حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدة قعيدة أثناء معاينتها شقة للايجار بمدينة نصر    " سلبيات الأميّة الرقمية وتحديات الواقع ومتطلبات سوق العمل ".. بقلم / أ.د.أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي.. إستشاري إدارة أعمال وإدارة موارد بشرية    الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف أفريقيا    بكام البلطى النهارده....... اسعار الأسماك اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استقرار أسعار الدولار اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    مصدر طبي فلسطيني: سقوط شهيد بنيران جيش الاحتلال في جباليا    محكمة بوليفية تأمر بسجن الرئيس السابق لويس آرسي 5 أشهر    أونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة على أبواب غزة والشتاء يفاقم معاناة النازحين    منتخب مصر يتلقى عرضين لمواجهة الأرجنتين وإسبانيا في مارس المقبل    الطقس اليوم .. انخفاض بالحرارة وامطار متفاوته و الصغري بالقاهرة 14 دراجة    حبس عاطل بتهمة قتل والدته داخل كافيه في مدينة نصر    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    موعد مباراة برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني والقناة الناقلة    بث مباشر.. السعودية تحت 23 ضد العراق تحت 23 – قصة كبيرة في كأس الخليج تحت 23 – نصف النهائي    منهم الأيتام وأبناء المطلقة، أطفال يحق لهم الحصول على معاش شهرى    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    محاكمة 7 متهمين بخلية تهريب العملة بالتجمع الأول.. بعد قليل    اليوم.. نظر دعوى للإفراج عن هدير عبدالرازق بعد شهرين ونصف من الحبس    اسعار الفاكهه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    استمرار مبادرة «كلنا واحد» لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة حتى هذا الموعد    المشاركون في ماراثون الأهرامات يلتقطون الصور التذكارية في المنطقة التاريخية    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 13 ديسمبر 2025    رئيس وزراء تايلاند يتعهد بمواصلة العمليات العسكرية ضد كمبوديا رغم حديث عن وقف لإطلاق النار    سقوط شبكة أعمال منافية للآداب بتهمة استغلال ناد صحي لممارسة الرذيلة بالشروق    حياة كريمة.. 3 قوافل طبية مجانية ضمن المبادرة الرئاسية فى سوهاج    ناصيف زيتون يتألق في حفله بقطر بنيو لوك جديد (فيديو)    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تجدد استهداف المناطق الشرقية لمدينة غزة    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    بريطانيا تهدد الجنائية بقطع التمويل إذا صدرت مذكرة توقيف ضد نتنياهو    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زياد الرحبانى وموسيقى الرماد
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 12 - 2025

فى عام 1989 أصدر الفنان على الحجار ألبومه الغنائى المميز «أنا كنت عيدِك». ورغم تميز أغلب أغنيات الألبوم، فإن أغنية «لما الشتا يدق البيبان» للشاعر الكبير إبراهيم عبدالفتاح كانت هى الدافع الذى قادنا للتعرف إلى صاحبها، الذى كان ولا يزال منتظمًا فى جلسته اليومية على مقهى زهرة البستان.
وقبل معظم شعراء جيله أصبح الشاعر نجمًا ساطعًا بحسابات تلك الأيام، تتسابق إليه الأصوات الحلوة (على الحجار، حنان ماضى، مدحت صالح، ورياض الهمشرى) لتغنى أغنياته، التى كانت فى جوهرها قصائد نجح فى الحفاظ على روح الشعر فيها، وتأكيد حضوره لا نفيه، كما يفعل الذين اعتنوا بالحرفة أكثر من اعتنائهم بالمعنى.
ورغم النجومية التى بلغها بسرعة آنذاك، احتفظت روحه بعذوبتها؛ وظلت خفة دمه أقصر الطرق إلى قلبه. أما الجلوس إلى جواره وهو يلعب «عشرة طاولة» فقد يمتد يومًا كاملًا، أو يأتى أقصر من زمن سحب نفس من الشيشة التى لا تفارقه.
مرّت الأيام أسرع مما توقع أحد، ولا يزال أصدقاء الشاعر يذكرون جيدًا المعارك التى خاضها مع أسماء كبيرة لحماية «قيثارته» وللحفاظ على حدود الأرض التى ناضل كى تبقى حرة مستقلة، وواجه -من كرسى المقهى- حملات التشويه والحصار التى استهدفت تجربته وهو فى قمة النجاح.
وسط زحام الأصوات الشعرية المنتمية لأجيال مختلفة، احتفظت أغنياته بطعم آخر، جاء بفضل قدرته على تنمية عناصر السرد الدرامى فيها، وحرصه على ترصيعها بمفارقات يصعب الإفلات من شجنها وشعورها الطاغى بالهشاشة.
