اتابع النجمة ياسمين عبدالعزيز منذ ظهورها كوجه جديد وحتي فيلمها الاخير »الثلاثة يشغلونها« وهي نوع جديد من الممثلات اللاتي يجدن الاداء الشامل من رقص وتمثيل وغناء حيث تمتلك حضورا قويا يخطف العين امام الكاميرا وهي في نفس الوقت تتمتع بذكاء شديد في اختيارها لادوارها حيث تختفي وتعود من جديد بعمل يضعها في مكانة مميزة وهو الشيء الذي لا تفعله غيرها من الممثلات من ابناءالجيل الحالي الذين لايملكون طموح النجومية مثلها. وانطلاقا من هذا الذكاء والدقة في الاختيار نجحت ياسمين عبدالعزيز في توظيف موهبتها من اجل ان تنتزع لنفسها مكانة لها بريق ولمعان في مجال العمل الكوميدي وهو اصعب انواع الكتابة الدرامية وعندما يرزقنا الله بمؤلف او كاتب موهوب في هذا المجال نتمني ان يكون هناك نجم او نجمة من اصحاب الاداء الرفيع القادرين علي توصيل الرسالة التي يطرحها في السيناريو الذي كتبه فالورق الجيد هو بداية الطريق الصحيح في صناعة فيلم ناجح. وتلتقط ياسمين عبدالعزيز ورق يوسف معاطي وتتصدي لتوصيل رسالته فهي تمتلك »الطلة« الحلوة المريحة للعين امام الكاميرا وينجح المخرج المتميز علي ادريس في تحريكها بمهارة شديدة لدرجة تجعلها تستحوذ علي انتباه كل من ذهب لمشاهدتها في احدث افلامها »الثلاثة يشتغلونها« حيث راحت في خفة ودلع وشقاوة تناقش من خلال الشخصية التي تجسدها »نجيبة متولي« عدة ملفات مهمة في بناء درامي اعتمد علي الزحمة في استخدام المواقف الكوميدية التي تدعوك للضحك والسخرية مما يحدث من حولنا علي ارض الواقع بداية من اسلوب التربية في الاسرة التي هي النواة الاولي في المجتمع ومرورا بأسلوب وطرق التعليم في مدارسنا وجامعاتنا وغيرها من القضايا الاخري الساخنة المتعلقة بالحب والزواج وستر البنات بزوج ثري ينتشلها من مأزق تدني الموارد المالية لاسرة اطاحت الخصخصة بكبيرها المسئول عن زوجة وفتاة بمراحل التعليم العالي وتجبرها ظروفها علي العمل كمدرسة بالقطعة لمساعدة الاب الغلبان الذي خرج علي المعاش مبكرا. وتلك الاسرة التي تنتمي اليها »نجيبة متولي« هي مسرح الاحداث التي انطلق منها يوسف معاطي ليعلن بصراحة رأيه في اسلوب مناهج التعليم التي تحتفي بالطلبة الاغبياء الذين يحفظون المواد الدراسية عن ظهر قلب ولا يملكون فكرا متجددا يسعي للبحث والابداع والتميز ثم ينتقل من هذه النقطة الي عدة نقاط اخري تتعلق بقيام بطلتنا نجيبة متولي بتنفيذ وصية الام بالبحث عن عريس ثري فتلتقي بثلاثة شباب داخل مدرجات الجامعة التي تدرس بها وتصاب بصدمة شديدة في الشاب الاول الذي يسرق مجهودها في النجاح بينما تفشل هي وترسب ثم تقابل الشاب الثاني المؤمن بالافكار الاشتراكية ويجندها للترويج لافكاره ولكنه يتخلي عنها عندما يسقط في قبضة رجال الشرطة. وتقابل »نجيبة متولي« الشاب الثالث وتتأثر بأفكاره المتطرفة وتدفع الثمن غاليا وتصبح في حالة ضياع بعد ان فقدت توازنها وتلاشت شخصيتها بسبب النشأة والتكوين والفكر المتجمد في التعليم وفي اسلوب التعامل مع الآخرين الذي دمرها تماما!. ووسط حواديت وتفاصيل كثيرة تقرر »نجيبة متولي« تصحيح مسار حياتها وتلتقي بفتي احلامها الذي يرتبط بها ويبني معها مستقبلا جديدا بوجهة نظر مختلفة تماما عن تلك التي نشأت عليها وقلبت حياتها رأسا علي عقب الي ان تحرك عقلها وافرز فكرا سليما وخاليا من الامراض الاجتماعية المتوارثة عن اهلها. واذا كانت ياسمين عبدالعزيز قد امتعتنا ككوميديانة متميزة بعمل سينمائي جيد الصنع فهناك نجوم كبار وقفوا الي جوارها وساهموا بجهد غير عادي فيما وصلت اليه من نجومية واذكر من هؤلاء هالة فاخر وصلاح عبدالله ولطفي لبيب ورجاء الجداوي ويوسف داود ومعهم النجوم محمد لطفي وشادي خلف ونضال الشافعي وامير المصري والنجمة الموهوبة ميار الغيطي ويحسب للمخرج علي ادريس ايضا نجاحه في تقديم النجم المحترم احمد عز في دور ضيف شرف ليكون مسك الختام لحدوتة دمها خفيف صنعها باجادة تامة يوسف معاطي وقال من خلالها كل اللي نفسه فيه. ويحسب ايضا لعلي ادريس محافظته علي الايقاع السريع للاحداث وتعاونه مع مدير تصوير شديد التميز اسمه احمد عبدالعزيز واعجبتني ايضا موسيقي تامر كروان والاغنية التي عنتها ياسمين عبدالعزيز من كلمات ايمن بهجت قمر ووضع الحانها وليد سعد وكلها عناصر تم توظيفها لخدمة الدراما علي اكمل وجه وليس مجرد الهيصة والفرفشة كما يحدث في بعض افلامنا الكوميدية التي ليس لها لون او طعم او رائحة.