نظمت القنصلية الإيطالية في الإسكندرية، برئاسة القنصل ماريو باسكوالي، مساء الخميس، معرضا تفاعليا بعنوان "رؤى لبحر عتيق ومعقد"، وسط حضور لافت من الفنانين والمثقفين، بمشاركة المهندس حسن وصفي، نقيب الفنانين التشكيليين. وأكد القنصل الإيطالي ماريو باسكوالي، أن المعرض صمم ليكون تجربة حسية كاملة تمكن الزائر من التعرف على ملامح البحر المتوسط باعتباره ملتقى طرق قديما ومركزا تجاريا هائلا للتبادل والانتقالات، إضافة إلى كونه مساحة فريدة أثرت وتأثرت عبر التاريخ بثقافات متعددة. و أضاف، أن المعرض يضم مجموعة من الحجرات التفاعلية التي يعيش من خلالها الزائر رحلة عبر تاريخ المتوسط وحضاراته؛ تبدأ بعرض أفلام خاصة بدول حوض البحر من خلال منضدة تفاعلية، ثم قسم مخصص للمحاصيل الشهيرة بالمنطقة يمكن للزائر لمسها والتعرف عليها، إلى جانب مساحة تضم نباتات وعطور متوسطية تمنح تجربة حسية كاملة. كما خصصت إحدى الحجرات لإضاءة خافتة تتيح للرواد الاستماع لصوت البحر، فيما تعرض حجرة أخرى ما تعرض له البحر من أشكال التلوث البيئي. و أشار باسكوالي، إلى أن القسم الرئيسي للمعرض، المعنون ب "أصوات البحر المتوسط"، يكشف عن رحلة تاريخية واسعة تمتد من عصر الملاحين الفينيقيين الذين واجهوا المجهول خلف أعمدة هرقل، إلى اكتشافات ما قبل التاريخ في كهف مارسيليا والجزر العقادية، مرورا ببقايا المستعمرات الفينيقية واليونانية، وهيمنة الرومان، والعمارة العربية في إسبانيا، وعلامات الحكم العثماني على البلقان، ثم تفكك الإمبراطورية وفترات الاستعمار وما تلاها من الهجرات الكبرى. و قال القنصل الإيطالي، إن المعرض يتيح العرض من خلال الخرائط القديمة وصور الأقمار الصناعية الإبحار على طول موانئ ومدن المتوسط التي نشأت من محطات كانت قواعد للملاحين القدماء، فتحولت إلى مدن كبرى، مثل الإسكندرية، الجزائر، برشلونة، مارسيليا، جنوة، باليرمو، البندقية، أثينا، إسطنبول، سميرنا وبيروت. ويقدم المعرض قراءة بصرية لتطور هذه المدن و توسعها عبر القرون. كما يبرز المعرض الدور التاريخي للجزر المتوسطية بوصفها منبعا للحضارات من كريت مهد الحضارة المينوسية، إلى صقلية التي أعادت تشكيل الثقافات الغزاة بخصوصية مدهشة، ومالطا ورودس وقبرص وجزر الأرخبيل الإيجي والبحر الأيوني، وصولا إلى إيثاكا التي اكتسبت أسطورتها من قصائد هوميروس الخالدة. ويختتم المعرض بالإشارة إلى خصوصية شعوب المتوسط التي، رغم الروابط العميقة بين ضفافه الثلاث، احتفظت بلغاتها ولهجاتها عبر القرون، وهو ما يجسده قسم صوتي خاص يوثق تنوع الأصوات المتوسطية في لوحة حضارية واحدة. لم يقتصر مسار المعرض على الجوانب التاريخية والثقافية للمتوسط، بل امتد لإلقاء الضوء على التحديات البيئية الخطيرة التي تواجه البحر اليوم. وأوضح القائمون على المعرض أن صحة البحر المتوسط أصبحت قضية ملحة، في ظل مشكلات متصاعدة تهدد توازنه البيئي، الأمر الذي يفرض ضرورة اتخاذ حلول عاجلة. و أشار القنصل الإيطالي، إلى أن المعرض يساعد الزوار على فهم حجم الأزمة عبر صور وبيانات التقطتها الأقمار الصناعية، تُظهر بوضوح التغيرات البيئية الحادة التي طرأت على المنطقة، وتقدم معلومات ضرورية لدراسة تطور تلك التغيرات وتحديد اتجاهاتها. و تابع، أن "المعرض أن هذه البيانات باتت أداة لا غنى عنها لصناع القرار والمسئولين عن إدارة الموارد، لما تتيحه من قدرة على التخطيط لإجراءات وقائية وحلول تحد من الآثار السلبية، وذلك بما يتوافق مع البرامج الأوروبية للتنمية المستدامة، وبالتنسيق مع أجندة الأممالمتحدة 2030.