أصبح واضحا من مسيرة الاحداث ان حكومة حماس الانقلابية استمرأت ممارسة السلطة في غزة. انها وفي سبيل ضمان استمرارها في الحكم علي استعداد لقبول أي شيء. يأتي في مقدمة تحقيق هذا الهدف التنازل عن كل المباديء التي روجت لها بمواصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الاسرائيلي وجنوحها الي القبول بسياسة التهدئة التي تقضي بان يستمر كل شيء علي ما هو عليه بما في ذلك الحصار الخانق الذي يكتم انفاس الشعب الغزاوي وينغص ويصعب عليهم حياتهم المعيشية. لم يعد هذا الامر يهمهم ما مادام اعضاء الحركة يحصلون علي كل احتياجاتهم دون مشاكل ومادامت بقايا اموال الملالي التي يحصل عليها قادتهم القابعون في دمشق تنساب الي جيوبهم. انهم وفي سبيل اقامة حكمهم في غزة قرروا ان يضحوا بوحدة الارض والصف الفلسطيني دون اي مراعاة لاعلان اسرائيل المحتلة انها تحبز وتؤيد وتعمل من اجل تمزيق الوطن الفلسطيني واشعال الصراع بين اخوة هذا الوطن . لاجدال ان ذلك يخدم مصالحها ويعطيها مزيدا من الوقت لتكريس سياساتها الاستيطانية التوسعية علي الارض الفلسطينية. وللتملص من اي محاولات او جهود او وعود لتحقيق المصالحة الفلسطينية فان قادة حماس يتفنون في اختلاق مبررات التهرب من هذه المسئولية الوطنية. ان تمكسهم بهذه الاستراتيجية المفضوحة يتوافق تماما وتوجهات السياسة الاسرائيلية التي تتعامل معهم بسياسة العصا والجذرة من خلال الاتصالات السرية الجارية بشكل مباشر او عن طريق الوسطاء. هذا التوافق بين حماس واسرائيل هدفه حاليا هو تأمين الاحتلال الاسرئيلي مع تجنب اي عمل اجرامي اسرائيلي عسكري يمكن ان يهز عرش سيطرة الحركة علي الحكم في القطاع حتي لو كان ذلك علي حساب المتطلبات الوطنية . في هذا الاطار تستميت حماس في الدفاع عن سياسة التهدئة مع اسرائيل مبررة الترويج لها بالحفاظ علي أمن وسلامة ابناء غزة.. بينما هي في الحقيقة لا تسهتدف سوي الحفاظ علي سلطتها في حكم القطاع. ليس ادل علي هذه الحقيقة من هذا الذي تناقلته وسائل الاعلام بتوسع في الايام الاخيرة متعلقا بالخلافات وجلسات الجدل الدائرة بين قيادات حماس وباقي حركات الكفاح الفلسطيني المتحالفة معها وفي مقدمتها الجهاد والجبهة الشعبية . تقول التقارير الصحفية المنشورة ان هذه الخلافات تتركز حول الحصار الذي تفرضه حماس علي الحدود بين غزة ومناطق الاحتلال الاسرائيلي لمنع رجال المقاومة التابعين للحركات الفلسطينية الموجودة علي ارض غزة من القيام بأي أعمال مقاومة. وتقول صحيفة الشرق الاوسط السعودية اللندنية ان مصادر حماس اشارت الي ان هناك نقاشا بين حماس وهذه الحركات قالت وفقا لمزاعم حماس ان هدفه التوصل الي توافق وطني شامل لخدمة المصلحة الوطنية والتي تراها قيادات حماس تتجسد في استمرار التهدئة مع اسرائيل. ووفقا لما جاء في تقرير الصحيفة من غزة فقد احتد النقاش بين حماس وممثلين للجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية علي ضوء الحظر الذي تقرر فرضه علي العناصر التابعة لهاتين الحركتين تجنبا لأي تصعيد في المواجهة والصدام . وانطلاقا من تصاعد هذا الخلاف فان مصادر فلسطينية تقول ان حماس تواجه صعوبات كبيرة في اقناع الفصائل المتحالفة معها للقبول بالتهدئة .. وتبرر حركتا الجهاد والجبهة الشعبية موقفهما بان ما تطالب به حماس غير مقنع خاصة ان الاحتلال الاسرائيلي مستمر في قتل واعتقال الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. وفي اطار اجراءات حماية حدود غزة مع اسرائيل من اي اختراق او عمل عسكري من جانب حركات المقاومة الفلسطينية الاخري فقد نشرت حماس مجموعات تابعة للامن الداخلي بلباس مدني بموافقة اسرائيل من أجل التصدي لأي عمليات عسكرية او اي اطلاق للصواريخ في اتجاه اسرائيل. هذا الذي يحدث علي الساحة في غزة حاليا يؤكد عدم مصداقية ادعاءات حماس حول النضال والمقاومة وان اهم ما تحرص عليه حاليا هو ان يبقي الحال علي ما هو عليه . انها تسعي تحت غطاء الخداع والتضليل الي تهيئة مناخ أمني هادئ يضمن عدم المساس بسلطتهم في حكم غزة .