محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسى بحلول العام الميلادى الجديد    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    15 نصًا في القائمة الطويلة لمسابقة التأليف بمهرجان مسرح الجنوب    اتحاد طلاب جامعة بنها يحسم الجدل: لا حفلات ولا جمع أموال داخل الحرم الجامعي    ميار الببلاوي تعلن نقل نجلها إلى المستشفى بعد تعرضه لأزمة صحيه    عاجل- الحكومة تعلن خطة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية: تصفية 4 ودمج 7 وتحويل 9 لهيئات عامة    اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الإسكان يُصدر 5 قرارات إزالة لمخالفات بناء بمدينة غرب بورسعيد    مصر والسودان تتفقان على تعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري وإنشاء مناطق لوجستية    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    قناة الإخبارية السورية: صوت انفجار المزة بدمشق ناجم عن تدريبات عسكرية    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    زعيم الحوثيين: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال هدف عسكري لقواتنا    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    الاتحاد المصري يرفض تصريحات رئيس الاتحاد الفلسطيني بشأن حكم مصري    اختناق بالغاز ينهي حياة أب وثلاثة من أبنائه في المنيا    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    عاجل.. إلغاء الامتحانات في أعياد المسيحيين بكافة المديريات التعليمية    ضبط 7 رجال و4 سيدات لاستغلالهم 19 طفلا في التسول بالقاهرة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وفاة عازف العود هشام عصام    الباحث علي حامد يحصل على الماجستير حول توظيف الذكاء الاصطناعي في المواقع الإخبارية المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    مبادرة الرعاية الصحية لكبار السن قدمت خدماتها ل2 مليون مواطن من سن 65 عاما    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    6 خطوات أساسية لتأمين الحسابات وحماية الهواتف الهاكر    مجلس الزمالك يجتمع مساء اليوم لحسم عدة ملفات مهمة    انتخابات النواب 2025| ننشر نتائج الحصر العددي في جولة الإعادة بجميع دوائر قنا    "شباب البحيرة" تنظم برنامجا تدريبيا لتعليم أعمال الخياطة والتريكو    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    إصابة 7 من الشرطة التركية فى اشتباك مع عناصر من داعش    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    مئات الالاف في غزة يرتجفون بردا والصقيع يقتل الأطفال في الخيام    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    لا رب لهذه الأسرة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقارب إسرائيل مع اليونان وقبرص وتأثيره على الأمن الإقليمى والعربى
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 12 - 2025

بدأت القصة من تل أبيب، حيث عقد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اجتماعًا ثلاثيًا مع نظيره اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس، يوم الإثنين 22 ديسمبر 2025، خُصّص -رسميًا- لبحث قضايا الأمن الإقليمى، والطاقة، والتكنولوجيا. غير أن قراءة ما بين السطور، خصوصًا كما قدّمته الصحافة الإسرائيلية، تكشف عن أن الاجتماع يمثّل محطة متقدمة فى مسار تحوّل هذا التقارب الثلاثى إلى شراكة أمنية ذات أبعاد تتجاوز شمال المتوسط لتلامس الأمن الإقليمى الأوسع، بما فيه الأمن القومى العربى.
افتتاحية صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، المنشورة فى اليوم التالى للاجتماع، ذهبت أبعد من اللغة الدبلوماسية المعتادة، وقدّمت الاجتماع بوصفه تعبيرًا عن «مرحلة جيوسياسية جديدة» فى شرق المتوسط، حيث لم تعد الطاقة هى المحرّك الرئيسى، بل الأمن. الصحيفة أوضحت أن الشراكة بين إسرائيل واليونان وقبرص تشكّلت منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، عقب تدهور العلاقات الإسرائيلية-التركية، لكنها اليوم تدخل طورًا أكثر صراحة، تُعرَّف فيه تركيا باعتبارها التحدى الأمنى المشترك، حتى وإن لم يُذكر اسمها مباشرة فى البيانات الرسمية.
