أسعار الدولار اليوم السبت 18 مايو 2024.. 46.97 جنيه بالبنك المركزي    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم السبت 18مايو 2024.. البطاطس ب11 جنيهًا    225 يوما من العدوان.. طائرات الاحتلال الإسرائيلي تركز قصفها على رفح    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    البيت الأبيض: أطباء أميركيون يغادرون قطاع غزة    موناكو وجالاتا سراي يتنافسان على التعاقد مع محمد عبد المنعم    مؤتمر صحفي ل جوميز وعمر جابر للحديث عن نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 مايو 2024 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد الترجي    بعد قليل، أولى جلسات محاكمة الفنانة انتصار بتهمة الشهادة الزور    شاومينج يزعم تداول أسئلة امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالجيزة    حنان شوقى: الزعيم عادل إمام قيمة وقامة كبيرة جدا.. ورهانه عليا نجح فى فيلم الإرهابي    «الأرصاد»: طقس السبت شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 39 درجة    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى 120 إلى 130 طائرة إف-16 لتحقيق التكافؤ الجوي مع روسيا    إرشادات وزارة الصحة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    حظك اليوم وتوقعات برجك 18 مايو 2024.. مفاجآة ل الدلو وتحذير لهذا البرج    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    موعد مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    مفاجأة في عدد أيام عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تغضب مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 05 - 2010


هل اقتربت مصر من لحظة «الغضب الكبير»؟
أجل، مع توضيح: الغضب الذى نقصده ليس انفعاليا بل استراتيجيا.فمصر تتعرّض بالفعل هذه الأيام إلى «مؤامرة متكاملة النمو» (بالإذن من أرباب نظرية المؤامرة)، وعلى المستويات كافة: من الدور الاستراتيجى القومى إلى الأمن الوطنى الجغرافى، ومن الريادة الفكرية والثقافية إلى الاكتفاء الاقتصادى والكفاية الاجتماعية.
هذه المؤامرة لم تكن واضحة تماما فى العام 1979 حين دخلت أرض الكنانة إلى السلام مع إسرائيل وخرجت من الصراع العربى الإسرائيلى. إذ بدا فى ذلك الحين أن السلام سيكون فرصة للبناء الذاتى الذى تشتت فى السابق بفعل الانهماكات الإقليمية الناصرية فى أواسط القرن العشرين، وقبلها المحاولات الامبراطورية لمحمد على الكبير فى أوائل ومنتصف القرن التاسع عشر.لكن يتبيّن الآن أن الصورة لم تكن على النحو.
فالسلام الذى كان يُفترض أن يقود إلى نظام شرق أوسطى جديد لمصر دور قيادى فيه، يُفسح فى المجال الآن أمام نظام إقليمى تستبعد فيه مصر لصالح تركيا وإيران وإسرائيل. وهذا تطور لم يكن فى وسع أحد التنبؤ به فى السبعينيات.
والأمن الوطنى المصرى فى بعده الأفريقى، الذى كان يجب يكون مضمونا بقوة هذا السلام، يتعرّض حاليا إلى تحديات خطيرة هى الأولى من نوعها فى التاريخ، حيث تتحرّك دول منبع النيل (بدفع من «جهة مجهولة» على مايشاع) لمحاولة تقليص حصة مصر من مياه النهر، مما سيعنى خنق البلاد عطشا.
كل هذه المعطيات لن تمر مرور الكرام. وهذا ماسيجعل «الغضب الكبير»، أى رد الفعل المصرى على هذه المؤامرة الحقيقية، أكثر من متوقع.
لكن كيف؟
سنأتى إلى هذا السؤال بعد قليل. لكن قبل ذلك، استعادة لبعض الاستشرافات التنبؤية التى وضعها العالم العبقرى الجغرافى والاستراتيجى المصرى جمال حمدان فى مذكرات كُتبت فى الفترة بين 1990 و1993:
مصر اليوم إما القوة أو الانقراض. إما القوة وإما الموت! فإذا لم تصبح مصرقوة عظمى تسود المنطقة فسوف يتداعى عليها الجميع يوما ما «كالقصعة» أعداء وأشقاء وأصدقاء أقربين وأبعدين.
من المتغيرات الخطرة التى تضرب فى صميم الوجود المصرى ليس فقط من حيث المكانة ولكن المكان نفسه ما يلى: لأول مرة يظهر لمصر منافسون ومطالبون ومُدّعون هيدرولوجيا (أى مائيا).كانت مصر سيدة النيل بل مالكة النيل الوحيدة. الآن انتهى هذا وأصبحت شريكة محسودة ومحاسبة، ورصيدها المائى محدود وثابت وغير قابل للزيادة إن لم يكن للنقص والمستقبل أسود. ولت أيام الغرق وبدأت أيام الشرق وعُرفت الجفاف لا كخطر طارئ ولكن دائم «الجفاف المستديم» بعد «الرى المستديم».
