منذ أعوام كثيرة لم يشهد موسم الصيف مثل حالة الزخم، الذى يعانى منها نجوم السينما هذه الأيام، فبعد أن كان التقليد فى الأعوام الماضية أن يترك فيلم كل نجم وحده أسبوعين يحقق فيهما أكبر قدر ممكن من الإيرادات يغطى بها تكلفة إنتاجه التى غالبا ما تكون كبيرة. جاء هذا العام مخالفا للأعراف، فوجدنا فيلم «عسل إسود» لأحمد حلمى، وبعده بأيام قليلة وقبل أن يتعافى، تم طرح «الديلر» لأحمد السقا، و«الثلاثة يشتغلونها» لياسمين عبدالعزيز، مما يؤثر على الأول والاثنين اللاحقين به. المثير أن بعدهما بأسبوع تقرر طرح فيلم محمد سعد، ليتبقى نجما واحدا فقط لم يدخل المطحنة، هو أحمد مكى بفيلم «لاتراجع ولا استسلام». فهل جاءت رياح السوق بما تشتهى النجوم أم أن حرق الكبار فى الموسم الصيفى مقصود؟.. سؤال بحثنا له عن إجابة فى هذا التحقيق. البداية كانت مع الموزعة الفنانة إسعاد التى تؤكد حرصها الكامل أن يأخذ كل فيلم نصيبه فى العرض، بأن يحصل على أسبوعين فى أقل تقدير، وبناء على ذلك لم يطرح فيلم «الثلاثة يشتغلونها» إلا بعد ثلاثة أسابيع من طرح «نور عينى» لتامر حسنى، ولن يطرح فيلم «بنتين من مصر» إلا فى 16 يونيو أى بعد أسبوعين من فيلم ياسمين عبدالعزيز، ونفس الحال مع فيلم أحمد مكى سيعرض يوم 28 يونيو، وذلك حتى لا يتأثر أى فيلم بالآخر. وأضافت يونس أن تصادف طرح أفلام النجوم فى وقت واحد ليس سببه عدم التنسيق بين الشركتين، ولكن سببه حاجة دور العرض إلى هذه الأفلام، وأوضحت أن صناعة السينما حتى الآن لم تستطع التكيف مع أزماتها، فنحن مثلا نعرف أن مباريات كأس العالم ستلحق بأفلام كثيرة الخسارة، ولكن ليس هناك بديل. فدورة رأس المال يجب أن تستمر حتى إذا كان فى طرح الفيلم خسارة، لأن وجوده فى العلب فيه خسارة أكبر. كما أن المنتجين لا يريدون تأجيل أفلامهم حتى لا تتأثر دورة المال، التى تصل إلى ثلاث سنوات ونصف السنة هى التى ينتج فيها الفيلم ويعرض ثم يتم بيعه فيديو وبعدها للتليفزيون. وأشارت يونس إلى أن شركتى التوزيع فى مصر مهمومتان بأشياء كثيرة بعيدا عما يمثل هواجس بالنسبة للنقاد الذين لا يهتمون إلا بمشاهدة السينما فقط، فهم يلومونا على أننا نطرح أفلام النجوم ويرون فى ذلك تضحية بهم رغم أن هناك هما أكبر يشغلنا وهو دور العرض. دور العرض المطالبة بتغطية إيجارها وضرائبها، وأيضا ألا تكون فارغة للجمهور الذاهب إليها. ثم إن المولات تمثل علينا ضغطا كبيرا أيضا لأنها تطالبنا بطرح أفلاما جيدة طول الوقت لتحدث رواجا فى المول، ونحن فى المقابل نطالبهم بأن يكون المول جاذبا للجمهور مقابل ذلك، فالجميع يعمل تحت ضغط، وليس بمزاج. فلوس المنتج هشام عبدالخالق الطرف الثانى فى عملية التوزيع أكد أنه لا تضحية بالنجوم ولا بالأفلام، ونفى أن يكون طرح الأفلام بهذه الطريقة لحرق نجومية أحد، مشيرا إلى أن النجم الذى يحصل على 6 ملايين فى الفيلم الواحد لا يحرق، وإذا حدث وتأثر حينها لا يكون نجما أصلا. وأوضح عبدالخالق أن الحرق لا يكون للنجم وإنما يكون لفلوس المنتج، الذى أنفقها، أما النجم فهو تقاضى أجره مقدما ولا يتأثر بضعف الإيرادات. وتابع عبدالخالق: طرح عدد أفلام لنجوم فى وقت واحد ليس أزمة كبيره خاصة أن دور العرض كانت خاوية ومستعدة لاستقبال عدد أفلام أكبر من الموجود فيها. لذلك كان من الطبيعى طرح الأفلام بما أنها جاهزة للعرض الجماهيرى، ولماذا نؤخرها ولا نرى أن مستقبلا أفضل ينتظرها إذا ما فعلنا ذلك؟ ويضيف عبدالخالق: إذا كان هناك من يغضب من طرح عدد كبير من الأفلام فى وقت واحد، فلا يأمل فى أن يأتى يوما تنتج فيه السينما المصرية 100 فيلم فى العام الواحد، كما يرى أن موسما مثل عيد الأضحى جميع أفلامه تطرح فى وقت واحد، ومع ذلك هو من أهم المواسم وتحقق فيه الأفلام إيرادات مرتفعة، إذن فلا يوجد شىء يثير القلق على النجوم وأفلامهم. وأكد الموزع المصرى أنه لو يملك أفلاما ل10 نجوم جاهزة للعرض لطرحها فى السوق، لأن جمهور النجم يذهب إليه ولا يفرق معه إن كانت الأفلام طرحت فى وقت واحد أو على فترات، لأنه سيدخل له أى كان الوقت، أما أنا كشركة توزيع لا أفضى للنجم ولا أوسع له دور العرض ليحقق إيرادات أكبر، لأن الطبيعى أن النجم هو من يفعل ذلك بنفسه حسب قوة الفيلم. وكشف عبدالخالق أن الخطر ليس فى طرح النجوم فى وقت واحد، لكنه يكمن فى مباريات كأس العالم لأن الشباب تفضل الجلوس على «الكافيهات» لتشاهد مباريات كأس العالم ونجومها على أن تذهب للسينما. ونفى عبدالخالق فى الوقت نفسه أن يكون معتمدا لطرح أفلام النجوم فى هذا الموسم لظروفه الصعبة ولمواجهة الأزمات، موضحا أن «عسل إسود» طرح فى موعده، و«الديلر» مؤجل منذ عام ونصف العام، وكان من المفترض أن يطرح فى موسم الأضحى الماضى، ونفس الحال مع محمد سعد الغائب عن السينما تماما منذ عامين تقريبا. وختم عبدالخالق حديثة بأن السينما تمر بظروف صعبة جدا وأحوالها غير مستقرة حتى إنها تعانى عجزا كبيرا فى الأفلام، لكن هناك فرصة لطرح عدد من أفلام أخرى قبل نهاية الموسم بعيدا عن أفلام نجوم الشباك مثل «سمير وشهير وبهير»، وفيلم «الكبار» لمحمد العدل. «ليس هناك أى مشكلة من عرض الفيلم فى نفس الوقت مع أفلام نجوم آخرين» هكذا يرى على إدريس مخرج فيلم «الثلاثة يشتغلونها».. ويضيف: بعد أن انتهينا من كل مراحل الفيلم لم يكن هناك أى سبب فى تأجيله، وكان يجب أن يعرض فى موعده بغض النظر عن ظروف الموسم أو منافسته مع أفلام أخرى . فبخلاف أنه لا قاعدة تحكم السوق السينمائية، فيمكن أن يحقق فيلما صغيرا أعلى الإيرادات كما حدث مع «أوقات فراغ» وأفلام أخرى كبيرة لا تأتى بتكلفتها ،وهناك أمثلة كثيرة، إلا أننى أثق فى أن كل الأفلام المطروحة ستحقق إيرادات كبيرة لأن جميعها بطولة نجوم شباك لهم جمهورهم العريض سواء كان أحمد السقا أو أحمد حلمى أو محمد سعد أو تامر حسنى، ومعهم ياسمين عبدالعزيز كل منهم له قاعدة جماهيرية ستساعده على عبور الخطر والوصول لبر الأمان. وأكد إدريس أهمية أن يكون هناك أكثر من فيلم بطولة نسائية، وقال: «جميع البنات يجب أن يسرن على نهج ياسمين»، فمنى زكى يجب أن تكمل طريقها، الذى بدأته فى «احكى يا شهرزاد» وهند صبرى يجب أن تفكر فى ذلك، وكذلك منة شلبى كل منهن يجب أن تقدم فيلما من بطولتها لأن هذا سيثرى السينما المصرية، ومؤكد أنه سيزيد من عدد الأفلام التى ستطرح فى العام. الناقد يوسف شريف رزق الله يرى أن اختلاف جهتى التوزيع وعدم التواصل والتنسيق بينهما هو ما تسبب فى طرح أفلام السقا وياسمين فى يوم واحد، لكن بشكل عام المجموعة المتحدة لها عدد من دور العرض الذى تطرح فيه أفلامها، ومثلها الشركة العربية. وكشف رزق الله أن الظروف هذا العام مختلفة وصعبه جدا، لذلك لا نستطيع أن نوجه اللوم لأحد، كما أن كل طرف ليس أمامه خيار إلا أن يطرح أفلامه، حتى إذا كانت الظروف لا تساعدهم، فمن الأكيد أن مباريات كأس العالم ستخنق الجميع، لكن لا يوجد حل آخر حتى إن فيلم «اللمبى 8 جيجا» لمحمد سعد سيطرح مع أول أسبوع لكأس العالم، ومعنى ذلك أنه لا بديل عن طرحه فى هذا التوقيت المريب. ورجح رزق الله أن كثرة طرح أفلام النجوم فى وقت واحد ليست فى صالحهم، حتى إن بعض الأفلام التى أعلن عنها مثل «الوتر»، و«المسافر» سيتم ترحيلها إلى موسم عيد الفطر المقبل، خوفا من أن يضحوا بها فى هذا الموسم غير المضمون. وأكد يوسف أنه ليس من العدل أن نحكم على مدى جماهيرية النجوم فى هذا الموسم، لأن فى ذلك ظلما كبيرا لهم. ولكنه يرى فى الوقت نفسه أن أحمد حلمى هو المتوقع أن يتغلب على قسوة هذا الموسم لأنه طرح مبكرا قبل أيام من فيلمى السقا وياسمين، والذى نجح أيضا هو تامر حسنى لأنه طرح فيلمه فى وقت مبكر جدا ويعد أكثر المستفيدين من هذا الموسم. وتوقع رزق الله أن يكون موسم الصيف المقبل أسوأ حالا من العام الحالى، وأكد أنه تدريجيا ولمدة 5 سنوات سيتجاوزه المنتجون وسيعتمدون على مواسم أخرى كالعيدين وما ببينهما.