باقي 9 أيام.. جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    المستشار محمود فوزي يكشف موعد الانتهاء من قانون الإيجار القديم (فيديو)    وزير الشؤون النيابية يكشف حقيقة "حظر النشر" في قانون الإيجار القديم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة    في تصعيد استعماري خطير... الاحتلال يقرر استئناف تسوية الأراضي بالضفة    ترامب يصف الحرب على غزة بالوحشية    استشهاد 12 شخصا بينهم 4 أطفال بغارة إسرائيلية على خيام للنازحين في خان يونس    بولندا: العالم ينتظر قرارا بشأن وقف إطلاق النار فوراً في أوكرانيا    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    الوداد المغربي يفشل في الصعود لدوري أبطال إفريقيا الموسم المقبل    مصدر ليلا كورة: صبحي تعافى من الإصابة وجاهز لمباراة بيراميدز    وعكة صحية مفاجئة بسبب الضغط.. أمين صندوق الزمالك يطمئن الجماهير على لبيب    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    طقس متقلب يضرب أسيوط.. والمحافظة ترفع درجة الاستعداد- صور    مصوغات ذهبية و15 طعنة.. كشف غموض مقتل طالب في بني سويف    يارا السكري تكشف كواليس دورها في مسلسل فهد البطل.. ماذا قالت؟    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    كيف تأثرت الموانئ اليمنية بالقصف المتكرر؟    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    اختفاء فتاتين في ظروف غامضة بالإسماعيلية.. والأمن يكثف جهوده لكشف ملابسات الواقعة    اعترافات صادمة لسائق بسوهاج: سكبت البنزين وأشعلت النار في خصمي بسبب خلافات عائلية    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (تفاصيل)    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    محمد شيكا يتصدر.. ترتيب هدافي دوري المحترفين بعد نهاية الجولة ال 35    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 12 مايو 2025    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    إنتر يترقب.. موقف صراع الدوري الإيطالي بعد تعادل نابولي    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    ينظم سكر الدم.. احرص على تناول هذه المشروبات    القولون العصبي في موسم الامتحانات.. راقب هذه الأعراض    نيللى كريم تشعل أجواء حفل ختام أسبوع القفطان بصحبة حاتم عمور.. فيديو    النائب عصام خليل: أتوقع حدوث نزاعات قضائية حال عدم تعديل مشروع قانون الإيجار    أخبار × 24 ساعة..حقيقة إلغاء الصف السادس الابتدائى من المرحلة الابتدائية    شباب من "أبو عطوة" بالإسماعيلية يطلقون مبادرة شعبية لمواجهة خطر المخدرات    تقى حسام: محظوظة بإنى اشتغلت مع تامر محسن وأول دور عملته ما قلتش ولا كلمة    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    عالم أزهري يكشف سبب السيطرة على التركة من الأخ الأكبر وحرمان الإخوة من الميراث    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة العلمانية الإسلامية
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 04 - 2009

الجدل بشأن العلاقة بين الدين والدولة رهن بالتاريخ وتأثير الغرب المستعمر.
منذ 90 عاما مضت، تأسس فى مصر حزب سياسى جديد، هو حزب الوفد. وقام الحزب العلمانى، كما عُرف فى البداية، تحت شعار: «الدين لله، والوطن للجميع». ولم يعارض الحزب العلمانى الدين فى حد ذاته، بل كان يعترض على استغلال ملك مصر للدين لتأكيد سلطته.
واليوم، لا يتصور أحد فى مصر أو فى أى بلد عربى آخر أمرا كهذا، وسيكون من الحماقة أن يعلن أحد قيام حزب سياسى بهذا الاسم أو بهذا البرنامج. وخلال العقود الأخيرة، أصبحت العلمانية كلمة قذرة، وأُحكم إغلاق باب الجدل تماما بشأن فصل الدين عن الدولة وهو شرط ضرورى إذا ما كان للحرية أن تزدهر فى الشرق الأوسط.
