تجاه إسرائيل. وتؤكد حماس أنها لم تخفف من حدة إستراتيجيتها تجاه إسرائيل على الرغم من التزامها بوقف لإطلاق النار لإعطاء سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة فرصة للتعافي من الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل قبل 18 شهرا واستمرت ثلاثة أسابيع. وتقول الحركة إنها يمكن أن تقبل بإقامة دولة فلسطينية على أراض احتلتها إسرائيل عام 1967 وهو الهدف الذي طالما سعت إليه المفاوضات التي خاضتها السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس. لكنها لن توافق إلا على "هدنة طويلة الأمد" رافضة التخلي عما تعتبره حق الفلسطينيين في الأرض التي قامت عليها دولة إسرائيل عام 1948 . ولا تريد حركة حماس التي تأسست قبل عقدين تكرار ما تعتبره الخطأ التاريخي الذي ارتكبته منظمة التحرير الفلسطينية حين اعترفت بإسرائيل في مستهل عملية السلام بالشرق الأوسط في التسعينات. ولكثير من الفلسطينيين يبدو "حل الدولتين" الذي تتصوره عملية السلام احتمالا بعيدا أكثر من أي وقت مضى. ويعزز وجهة النظر هذه الشقاق الإداري والأيديولوجي المتزايد بين الضفة الغربيةوغزة الذي يجعل من إعادة التوحيد احتمالا أكثر صعوبة. وقال كايد الغول ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في غزة إن حماس جعلت من نفسها سلطة كاملة في غزة وإنها مرت بأصعب مرحلة وأنها ترسخ نفوذها يوما بعد يوم. ويرى عوكل إن غزة في طريقها إلى أن تصبح كيانا وإن هذا المشروع يسير في اتجاه واحد بمعزل عن الضفة الغربية.