رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    مصر وكوريا الجنوبية توقعان مذكرتي تفاهم في التعليم والثقافة    أسعار الدولار مساء اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    استشهاد 4 فلسطينيين في قصف على خانيونس.. وحماس تتهم إسرائيل بتوسيع المنطقة الصفراء    بتروجيت: مفاوضات انتقال حامد حمدان إلى الزمالك "محلك سر"    ضبط قائد دراجة نارية اصطدم بسيدة أثناء عبورها الطريق بالإسكندرية    الكشف عن 225 تمثالًا بمنطقة صان الحجر الأثرية في الشرقية    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    إصابة عدد من الفلسطينيين بعد هجوم مستوطنين على قرية بشمال الضفة الغربية    بعد قرعة الملحق الأوروبي.. جاتوزو يحذر من أيرلندا الشمالية ويكشف مشكلة كييزا    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    الإحصاء: 2.4 مليار طفل حول العالم عدد السكان الأقل عمرًا من 18 سنة    افتتاح مدرسة إصلاح إدريجة للتعليم الأساسي بتكلفة 6.5 مليون جنيه بكفر الشيخ    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    جامعة القاهرة تستقبل الرئيس الكوري لي جاي ميونغ لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي    عراقجي: اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية لم يعد ساريا    وزير الشباب والرياضة يستعرض مستهدفات المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    تطورات جديدة في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال تطهير شنايش الأمطار ببورسعيد    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    بعد فرض رسوم 5 آلاف جنيه على فحص منازعات التأمين.. هل تصبح عبئا على صغار العملاء؟    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجليات العبث الإسرائيلى فى ديارنا
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 04 - 2009

لسنا بحاجة إلى سيناريو «المؤامرة» لكى نتتبع تجليات الاختراق والعبث الإسرائيليين فى دول المنطقة. فالوثيقة التى تسربت حول الشهادة المثيرة التى أدلى بها المسئول الأمنى الأول فى الدولة العبرية تسلط أضواء كافية على تدابيرهم ومخططاتهم، تغنينا عن الاجتهاد والتخمين فى الموضوع.
(1)
أول الكلام كان عن حظوظ مصر من تلك التدابير، وهو ما عرضته فى الأسبوع الماضى بما تضمنه من معلومات خطيرة وإشارات صادمة ومحيرة. ولأن الحديث كان عن استراتيجية الدولة العبرية فى المنطقة، فقد تبقى منه جزء ثان عن بقية الدول التى تناولتها محاضرة آفى ديختر رئيس «الشاباك» السابق «جهاز أمن الدولة الإسرائيلية» الذى صار وزيرا للأمن الداخلى فى حكومة إيهود أولمرت. وهو فى منصبه الأخير أدلى بشهادته أمام الدارسين فى معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى. كنت قد وعدت بعرض ذلك الجزء الثانى الذى يخص الدول الأخرى هذا الأسبوع، وهذه خلاصة لكلامه، حيث اضطررت لاختصار بعض المعلومات التفصيلية، لاعتبارات تتعلق بالحيز لا أكثر.
فيما يخص الساحة الفلسطينية قال ديختر إن إسرائيل استخدمت فيها كل الخيارات. فخيار القوة مشهور ومعلوم للكافة. أما الخيار الثانى الذى لجأت إليه فيتمثل فى السعى المستمر لتعميق الصراع بين الفصائل الفلسطينية وبين السلطة التى أفرزتها اتفاقية أوسلو 1993. وذكر فى هذا الصدد أنه حين كان رئيسا للشاباك، شارك فى إعداد الحملات والملاحقات ضد ما أسماه «المنظمات الإرهابية»، التى قامت بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خاصة جهاز الأمن الوقائى.