• • •
بحسب التحليل الإسرائيلى، فإن مشاريع الطاقة الكبرى، وعلى رأسها خط أنابيب «إيست ميد»، فقدت زخمها الاستراتيجى، بسبب الكلفة العالية، وتعقيدات السوق، وتراجع الدعم الأمريكى. ومع تراجع هذا الغطاء «الاقتصادى»، صعدت الشراكة الأمنية إلى الواجهة. فالجيش الإسرائيلى كثّف تدريباته الجوية والبحرية مع اليونان، واستفاد من المجال الجوى اليونانى بعد تقييد وصوله إلى الأجواء التركية، كما توسّع التعاون الاستخباراتى والعسكرى مع قبرص، التى سمحت بتدريبات إسرائيلية على أراضيها. وتشير تقارير الصحافة الإسرائيلية المنشورة خلال الفترة من 18 إلى 23 ديسمبر 2025، إلى أن مناقشات جرت -رغم نفيها رسميًا- حول إنشاء إطار لقوة ثلاثية سريعة الاستجابة، وهو تطور لم يكن مطروحًا بهذا الوضوح قبل سنوات.
الدافع المشترك لهذا المسار، كما تصفه الصحافة الإسرائيلية، هو القلق المتزايد من التحركات التركية فى شرق المتوسط، وسوريا، وليبيا. بالنسبة لأثينا، يكمن التهديد فى احتمالات التصعيد غير المحسوب فى بحر إيجه، وبالنسبة لنيقوسيا فى واقع الجزيرة المقسّمة، والوجود العسكرى التركى الكثيف شمالها. أما إسرائيل، فترى فى تنامى النفوذ التركى عنصرًا قد يقيّد حريتها العملياتية مستقبلًا. هذه المخاوف المتداخلة هى ما يمنح هذا المحور تماسكه، حتى مع اختلاف الحسابات الوطنية لكل طرف.
• • •
لكن ما يهمنا من زاوية الأمن القومى العربى يتجاوز البعد التركى؛ فتعميق هذا التحالف الأمنى يعنى، عمليًا، إدماج إسرائيل فى منظومة أمنية متوسطية أوروبية، بما يمنحها شرعية أوسع كشريك أمنى «مستقر» فى نظر الاتحاد الأوروبى. هذا التطور يحمل انعكاسات مباشرة على الأمن القومى العربى، خاصة للدول العربية المطلة على المتوسط، ذلك أن إسرائيل، عبر هذا المحور، لا تتحرك فقط كفاعل شرق أوسطى، بل كلاعب متوسطّى يمتد تأثيره إلى قضايا الملاحة، وأمن الطاقة، وترتيبات ما بعد النزاعات فى ليبيا وغزة، وحتى معادلات الردع فى شرق المتوسط.
من منظور عربى أيضًا، يثير هذا التقارب ثلاثة تحديات رئيسية. أولها أن إعادة رسم التوازنات الأمنية شمال المتوسط قد تتم دون مشاركة عربية فاعلة، ما يضعف القدرة على التأثير فى أى نظام أمنى إقليمى قيد التشكل. ثانيها أن تعزيز الدور الأمنى الإسرائيلى فى المتوسط يمنح تل أبيب أوراق ضغط إضافية فى ملفات عربية حساسة، سواء الفلسطينية أو المرتبطة بأمن الغاز والممرات البحرية. أما التحدى الثالث، فيكمن فى أن هذا المحور قد يتحول، بمرور الوقت، إلى نواة لترتيبات أمنية أوسع، تفرض وقائع جديدة على المجال الاستراتيجى العربى من بوابة المتوسط.
• • •
فى الخلاصة، يكشف اجتماع تل أبيب، كما قرأته الصحافة الإسرائيلية نفسها، عن انتقال تقارب إسرائيل مع اليونان وقبرص من مرحلة التعاون المرن إلى شراكة أمنية أكثر وضوحًا. هذا التحول لا يمكن قراءته بمعزل عن الأمن القومى العربى، لأن ما يجرى فى شرق المتوسط لم يعد شأنًا أوروبيًا أو إسرائيليًا داخليًا، بل جزءًا من إعادة ترتيب أوسع لمعادلات القوة على تخوم العالم العربى. والتحدى أمام الدول العربية ليس فى معارضة هذا المسار لفظيًا، بل فى بناء رؤية متوسطية متكاملة تضمن ألا تُدار ترتيبات الأمن الإقليمى من دون حضور عربى مؤثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.