بعد 160 عامًا من السير في شوارع الإسكندرية منذ عام 1865، يستعد ترام الإسكندرية، أقدم وسيلة مواصلات جماعية في إفريقيا؛ للتوقف عن العمل بصورته الحالية اعتبارا من يوم السبت المقبل، تمهيدا لبدء مرحلة جديدة يحل فيها ترام الإسكندرية الجديد ضمن مشروع التطوير الشامل لمنظومة النقل الجماعي بالمدينة. ويعد ترام الرمل، أحد أبرز المعالم الحضرية والتاريخية في مدينة الإسكندرية، وأحد أقدم خطوط الترام في العالم، إذ تم كهربته عام 1902، ليصبح شاهدًا حيًا على تطور منظومة النقل الجماعي في المدينة منذ أكثر من قرن. ويمتد الخط التاريخي من فيكتوريا شرقًا حتى محطة الرمل، مرورًا بعدد من الأحياء الحيوية المطلة على ساحل البحر المتوسط؛ ليخدم مناطق وسط المدينة والشريط الساحلي، ويظل جزءًا أصيلًا من الحياة اليومية للإسكندريين منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم. وفي إطار خطط تطوير النقل الجماعي، تشهد الإسكندرية، حاليا مشروعا شاملا لإعادة تأهيل وتطوير ترام الرمل، بدأ تنفيذه خلال عام 2025، ويستهدف رفع كفاءة التشغيل وتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين، مع الحفاظ على الطابع التاريخي للخط. - نقلة نوعية في منظومة النقل بالإسكندرية وقال مصدر مسئول بالهيئة العامة لنقل الركاب بالإسكندرية، إن مشروع تطوير ترام الرمل يعد نقلة نوعية في منظومة النقل داخل المدينة. وأوضح أن الأعمال شمل إعادة بناء وتطوير 24 محطة على طول المسار، إلى جانب تجديد قطاعات واسعة من السكة وتمهيدها باستخدام تقنيات حديثة، بما يسهم في تقليل زمن الرحلة، وزيادة معدلات الأمان، وتحسين انتظام الحركة. وأضاف المصدر، في تصريحات صحفية خاصة ل"الشروق"، أن المشروع يهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية للخط وتقديم خدمة حضارية آمنة وصديقة للبيئة، تواكب احتياجات المواطنين والزائرين. وأكد أن ترام الرمل سيظل أحد رموز الإسكندرية التاريخية، مع تطويره بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث. - ناشطون: المدينة تحتاج إلى ترام الرمل في أبهى صوره العصرية بالتزامن مع استمرار أعمال الجسات لتطوير ترام الرمل في المسافة من سوتر إلى شامبليون، تصاعدت تساؤلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما المهتمين بالتراث العمراني، حول طبيعة التطوير الجاري، وطرحت تساؤلات جوهرية حول ما إذا كان التطوير سيقتصر على التحديث التقني أم سيؤدي إلى فقدان الهوية التاريخية للترام. ويرى متابعون، أن الإسكندرية تمتلك أقدم وسيلة نقل جماعي في إفريقيا، ووحدات ترام تعد فريدة من نوعها عالميا، وهو ما يجعل المشروع فرصة لإحياء التراث وليس استبداله. وطرح نشطاء ومختصون، رؤية بديلة للتطوير الذكي تقوم على الحفاظ على الشكل التراثي للعربات مع تحديث أنظمة الجر والمحركات، وتطوير البنية التحتية باستخدام تقنيات حديثة صامتة تقلل الاهتزازات، إلى جانب إنشاء محطات ذكية مغلقة تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والتصميمات المعمارية المستوحاة من الطراز السكندري القديم. وشدد المتابعون، على أهمية تحقيق الاستدامة من خلال الاعتماد على الطاقة النظيفة وتأمين قطع الغيار؛ ليصبح الترام نموذجا للنقل الأخضر ومتحفا متحركا يعكس تاريخ المدينة وحاضرها في آن واحد. وأكد أصحاب هذه الرؤية، أن الهدف هو تحقيق معادلة السرعة والأمان والجمال دون فقدان أحد أهم الرموز التاريخية المسجلة في ذاكرة الإسكندرية، معتبرين أن المدينة لا تحتاج إلى مترو تقليدي بقدر ما تحتاج إلى ترام الرمل في أبهى صوره العصرية.