وقال صراحة إنه فى تلك المهمة وجد تعاونا على أوسع نطاق من محمد دحلان مسئول الأمن فى غزة، وجبريل الرجوب الذى كان مسئولا عن الأمن فى الضفة!!. وحسبما ذكر فإن تلك الحملات أدت إلى إفشال مئات العمليات «التخريبية». كما أدت إلى اعتقال العشرات من قيادات وكوادر تلك المنظمات، وأسهمت فى وصول اليد الإسرائيلية إلى قيادات مهمة مثل المهندس يحيى عياش والدكتور عبدالعزيز الرنتيسى والشيخ أحمد ياسين وأبوشنب وأبوعلى مصطفى وغيرهم.
تباهى ديختر بأن الصراع الذى دارت رحاه بين حركتى حماس وفتح كان نتاج سياسة إسرائيلية محكمة. وقال إن ثمة عوامل ساعدت على إنجاح ذلك المخطط، منها مثلا إدراك الجهات المعنية فى إسرائيل لعمق العداء لحركتى حماس والجهاد، بين قادة المؤسسة الأمنية الفلسطينية (ذكر محمد دحلان وتوفيق الطيراوى مسئول المخابرات) ومعهما بعض قيادات السلطة وفتح. وهو العداء الذى ظهر جليا بعد رحيل أبوعمار. من تلك العوامل أيضا شعور قادة الأجهزة الأمنية بأن تنامى حركة حماس يشكل تهديدا وجوديا لهم، واقتناعهم بضرورة حسم هذه المسألة خصوصا بعدما تولى أبومازن رئاسة السلطة..
وأضاف فى هذا الصدد أن تيار الحسم الذى يستهدف قمع حركة حماس وإقصاءها لقى تأييدا ماليا وسياسيا ومعلوماتيا ليس من إسرائيل وحدها، وإنما أيضا من الولايات المتحدة والرباعية الدولية. وخلص الرجل إلى أن استمرار الصراع فى الساحة الفلسطينية يحقق مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى، وأن القضاء على حماس والجهاد يظل هدفا استراتيجيا ينبغى ألا تتوقف مساعى تحقيقه بكل السبل.
(2)
فى شهادته اعتبر ديختر أن لبنان «أكثر بيئة إقليمية تفرض التحدى الاستراتيجى على إسرائيل». وقال إن خيار القوة استخدمته إسرائيل مع حزب الله فى عام 2006، وعدم نجاحها فى تلك الجولة لا يعنى استبعاد ذلك الخيار، الذى سيظل قائما والاستعداد له مستمر بوتيرة عالية. فى الوقت ذاته فإن إسرائيل لم تتوقف عن السعى لإحداث الاضطراب وتعميق الشقاق فى الساحة اللبنانية. وقد حققت فى ذلك نجاحات عدة، منها مثلا أنها استطاعت خلق بيئة معادية للمنظمات الفلسطينية «توجت» باندلاع الحرب الأهلية عام 1975. فى هذا الصدد أشار إلى التنسيق الذى قام بين إسرائيل وبين بعض القوى اللبنانية فى تلك الحرب. حيث زودت إسرائيل تلك القوى بالسلاح والأموال، بموافقة رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين ووزير الدفاع شمعون بيريز.
ومن هذه النقطة استطرد قائلا إن المجهودات الإسرائيلية الاستخباراتية داخل لبنان والسياسية فى المحافل الدولية. هى التى أجبرت السوريين على الانسحاب من لبنان.
الدور الإسرائيلى فى إيجاد بيئة معادية للمنظمات الفلسطينية فى السبعينيات تكرر مع حزب الله، الذى بذلت الأجهزة الإسرائيلية جهدا خاصا لتشويه صورته وحصاره ومحاولة استنزافه وتمزيق قوته.. وهى فى ذلك تخوض حربا سرية لم تتوقف ضد الحزب بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. حيث تقوم بحشد المنظمات وإقامة المعسكرات للفرق التى تلتقى مع البلدين حول هدف التخلص من «خطره». وتحدث فى هذا السياق عن معسكرين لم يفصح عنهما تتطلع إسرائيل إلى مساندتهما وتعظيم قوتهما فى لبنان، لكسب المواجهة الحاسمة ضد حزب الله.
