استبعد تقرير استراتيجي احتمالات شن إسرائيل حربا شاملة في المنطقة، مؤكدا أن استمرار تصاعد التوتر، والاتهامات الإسرائيلية لإيران وسورية بتسليح المقاومة في لبنان وغزة، وبالإخلال بتوازن القوى في المنطقة، إلى جانب عرض القوة المستمر من مختلف الأطراف، والمتمثل بالتصعيد الكلامي والمناورات العسكرية واسعة النطاق، يدعو للقلق. وقال التقرير الاستراتيجي لمركز الزيتونة للدارسات والاستشارات اللبناني بعنوان "إسرائيل واحتمالات الحرب في سنة 2010": إن احتمالات الحرب الشاملة لا تبدو عالية، وكذلك احتمالات توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية محدودة لأي من إيران أو سورية أو لبنان، وفي حين يبقى احتمال توجيه ضربة إلى قطاع غزة هو الأكثر ترشيحا، إلا أن الهدوء الحالي السائد في القطاع، إلى جانب الجمود في مسار المفاوضات مع حديث عن العودة لمفاوضات غير مباشرة، يوفران لإسرائيل ظرفا مريحا للمضي في تعزيز مكاسبها وتثبيت الوقائع على الأرض. اخفاق ويشير التقرير إلى أنه بعد عدوان يوليو 2006 على لبنان، ثم العدوان على غزة يناير 2009، وما رافقه من إخفاقات وضرر أصاب صورة الردع الإسرائيلية، وفي ظل استمرار إيران في بناء برنامجها النووي، وتنامي قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، باتت الدوائر السياسية والعسكرية الإسرائيلية تشعر بالحاجة لدرء كل هذه الأخطار، فرفعت من استعداداتها للحرب، بالتزامن مع التهديد باستخدام القوة ضد تلك الأطراف منفردة أو مجتمعة، ليرتفع بذلك مستوى القلق من نشوب حرب إقليمية شاملة قد لا يمكن التحكم بحجمها أو نتائجها. استعراض قوة وأكد التقرير أن هناك -في الآونة الأخيرة- تزايدا في استعراض القوة التي يمتلكها كل من الطرفين، فالجانب الإسرائيلي يجري مناورات جوية وبحرية، ودفاع مدني بشكل مبالغ فيه، فضلا عن التحركات العسكرية في المنطقة، وهو ما تقابله إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة في غزة بتحركات أكثر نشاطا، فسرته تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قائلا: ليست هناك جهة تتجرأ على الحرب مع إيران، والتحذير السوري الصادر على لسان وزير الخارجية وليد المعلم ل"إسرائيل" كان قويا وحازما فوق العادة، ومفاده أن أي حرب تشنها إسرائيل على سورية ستتحول إلى حرب شاملة، وستنتقل إلى المدن الإسرائيلية. سيناريوهات وأورد التقرير عددا من السيناريوهات المتوقعة، أولها: الحرب الشاملة، ويقوم على أساس أن تشن "إسرائيل" حربا شاملة على أي من جبهات إيران، وسورية، ولبنان، وغزة. أو على أكثر جبهة في وقت واحد، وهو ما يستبعده الكثيرون، وخاصة "إسرائيل" تدرك أنها لا تستطيع حسم نتائج هذه الحرب وحدها، دون مشاركة الولاياتالمتحدة المشغولة بأزمتها في أفغانستان والعراق، وعدم قدرتها توقع حجم الرد الإيراني. والسيناريو الثاني: الضربات المحدودة، ويقوم على أساس لجوء "إسرائيل" إلى توجيه ضربات عسكرية نوعية ومحدودة لأهداف معينة على جبهة واحدة أو عدة جبهات، وذلك لتجنب ردود فعل واسعة قد تتطور إلى حرب شاملة. ويُعدّ هذا السيناريو أكثر ترجيحا من سيناريو الحرب أو الاجتياح الشامل في حال قررت "إسرائيل" اللجوء للعمل العسكري ضد أي من الجبهات المذكورة، وإن كان يصعب ذلك السيناريو مع إيران، ويسهل في المقابل في غزة. والسيناريو الثالث: استمرار الهدوء الهش، ويعني استمرار الهدوء السائد حاليا على مختلف الجبهات، مع استمرار مختلف الأطراف في بناء قدراتها، ويُعد هذا السيناريو هو الأكثر ترجيحا في الوقت الحالي، مع بقاء مستوى التوتر والقلق في المنطقة على ما هو عليه، تحسبا لأي حدث قد يجعل المنطقة ساحة لحرب إسرائيلية جديدة.