في عالم تتسارع فيه وتيرة النزاعات وتتعرض فيه الهويات الثقافية للطمس، تبرز منظمة اليونسكو كأحد أهم حماة التراث الإنساني وراعٍ رئيسي للثقافة والتعليم والعلوم حول العالم. وجاء تعيين الدكتور خالد العناني مديرًا عامًا للمنظمة كأول مصري وعربي في هذا المنصب إنجازًا تاريخيًا يعكس الثقة الدولية في قدراته، ويؤكد إمكانية الدور العربي في قيادة قضايا الثقافة والتعليم عالميًا. ومن خلال هذا الحدث، يعود الحديث مجددًا حول طبيعة المنظمة ودورها الحيوي الذي لا يعرفه كثيرون. تُعرف اليونسكو، اختصارًا ل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة، وقد تأسست عام 1945 بهدف تعزيز السلام والأمن عبر التعاون الدولي في مجالات التعليم والثقافة والعلوم والاتصال. وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة وتضم أكثر من 190 دولة عضوًا. تكمن أهمية اليونسكو في كونها الجهة الدولية المعنية بوضع السياسات والمعايير لحماية التراث الثقافي والطبيعي، وتحسين جودة التعليم، ودعم حرية التعبير، وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وتؤدي المنظمة أدوارًا متعددة أبرزها: 1- قائمة التراث العالمي: تُسجّل اليونسكو المواقع ذات القيمة الإنسانية العالمية مثل الأهرامات، ما يضمن حمايتها قانونيًا ومعنويًا. 2- دعم التعليم حول العالم: خاصة في الدول النامية ومناطق النزاعات، من خلال تطوير المناهج وتمويل البرامج التعليمية ودعم المعلمين. 3- الحفاظ على التراث اللامادي: مثل الموسيقى والرقصات والحرف اليدوية والعادات الشعبية التي تعبّر عن هوية الشعوب. 4- تشجيع حرية الإعلام والوصول إلى المعلومات: عبر بناء بيئات تشريعية ومجتمعية تدعم الصحافة المستقلة والحق في المعرفة. 5- منظمة بضمير إنساني: لا تُعد اليونسكو مجرد هيئة دولية، بل يمكن النظر إليها ك"ضمير ثقافي عالمي" يسعى لحماية التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم والمعرفة المتوارثة، حتى لا يُضحّى بالتراث في سبيل الحداثة، ولا تُعطَّل التنمية باسم الماضي. ويأتي تعيين الدكتور خالد العناني، الأستاذ الجامعي ووزير السياحة والآثار السابق، كأول مصري وعربي يتولى منصب مدير عام اليونسكو، لحظة تاريخية لمصر والعالم العربي، إذ يُنتظر منه أن يقود منظمة عريقة في زمن يتطلب توازنًا حساسًا بين حماية الماضي وبناء المستقبل، مستندًا إلى خبرته الواسعة في إدارة ملفات التراث والحضارة المصرية القديمة.