بالتوازى مع ذلك أضاف صاحبنا أن إسرائيل تجرب مع الولايات المتحدة محاولة اختراق الساحة اللبنانية وزرع الاختلالات فيها، لتعميق النزاعات السياسية والمذهبية والطائفية، وقطع الطريق أمام تحقيق التوافق بين القوى السياسية، ومن ثم استمرار إذكاء العداء لحزب الله ولسوريا وإيران.
أما سوريا فمن رأيه أنها غير جادة فى التوصل إلى سلام مع إسرائيل، وأن أولمرت اعتبر أن التفاوض معها يخدم خيارات إسرائيلية فى التعامل مع كل من إيران وحزب الله، وهو ما لم يؤيده ديختر الذى ذكر أن خيار استخدام القوة ضد سوريا يؤيده قطاع عريض من القيادتين السياسية والعسكرية.
إلى جانب ذلك اعتبر أن ثمة خيارات ثلاثة متاحة فى الوقت الراهن للضغط على سوريا، أولها استراتيجية «شد الأطراف» التى كانت مطبقة منذ الخمسينيات، وبمقتضاها لعبت تركيا دورا مهما فى الضغط على سوريا، ولكن بعد التحسن الذى طرأ على علاقات أنقرة ودمشق خلال السنوات الأخيرة، فمن الممكن أن يقوم الأكراد بهذا الدور. وهو ما سعت إليه إسرائيل خلال السنوات الخمس الأخيرة، حين بذلت جهودا حثيثة لتشجيع الأكراد على إقامة كيان خاص بهم فى شمال العراق، أصبح الآن دولة من الناحية العملية، معتبرة أن الدور الكردى فى الضغط على سوريا يمكن أن يعوض الدور التركى.
الخيار الثانى يتمثل فى استخدام الساحة اللبنانية للضغط على سوريا، وحسب كلام ديختر فإن لإسرائيل أصدقاء فى لبنان على استعداد للقيام بهذا الدور، لكنهم لا يريدون الكشف عن العلاقات التى تربطهم بتل أبيب، التى تحرص على استثمار موقف أولئك الأصدقاء بالتعاون مع الولايات المتحدة.
الخيار الثالث يكمن فى التعامل مع المعارضة السورية، وتكرار تجربة إسرائيل مع المعارضة العراقية، حين ساندتهم سياسيا ووفرت لهم الدعم المالى الأمريكى كما دربتهم عسكريا، وهو نفس الأسلوب الذى اتبع مع بعض القوى المعارضة فى السودان ولبنان.
فى ختام هذه النقطة قال ديختر إن «شد أطراف» الساحة السورية أمر ميسور، وإن هناك منافذ عدة تحقق ذلك الغرض، عبر الأردن ولبنان وكردستان العراق.
(3)
المعادلة الحاكمة لموقف إسرائيل الاستراتيجى من العراق تنطلق من الحرص على تقويض مظان القدرات العربية فى دولها الرئيسية، من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومى الإسرائيلى. هذه كلمات ديختر التى أضاف عليها أن العراق لا ينبغى أن يعود إلى سابق عهده وقوته، بحيث يصبح دولة مواجهة ضد إسرائيل وصاحبة دور على الصعيدين العربى والإقليمى، وهم يعولون كثيرا على الأكراد الذين يحتفظون معهم بعلاقات تاريخية وثيقة منذ السبعينيات، ولكنهم لا يريدون الاكتفاء بما يمثلونه من ضمانة لهم فى شمال العراق، ولكنهم يتطلعون إلى توفير تلك الضمانة فى بغداد ذاتها، حيث تحاول الأجهزة الإسرائيلية نسج علاقات مع بعض النخب السياسية والاقتصادية تستهدف إبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية المشتبكة على إسرائيل، فى هذا الصدد ذكر الرجل أن تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية من تكريس وإدامة تحييد مصر.
