الوطنية للانتخابات تبدأ استقبال الطعون على مرشحي مجلس الشيوخ    جامعة القاهرة تكشف تفاصيل استعدادات تشغيل مكتب تنسيق القبول لاستقبال طلاب الثانوية العامة    وزير الري يُشارك في احتفالية عيد التحرير الوطني برواندا    85 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك في سوق العبور اليوم    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 12 يوليو 2025    أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    العمل: أكثر من 1.1 مليار جنيه رعاية وتعويضات ل234 ألف عامل غير منتظم    «أموى»: نتطلع إلى استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركى والإداري    قُتِل 260 شخصًا.. تقرير أولي يكشف ملابسات تحطم الطائرة الهندية    جيش الاحتلال يفرض قيودًا أمنية مشددة في المنطقة البحرية قبالة قطاع غزة    الرئيس السيسي يشارك في اجتماع القمة التنسيقي للاتحاد الإفريقي بغينيا الاستوائية    سلاح الجو الأوكراني: روسيا أطلقت 623 مسيّرة وصاروخا على أوكرانيا خلال الليل    أردوغان: قلبنا صفحة دامية من تاريخ البلاد بعد القضاء على الإرهاب    نهائي مونديال الأندية.. تشيلسي وباريس يبحثان عن اللقب الأول    "قصص متفوتكش".. إمام عاشور في الساحل.. أزمة حامد حمدان.. وقرار جديد من ليفربول    ريال مدريد يقترب من حسم صفقة ألفارو كاريراس.. ومصير ميندي في مهبّ الريح    تحذير من الأرصاد: طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة خلال الساعات المقبلة    ضبط 136.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات.. صور    غادة عبدالرازق تتعرض لإصابة بقدمها وتطمئن جمهورها    موريتانيا عن لقاء بين الغزواني ونتنياهو في واشنطن: كذب    بسبب مونديال الأندية.. الهلال يدرس الانسحاب من كأس السوبر السعودي    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل طالب المعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان    بالأسماء| مصرع شخص وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بطريق مطروح    وزير الخارجية الروسي: الاستيطان يُنهي فرصة الدولة الفلسطينية    أول تعليق من منى الشاذلي على أزمة اللوحات المسروقة ومها الصغير    أحمد الجندي: الأزمة بين بيومي وسلام كانت بسيطة.. ولكن    حسام موافي يكشف تأثير تناول القهوة على القلب    5 أطعمة تعزز صحة القلب    «الصحة تكشف».. 3 أسباب لحدوث الولادة المبكرة    دفن سائق لقي مصرعه في حادث اصطدام بالمرج    حظك اليوم السبت 12 يوليو وتوقعات الأبراج    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    حريق هائل يلتهم محل تجارى ببنى سويف    واشنطن تنفي دعمها إقامة كيان منفصل لقوات سوريا الديمقراطية    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 12 يوليو 2025    هافال دارجو 2026.. تحديثات تصميمية وتقنية تعزز حضورها    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 12 يوليو 2025    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    «الخطيب كلمة السر».. أحمد سليمان يكشف مفاجأة: أكثر من لاعب في الأهلي طلب الانتقال للزمالك    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    «كشف أسرار الزمالك».. أيمن عبد العريز يفتح النار على وائل القباني    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الموعد الرسمي وطرق الاستعلام لجميع التخصصات بنظامي 3 و5 سنوات    هشام عباس يشارك فى افتتاح المسرح الرومانى بدويتو مع الشاعرى    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد    أحمد عبدالقادر ينتقل إلى الحزم السعودي مقابل مليون دولار    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مردخاى فعنونو وضمير الردع المكسور
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 06 - 2025

نشر موقع 180 مقالا للكاتبة أورنيلا سكر، تناولت فيه أن مفهوم الردع التقليدى، وخاصة الردع النووى، لم يعد وحده كافيًا لضمان الأمن أو التفوق فى الصراعات المعاصرة، كما أوضحت الكاتبة أن الحرب بين إسرائيل وإيران عام 2025 تكشف عن تحوّل نوعى فى استراتيجيات الردع نحو أدوات غير تقليدية كالاستخبارات، والاغتيالات، والحروب السيبرانية، والتفوق التكنولوجى الدقيق، ما يجعل من قضية مردخاى فعنونو (فنى نووى إسرائيلى اشتهر لكشفه عن تفاصيل برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلى للصحافة البريطانية) رمزًا لنقاش أعمق حول أخلاقيات الردع وحدود القوة... نعرض من المقال ما يلى:
فى زمن الحرب الإسرائيلية ضد إيران فى العام 2025، يعود اسم مردخاى فعنونو، ذلك الفنى النووى الإسرائيلى المغمور الذى قلب معادلة الردع منذ نحو أربعة عقود، ليحضر من جديد، لا كتفصيل تاريخى، بل كرمز فى النقاش المتجدد حول مستقبل الردع، حدود القوة، وتآكل السيادة.