نبوءات رائعة حقا، وكأنها كانت حين تسطيرها قبل نيّفٍ وعشرين سنة قراءة فى كتاب مفتوح صدر العام 2010.فالجميع فى الشرق الاوسط وخارجه يتداعون ضدها الآن تماما ك«القصعة». والجميع يشعر بأنه صاحب دور كبير فى غياب الأخ الأكبر.
وهذا وضع لايمكن ان يستمر، الأمر الذى يعيدنا إلى سؤالنا الأولى: كيف سترد مصر؟
الأدق أن يُقال إنها بدأت ترد، على الأقل فى أفريقيا.
فبعد سنوات من إهمالها عمقها الأفريقى، وهى إحدى الدوائر الرئيسية التى حددها جمال عبدالناصر فى «فلسفة الثورة»، عادت القاهرة قبلة للقارة السمراء، فاستقبلت فى يوم واحد (الاحد الماضى) رئيس وزراء كينيا أودينغا ورئيس جمهورية الكونغو جوزف كابيلا.
والأرجح ان يكون الحبل على الجرار فى قادم الأيام، كى يشمل معظم دول المنبع السبع فى حوض النيل، سواء فى القاهرة أيضا أو على هامش اجتماعات القمة الفرنسية- الأفريقية فى مدينة نيس الأسبوع المقبل. وقبل هذا التحرّك، كانت القاهرة تنشط فى السودان بشكل لم يسبق له مثيل منذ خمسينيات القرن العشرين.
فهى أقامت «جسرا جويا» دبلوماسيا مع الخرطوم، لتنسيق المواقف ضد اتفاق دول منبع النيل.كما أن الوزن المصرى المُتعلِّق بالسودان نفسه، بدأ يتجلى فى مواقف هذا الأخير من التحديات الكبرى التى تواجهه، خاصة فى الجنوب. فالخرطوم بدأت تبدى ممانعة أقوى حيال مخططات تقسيم البلاد، مستفيدة من الإطلالة المصرية الجديدة التى باتت تعتبر العبث فى حدود أكبر دولة أفريقية خطرا داهما على أمنها القومى.
حتى الآن، لاتزال القاهرة تستخدم القوة الليّنة مع دول المنبع السبع. فهى تعوّل على الاتصالات السياسية الرفيعة والضغوط الدبلوماسية الرقيقة لفرز مواقف الدول الأفريقية المعنية. كما أنها تُرفق ذلك بحلول عملية وتقنية واقتصادية لمسألة التنمية المشتركة فى دول حوض النيل.بيد أن هذا لن يكون كل مافى الجعبة المصرية.
ففى حال تبيّن للحكومة المصرية (وفى الواقع لأى حكومة مصرية سابقة أولاحقة)، أن القوة الليّنة لم تُجدِ نفعا، فإن القوة الصلدة ستكون جاهزة للعمل. وهذا يعنى هنا احتمال ممارسة الضغط العسكرى المباشر على الدول التى ستصّر على حرمان مصر ولو من جزء يسير من شريانها الحيوى المائى، حتى ولو أدى ذلك إلى صدام عسكرى واسع النطاق.
هذا الحراك المصرى الكبير لن يكون قصرا لا على مصر والسودان، ولا على القارة الأفريقية، بل ستكون له مضاعفات كبرى فى الشرق الأوسط. إذ إنه قد يكسر الشرنقة التى وجدت أرض الكنانة نفسها فيها منذ اتفاقات كامب ديفيد العام 1979، والتى جعلتها تتقوقع على نفسها وتقبل بالحد الادنى من الأدوار غير القيادية فى مثلث المشرق الخليج أفريقيا.
المؤشّر الأبرز على هذا الخروج سيتجلّى فى طبيعة المواقف التى ستتخدها تل أبيب وواشنطن من مسألة مياه النيل. فإذا ما تبيّن بأن هاتين الأخيرتين ستقفان بالمرصاد لأى جهد مصرى يستهدف حماية مصالح البلاد الوجودية للبلاد، فهذا سيدفع القاهرة حتما إلى السير فى خط تصادمى معهما، للمرة الاولى منذ أن أخرج الرئيس السادات مصر من المعسكر الاشتراكى ودمجها فى العالم الرأسمالى كدولة خدماتية غير انتاجية.
العد العكسى، إذا، لاستعادة دور مصر بدأ. ولن يطول الوقت فى الغالب، قبل أن نسمع ونرى ونحس بالقوة المصرية وهى تهدر مجددا على ضفاف النيل كما على شواطىء البحرين الأوسط والأحمر.
أهلا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.