فيما يخص مراهنتهم على الأكراد، ذكر ديختر أن ثمة التزاما من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط نقل النفط من كركوك إلى حيفا عبر الأردن، الذى نوقش مع مسئوليه. وإذا ما تراجع الأردن فهناك البديل التركى، أى مد خط كركوك من كردستان إلى تركيا ثم إسرائيل، وهذا المشروع تمت دراسته لتوصيل أنابيب المياه والنفط مع تركيا ومن تركيا إلى إسرائيل.
حين تطرق الرجل إلى إيران، فإنه اعتبرها «أكثر الساحات تهديدا لإسرائيل وتصديرا للتحديات». وقال إن الحل الأمثل هو تقويض النظام القائم فى طهران واستبداله بنظام علمانى يستطيع أن يتفاهم مع الولايات المتحدة وإسرائيل. لذلك فإنه انحاز إلى فكرة العمل العسكرى الذى يستطيع أن يحقق هذا الهدف، وإلى جانب ذلك هناك خياران آخران هما: أولا الضغط على إيران من خلال الوجود الأمريكى فى العراق، ودعم منظمة مجاهدى خلق، واستخدام النفوذ الأمريكى فى الخليج، وتطويق إيران من خلال الدول المحيطة بها. أما الخيار الآخر فيتمثل فى تفكيك الدولة الإيرانية التى تضم عربا وأكرادا وبلوشا وفرسا وأتراكا.. إلخ وهذه مهام لن تتحقق لها الفاعلية المطلوبة إلا إذا شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل جاد.
فى رأيه إن لدى إسرائيل معلومات تشير إلى أن إيران قد تنتهى من صنع أول رأس نووى فى العام الحالى (2009)، كما أنها حصلت من روسيا على منظومة متطورة جدا مضادة للجو، وهى أمور ينبغى ألا تسكت عليها إسرائيل، التى ينبغى أن تتحرك لمواجهتها بحزم وسرعة.
(4)
ختم ديختر محاضرته بحديث عن السودان، كنت قد أشرت إلى بعض جوانبه فى مقال سابق، وقد لخص رؤيته فى أن السودان ينبغى ألا يصبح قوة مضافة للعالم العربى. ونقل عن بن جوريون وغيره من الآباء المؤسسين للدولة العبرية قولهم إن إضعاف السودان يجب أن يتم من خلال تشتيت جهوده وتبديد طاقاته، وهو الموقف المبدئى الذى دفع تل أبيب إلى تكثيف أنشطتها فى الجنوب وفى دارفور وتتطلع إلى إثارة القلاقل فى بقية أنحاء السودان، وحسب تعبيره فإن هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف فى السودان، بما يؤدى إلى استقلال الجنوب فيه، وإقليم دارفور على غرار استقلال كوسوفو، وبالتالى يتم تقسيم البلد إلى عدة كيانات ملثما حدث مع يوغوسلافيا التى انقسمت إلى ست دول. وهذا المخطط ماض فى طريقه بنجاح، ستكون أولى ثمراته إعلان استقلال الجنوب قبل موعد إجراء الاستفتاء على ذلك فى عام 2011.
ثمة أسئلة عديدة تلح على المرء وهو يستعرض هذه المعلومات منها مثلا: هل هناك أحد فى العالم العربى يفكر فى هذه الأمور، وهل هناك تشاور من أى نوع بين أركانه حول كيفية التعامل مع العبث الإسرائيلى الذى لايزال يرى أن إسرائيل لن يهدأ لها بال، إلا إذا تم إنهاك وتفكيك العالم العربى وتدمير القوة الإيرانية لست واثقا من وجود رد إيجابى عن هذه التساؤلات، الأمر الذى يدفعنى إلى تخفيض سقف التوقعات والاكتفاء بإبلاغ القارئ، لكى يكون على وعى بما يحيط به. والأمر متروك له بعد ذلك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.