وكانت أوروبا قد شهدت، بالطبع، صراعا بين الدولة والكنيسة، تأجج لقرون. وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك بقايا للروابط القديمة من يجلس على عرش بريطانيا هو أيضا رئيس الكنيسة الإنجيليكانية، على سبيل المثال وجيوب للمقاومة هنا وهناك، فقد استقر الأمر بالحسم لصالح العلمانية.
على أننا نرى وضعا معكوسا فيما يتصل بالإسلام. وفى البلاد العربية، كما كنت قد أشرت من قبل، فإن الصلة بين الدولة والدين مقبولة فى كل مكان تقريبا. وهناك خلافات فى الرأى حول مقدار هذه الصلة، لكن المبدأ نفسه نادرا ما يطرح للنقاش.
وأحد الأسباب، كما يرى هيرمان دو لى، هو أن التاريخ لم يقد المسلمين إلى الربط بين العلمانية والحرية، كما يفعل الأوروبيون عادة، وإنما ربطوا بينها وبين الاستعمار والهيمنة الأجنبية: نبذ العلمانية هذه الأيام، على مستوى الخطاب المسلم السائد على الأقل، يضرب بجذوره التاريخية فى الاستعمار الغربى والإمبريالية فى القرنين التاسع عشر والعشرين.
فالمسلمون فى ذلك الوقت واجهوا العلمنة السياسية المفروضة من جانب القوى الأوروبية. وفى البلاد الأوروبية نفسها كانت للعلمانية آثار تحريرية (تحرير المجتمع وعقل الإنسان من القيود العقائدية والمؤسسية للكنيسة). وعلى عكس هذا، تعززت العلمانية فى المستعمرات والمحميات كسلاح عقائدى فى وجه الإسلام بهدف قمع التطلعات القومية أو السياسية للطوائف المسلمة.
وكانت علمنة كمال الدين أتاتورك النشطة فى العشرينيات عاملا آخر. وكان لإلغائه الخلافة الإسلامية، التى كانت تركيا مقرها آنذاك، فى عام 1924، أثر الصدمة فى العالم الإسلامى، وادعى العديد من الزعماء العرب أحقيتهم فى اللقب ومن بينهم فؤاد الأول ملك مصر.
لكن، فى 1925، أثار أحد القضاة الشرعيين المصريين، هو الدكتور على عبدالرازق، ضجة بإصداره كتابا بعنوان «الإسلام وأصول الحكم»، يتبنى الفصل البين بين الدين والدولة. وعارض عبدالرازق مساعى الملك لكى يصبح خليفة لكنه صاغ فكرته بعناية، بحيث لا يهاجم العرش المصرى مباشرة: بدلا من القول بأن الملك لا يستحق الخلافة قال إن الخلافة ليست من الإسلام. فلا سند لها فى الدين، على حد قوله، وكانت فاسدة ومخالفة لرسالة النبى.
لكن قضية عبدالرازق كانت لها تداعياتها. وقال لأحد مجادليه:
إن النقطة الرئيسية فى الكتاب.. هى أن الإسلام لا يقرر نظاما «سياسيا» محددا، ولا هو يفرض على المسلمين نظاما معينا لحكم المسلمين؛ هو يعطينا، بالأحرى، حرية تنظيم الدولة وفقا للأوضاع الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التى نتواجد فيها، آخذين فى الاعتبار التطور الاجتماعى ومتطلبات العصر.
ولتقديمه ما أطلق عليه «نسخة كلاسيكية من الفكر المصرى الليبرالى الحديث»، اتُهم عبدالرازق بالإلحاد وتعرض للهجوم من جانب علماء الأزهر، أقدم جامعات العالم الدينية. وقد جُرد من لقبه الدينى وأُبعد عن منصبه كقاض شرعى. ومنذ ذلك الحين، اكتسبت «العلمانية» معانى بالغة السلبية فى عقول المسلمين العاديين وهو وضع يرده فوزى النجار، الأستاذ الفخرى بجامعة ولاية ميتشيجان ،إلى نجاح الإسلاميين فى وصم المسلمين الذين يدعون إلى فصل الدين عن الدولة بالهرطقة والردة.
