شهدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم الخميس، فعاليات احتفالية "اليوم العالمي للغة العربية " بحضور كل من السفير خالد المنزلاوي الأمين العام المساعد للجامعة ورئيس قطاع الشئون السياسية الدولية، والدكتور عبدالله بن صالح الوشمي الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، والدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، والقمص تادرس دانيال أستاذ اللغة العربية بالكلية الاكليرِيكية اللاهوتية ممثل الكنيسة المصرية. وأوضح السفير المنزلاوي خلال كلمة ألقاها نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن الاحتفاء بهذه الذكرى التاريخية العابرة أو المناسبة البروتوكولية التقليدية، بل لنقف في محراب "سيدة اللغات"، لنجدد العهد مع "وعاء الحضارة" الذي وسع كتاب الله لفظا وغاية، وما ضاق يوما عن استيعاب علوم الأولين، ولا عن وصف دقيق لآلة حديثة، ولا عن احتواء خلجات النفس البشرية في أرق مشاعرها. وأضاف :"نجتمع اليوم والعالم بأسره يشاركنا الاحتفاء بلغة الضاد في يومها الأممي، لنؤكد حقيقة راسخة لا تقبل الجدل: وهي أن العربية لم تكن يوما مجرد أداة للتخاطب أو نسق من الحروف والكلمات، بل هي الوطن المعنوي الذي يسكننا قبل أن نسكنه، وهي هندسة الروح التي صاغت وجداننا المشترك." وأضاف قائلا:" إن حضوركم اليوم، بهذه التشكيلة الفريدة، هو أبلغ رسالة؛ فاللغة العربية هي الخيط الذهبي الناظم الذي يربط بين العمامة الأزهرية والقلنسوة الكنسية في نسيج حضاري واحد لا ينفصم، وهي الجسر الممتد الذي يعبر عليه تراثنا العربي العريق ليصافح الضمير الإنساني العالمي، ليؤكد أن هذه اللغة هي لغة التسامح، ولغة العيش المشترك، ولغة العقل المستنير. كما أكد قائلا: "يأتي احتفالنا هذا العام، بالتعاون مع شركائنا مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، مسلطا الضوء على «تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها»، ليفتح نافذة مشرعة على المستقبل. وإننا لنرى اليوم أمامنا –في هذه القاعة المباركة– وجوها نيرة من أبنائنا الوافدين، جاءوا إلينا من أقصى الشرق الآسيوي ومن مغارب الأرض، اختلفت ألوانهم، وتباينت أعراقهم، ولكن توحدت ألسنتهم وقلوبهم على حب الضاد". وأردف قائلا: "إن شراكتنا الإستراتيجية اليوم مع صرح شامخ كمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ليست مجرد تعاون بروتوكولي بين مؤسستين، بل هي تلاق إستراتيجي للرؤى، وتوحيد مخلص للجهود، نهدف من خلاله إلى تقديم لغتنا للعالم بأسلوب عصري يواكب ثورة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. إننا نسعى للغة لا تكتفي بالسكن في رفوف المكتبات وبطون المعاجم، بل لغة تسكن «الخوارزميات»، وتتصدّر منصات التواصل، وتخاطب العقل الغربي والشرقي بمنطق العلم، وسحر البيان، وقوة الحجة." واختتم قائلا: "إن لغتنا العربية هي القوة الناعمة التي لا تشيخ، والحصن الأخير الذي يحمي هويتنا من الذوبان في طوفان العولمة. واجتماعنا اليوم بهذه النخبة الدبلوماسية والسياسية والدينية والأكاديمية، هو إعلان للعالم: بأن العربية ما زالت، وستظل، لغة للسلام، ومنارة للحوار، وحاضنة للإبداع الإنساني". بدوره، أشار الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي لما شكّلته جامعة الدول العربية على مدى تاريخها الطويل من ميدان تلتقي فيه رؤى الدول العربية، ومركزًا يحتضن مبادراتٍ سياسيةً وثقافيةً واجتماعيةً تعزز التعاون، وتثري الحوار، وتسهم في بناء منظومة عمل عربي مشترك يقوم على ثوابت راسخة. وأكد خلال كلمته أن المجمع يسعد بأنْ عمل على مبادرة لغوية كبيرة قدّمت في القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين في جدة، المتمثلة في مبادرة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، التي شملت مجالات السياسات والحوسبة اللغوية وتعليم العربية، وأنجز المجمع ضمن إطارها خمسة عشر برنامجًا نوعيًّا يعزّز حضور العربية، ويُيسّر وصولها إلى المتعلمين حول العالم. وتضمنت الفعالية مناقشة أربعة محاور رئيسية، استشرفت مستقبل اللغة العربية حيث تم استعراض خريطة تعليم اللغة العربية في الجامعات والمراكز الدولية، بالإضافة إلى بحث أبرز العقبات التي تواجه متعلمي العربية من الناطقين بغيرها وسبل تذليلها، ودور الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في تيسير تعلم العربية ونشرها، ثم اختتمت الجلسة العلمية، باستعراض المبادرات الرائدة التي قدمتها المؤسسات العربية، وفي مقدمتها مجمع الملك سلمان، لخدمة انتشار اللغة دولياً. وشهدت فعاليات الإحتفالية انعقاد معرضًا مصاحبا حول آخر إصدارات المجمع فضلا عن سرد لأبرز مسارات المجمع الرئيسية و أبرز منصاته.