بمزيد من الثقة يمكن أن أؤكد أن فيلم الثلاثة يشتغلونها كان من الممكن أن يكون الحصاد الممتع للبداية السينمائية الصيفية حتى الآن فقد اجتمعت فيه عناصر كثيرة مبهرة وأولها الفكرة التى قدمها المؤلف يوسف معاطى وليس آخرها أداء ياسمين عبدالعزيز وتحكم المخرج على إدريس فى كل عناصر العمل لكن للأسف وكالعادة دائما ما نكتفى بالاهتمام بالاطار دون المحتوى فتخرج بضاعتنا معيوبة وفى الثلاثة يشتغلونها هناك إدراك حقيقى للمؤلف يوسف معاطى لما يعانيه الشعب المصرى كله أو بالأحرى إن جاز لى التعبير ما تعانيه مصر كلها فنحن ومن قبلنا نجيبة تلك الفتاة التى ادت شخصياتها ياسمين عبدالعزيز تتقطع اوصالنا ونحتار بين سحر المال وسلطانه الذى يتحكم فى احوالنا وتسطع فيه أسماء وأخبار رجال الأعمال أكثر بكثير من سواهم وبين شهوة السلطة واجتياح وكثرة الحركات السياسية البديلة التى تسطع مرة وتختفى مرات تعطينا الأمل ثم تسحبه تحت وطأة الخلافات أحيانا وسيطرة المصالح فى أحيان أخرى، وبين السطوة الدينية والمظاهر التى تسيطر علينا باسم الدين. هذا المثلث الذى واجهته نجيبة الطالبة المتفوقة التى تخرج إلى العالم الحقيقى بروح مثالية بعد أن لقنت طيلة حياتها بما أرادته الوزارة فى كتبها التى حفظتها نجيبة بكل ما فيها حتى رقم الإيداع وهو ما جعلها الأكثر تفوقا فحصلت على 101% استحقت بها أن تكون الأولى على الجمهورية ومكالمة وزير التربية والتعليم ولقاء فى صباح الخير يا مصر ليس له معنى فبراءتها وجهلها معلومة تأكدت لنا منذ البداية هذا المثلث يجبرها على أن تتلون فى كل مرة ومع كل تيار يجتاحها بلون هذا الاتجاه فتجدها فتاة «روشة» عندما تتعرض لعالم الأثرياء الجدد الذين يتخرجون فى سجن المزرعة ويفخرون بذلك وتصبح «ثائرة» بمفردات شكلية لليسار عندما يهيمن على تفكيرها أحد أفراد حركة «خنقتونا» السياسية شكلا التى تنظم المظاهرات السلمية يوم السادس من ابريل عفوا السادس من فبراير! فى حين ترتدى الخمار وتتحدث باللغة العربية الفصحى عندما يتم توجيهها من أحد الدعاة الجدد الذين صبغهم السيناريو بصبغة معاصرة يهتم بالمادة اكثر من اى شىء يقول ما لا يفعل. هذه الحيرة لم تلق بظلالها على نجيبة وحدها ولكن تؤثر على المستقبل ايضا الذى يتأثر من خلال التلاميذ الصغار الذين يتحولون فى كل مرة هم أيضا فى مشاهد فنتازية وعلى أهاليهم الذين يلجأون دائما إلى وزارة التربية والتعليم التى يمثلها الفنان لطفى لبيب والذى يفاجأ دائما فى كل مرة بتغيير جديد وهذه التغييرات فى السلوك تذكرنى بتغييرات المصطلحات التى كانت تتداول فى كل مرحلة جديدة مثل «الشفافية» و«المواطنة» و«الخروج الآمن». ونعود إلى السيناريو الذى شابه بعض الترهل ربما بسبب القالب الكوميدى الذى وضع فيه المؤلف فكرته فبدأت مشاهد دخيلة تتسرب إلى الفيلم مثل مشاهد الأم والأب فى غرفة النوم وهو المشهد الذى