ومن الحالات المشهورة فى هذا الصدد حالة فرج فودة، العلمانى المعروف الذى سخر من كثير من القادة الإسلاميين فى مصر بشدة. ففى 1992، اتهمته مجموعة من مدرسى الأزهر، الذين شكلوا لجنة لمواجهة «أعوان الشيطان»، بالكفر. وبعد ذلك بخمسة أيام، اغتيل فودة على يد عضوين ينتميان إلى إحدى الجماعات المسلحة، هى الجماعة الإسلامية. وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين ترحيبها بمقتله. وأثناء محاكمة قاتليه، قال أحد رجال الأزهر فى المحكمة إن عملهم له ما يبرره بعد أن فشلت السلطات فى محاكمة فودة على تجديفه.
أما القضية الملفتة الأخرى فكانت قضية نصر حامد أبوزيد، الذى كان يدرِّس الأدب العربى فى جامعة القاهرة. وكان يناقش، من بين أشياء أخرى، كيف استغل الرؤساء المصريون الخطاب الدينى فى خطاباتهم للظهور على غير حقيقتهم «كيف يبدأ الرئيس خطاباته وينهيها باستشهادات من القرآن، ويقدم نفسه بوصفه المهدى، أو الإمام».
وفى 1992، تقدم أبوزيد لشغل إحدى الوظائف الجامعية، ونظرت لجنة أكاديمية فى ثلاثة تقارير عن أعماله. وكان اثنان من التقارير فى صالحه لكن الثالث، الذى أعده أحد الإسلاميين، هو الدكتور عبدالصبور شاهين، شكك فى استقامة معتقدات أبوزيد الدينية وادعى أن بحثه يحوى «إهانات للمعتقدات الإسلامية». ورفضت اللجنة ترقيته بسبعة أصوات مقابل ستة.
وقد طارد الإسلاميون، الذين لم يسعدهم هذا، أبوزيد فى المحاكم ونجحوا فى الحصول على حكم بالتفريق بينه وبين زوجته باعتباره مرتدا. وخوفا على سلامته، رحل أبوزيد عن البلاد.
ويجىء انهيار العلمانية المسلمة كنتيجة لصعود الحركة الإسلامية والصحوة الإسلامية العامة التى تجتاح الشرق الأوسط منذ ستينيات القرن الماضى. وتمثلت اللحظة الحاسمة فى الهزيمة المذلة على يد إسرائيل فى 1967 التى أثرت فى مصداقية القومية العربية، وهى حركة علمانية نسبيا. ثم جاءت الثورة الإيرانية، وانسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان بفضل المجاهدين، لتؤكد الاعتقاد بأن الله يقف إلى جانب المسلمين، وأنهم لا يقهرون وهى فكرة تعززت فيما بعد بانسحاب إسرائيل من لبنان 2000 واعتداءات إسرائيل العقيمة على لبنان فى صيف 2006 وغزة فى وقت سابق من هذا العام.
ويضاعف من هذا شعور سائد ولا أساس له بأن المسلمين محاصرون من الغرب. ويكون الرد، فى كثير من الحالات هو أنهم هم الذين يختارون التقوقع، طلبا للراحة واليقين اللذين يوفرهما الدين مصحوبا برفض ما يعتبر، بصورة خاطئة فى الكثير من الحالات، أفكارا وقيما «غربية»، بما فى ذلك العلمانية.
لكل هذه الأسباب فإن من العسير اليوم الخوض فى الجدل الحساس حول الدولة والدين فى المجتمعات المسلمة. لكن إذا أرادت هذه المجتمعات الوصول إلى نظم سياسية، يشارك فيها الناس بحرية كمواطنين ناضجين وفاعلين، فلابد من فتح باب الحوار مرة أخرى. والسؤال هو: كيف؟
من الهيرالد تريبيون
New York Times Syndication


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.