يمكن التدليل على ذلك ببساطة بالعودة إلى أغنيات مثل: «عصفور وطاير» مع الحجار، أو «بفرد قلوعى لحد جرحك يا صديق» مع مدحت صالح، أو «شباك قديم» لحنان ماضى.
فى تلك الأغنيات وغيرها، لم يكن إبراهيم بعيدًا عمّا ينجزه مجايلوه فى شعر الفصحى؛ فجميع أغنياته، مثل قصائدهم، تحفل بالتفاصيل اليومية، وتؤرّخ للحظات التى تخبو مثل ضوء شمعة، وتشيع فيها نبرة ذاتية لا تخفى على أحد. لذلك لم يكن غريبًا أن يحرص الشاعر فيما بعد على نشر قصائد فصيحة وثيقة الصلة بالعالم الذى سعى إلى تثبيت أركانه فى كتاباته بالعامية.
ولأننى أحببت الشاعر من خلال أغنياته، فقد حرصت على قراءة كتابه الجديد «كيف إنت.. زياد الرحباني» الصادر عن دار بتانة مؤخرًا. وهو كتاب يستكمل شغفًا قديمًا لديه، يقوم على كتابة تعليقات فى صورة مقالات حول الأغنيات التى يسمعها، إلا أنه خشى أن تستهلكه الصحافة وتسرق منه الشاعر، فآثر الهرب.
يصعب تصنيف كتاب «كيف إنت.. زياد الرحبانى» أو وضعه ضمن الأطر التقليدية، لكن أجمل ما فيه أنه يفسّر تجربة إبراهيم عبد الفتاح وطموحه فى خلق أغنية مصرية جديدة ذات ملامح مختلفة.
المؤكد أن الشاعر وجد فى تجربة زياد التجسيد الحى لهذا الطموح، ولكن استنادًا إلى تجربة أخرى ولدت فى سياق مختلف، ارتبط بمن يولد بين الرحابنة ويؤسس لتجربة تتشكل فى ظل الحرب الأهلية اللبنانية بكل ما فيها من تعقيد.
يحبط هذا الكتاب الجميل والمختلف توقعات من انتظروه كتابًا فى النقد الموسيقى أو تأمّل ظاهرة متمردة متفردة فى تاريخنا الفنى، لكنه يسعد من تابعوا موهبة إبراهيم عبد الفتاح وانتظروه على ناصية الحلم.
الكتاب كما يقول مؤلفه «ليس سيرة ولا مجموعة حوارات عابرة، وإنما محاولة للإمساك بالهواء الذى مرّ بين آل الرحبانى وهواء بيروت فى نصف قرن. ستجد فيروز، لا كأيقونة على المسرح، بل كأم وامرأة تصغى أكثر مما تتكلم، وستجد زيادًا بمزاجه الذى يخلط السخرية بالحكمة، يطلّ فى الجملة الأخيرة ليترك السؤال مفتوحًا».
أحببت كتاب (كيفك إنت) لأنه عابر للأنواع الأدبية، يستجيب فى محتواه المتفرد لأكثر من تحدٍّ، ويقع بين التأمل الذهنى الخالص والشعرية القائمة على القنص واستثمار المفارقة.
يحافظ الكتاب أيضا على حضور صوت الشاعر ضمن كورس كبير يقف على مسرح فى مواجهة زياد الذى يلعب دور البطولة، ولا يخشى مساءلته ومراجعة تجاربه واستعادة سيرته لا بغرض كتابتها كسيرة غيرية وإنما للنظر إلى ومضات خاطفة منها ظلت تنطوى على لمعة فريدة، سواء تلك التى قامت على تعزيز حضوره كفرد مقاوم، أو التى استندت إلى إرث الرحابنة عبر سعيها إلى «تأنيث فيروز» وتحريرها من القداسة، وجعلها تغنى وهى عائدة من الشرفة إلى المطبخ، أو من السماء إلى السرير.
تذكّر لغة الكتاب بما كان يكتبه شاعران كبيران هما محمد الماغوط وأنسى الحاج فى الصحافة حول فيروز: لغة مشدودة وساطعة، قائمة بذاتها لا تثقلها البلاغة، ولا تخسر شعريتها استجابة لقارئ متعجّل.
يسعى الكتاب بطريقته إلى «أنسنة الأشياء» واستنطاقها، وإعادة ترتيب العالم؛ فالأشياء التى نراها لديها ما تنطق به أيضًا، لكنها تبقى دائمًا بحاجة إلى لمسة شاعر يستطيع أن يمسك ب«موسيقى الرماد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.