أداه صلاح عبدالله وهالة فاخر وكذلك مشهد الحفل الصاخب فى فيللا الطالب الثرى الذى استغل نجيبة وغيرها من المشاهد اضافة إلى اقحام بعض الأفكار الخاصة بالخصخصة من جهة وتعدد الزوجات من جهة ثانية بخلاف بعض الإفيهات اللفظية المكررة فى بعض الأحيان. أما ياسمين عبدالعزيز فتخطو بثقة إلى عالم الكبار واصبحت مهيأة جدا لتواصل المسيرة وفى الفيلم أشعر أن ياسمين قد اجتازت مرحلة الضحك للضحك بسرعة أكبر من كوميدى محترم هو أحمد حلمى الذى قدم ثلاثة أفلام أو أكثر لتخطى هذه المرحلة قبل أن يصبح رقما مهما فى العملية السينمائية وهى خطوة أصبحت ياسمين قريبة جدا منها فى الفيلم شعرت أنها هضمت الحكاية وبذلت مجهودا كبيرا تستحق عليه الثناء لكنى أيضا أشعر أن الخوف على شباك التذاكر جعلها تصاب بتلبك معوى فوقعت فى فخ الاستظراف فى بعض الأوقات، أما على إدريس فقد كان موفقا إلى حد كبير فى السيطرة على أداء ممثليه ولكنه هو الآخر استسلم لسلطان شباك التذاكر وأعتقد أن الفيلم وصناعه كانوا فى حاجة إلى مزيد من الثقة فى أن الفكرة وحدها بعيدا عن مكسبات الضحك كانت كفيلة بنجاح التجربة. نهاية الفيلم أعطتنا أملا بأن النجيبة سوف تجد من يحترمها ولا يشتغلها وكان ذلك هو النجم أحمد عز الذى يعد أملا جيدا وأتمنى ألا يكون للنجم المحبوب موجود لتشابه الأسماء مع سميه السياسى. الحگاية تدور أحداث الفيلم حول الطالبة المثالية نجيبة متولى الفولى التى حصلت على مجموع 101% فى الثانوية العامة لتصبح الأولى على الجمهورية وتلتحق بكلية الآثار وينصحها والدها باستكمال تفوقها فى الوقت الذى تنصحها فيه والدتها بالبحث عن عريس ثرى وبالفعل تبحث عن عريس ثرى فتجد ابن أحد الأثرياء معها فى نفس السنة الدراسية ويدعى نبيل ولكنه لا يحب مظهرها وينصحه أحد أصدقائه بالتقرب من نجيبة حتى يستطيع تجاوز الامتحانات التى يفشل فيها دائما وبالفعل يتقرب منها ويوهمها بأنه يحبها حتى يستطيع تبديل ورقة الإجابة وينجح هو وتسقط نجيبة التى تكتشف أنه كان يستغلها فتضربه ويتم القبض عليها لتلتقى فى قسم الشرطة بشاب يسارى كان يريد الحصول على إذن بالتظاهر فيتعرف عليها ويستقطبها ويغير مفاهيمها فتتحول إلى اليسار ولكنها تكتشف ثراءه من خلال السيارة الفارهة التى يقودها وتكتشف زيف مبادئه عندما يقبض عليها فى مظاهرة فيتخلى عنها وينكر معرفته بها وأثناء وجودها فى الكلية تتعرف على فتيات محجبات يقودونها إلى حيث الداعية الإسلامى الشاب الذى يسيطر عليها من خلال أفكاره هو الآخر ويستقطبها لتعمل مذيعة فى القناة الفضائية التى يملكها ويعرض عليها الزواج رغم أنه متزوج من اثنتين وأثناء دراستها فى كلية الآثار تقوم بتحطيم التماثيل الموجودة فى فناء الكلية فيتبرأ منها الداعية الاسلامى الشاب ويرفدها من القناة لتصاب مرة بخيبة أمل لكن فى نهاية المطاف تجد من يعوضها خيرا عن كل الذين اشتغلونها.