مردخاى فعنونو، سرّب فى العام 1986 إلى الصحافة البريطانية معلومات وصورًا سرية من داخل مفاعل ديمونا، ليُفجّر أول اعتراف فعلى بأن إسرائيل، الدولة التى كانت تتبنّى سياسة «الغموض النووى»، تمتلك ترسانة نووية لا تقل عن 200 رأس حربى، بينها قنابل هيدروجينية.
ما فعله فعنونو لم يكن كشفا للمعلومات وحسب. هو تقويضٌ كاملٌ لركيزة كانت إسرائيل تبنى عليها عقيدتها الأمنية: أن تبقى فى الظل، لكنها تُرعب الجميع. غير أن العام 2025 ليس العام 1986. فالحروب تغيّرت، وأدوات الردع تطوّرت، والمنظومة الأمنية الإسرائيلية تجد نفسها أمام معضلات جديدة، لا تحلها الرءوس النووية، بل تطرح أسئلة تتجاوز قدرة «الردع الكلاسيكى» على الإجابة، بدليل الوقع الكبير للصواريخ الباليستية الإيرانية فى قلب تل أبيب وحيفا ومعظم النواحى الإسرائيلية.
الضربات الإسرائيلية التى تطال العمق الإيرانى لم تستهدف فقط المفاعلات النووية وحسب، كما حصل سابقا فى النموذجين العراقى والسورى. هم يستهدفون أولا العقول التى صنعت وطوّرت التقنية النووية فى إيران. اغتيالات متزامنة لعلماء نوويين، ضباط أمن، ومهندسى صواريخ، فى قلب طهران وأصفهان وكرج وحتى مشهد وتبريز، ما أظهر تحولًا نوعيًا فى العقيدة الإسرائيلية: من الردع النووى إلى الردع الاستخباراتى، ناهيك بقدرة على اختراق العمق الإيرانى بشبكات من العملاء تمكنت من قتل القادة العسكريين والعلماء النوويين، من خلال عمليات أمنية مركبة، وهذا مسار دشّنه الإسرائيليون منذ سنوات فى إطار «حرب الظلال» المفتوحة بينهم وبين الإيرانيين (استهداف بواخر وقتل علماء وعمليات قرصنة سيبرانية إلخ..). بهذا المعنى، لم تُسقط إسرائيل نظامًا، ولم تُلقِ قنبلة، لكنها أربكت إيران استراتيجيًا وأفقدتها الثقة - ولو لبعض الوقت - بأمنها الداخلى.
فى المقابل، جاء الرد الإيرانى ليخلق حدا أدنى من التوازن فى سياق محاولة ترسيخ قاعدة «الردع المتكافئ». لا قواعد اشتباك واضحة، ولا خطوط حمراء تُحترم، بل حرب استنزاف باردة بسلاح جو تتفوق فيه إسرائيل وبصواريخ أثبتت من خلالها إيران قدرتها على استنزاف الخصم الإسرائيلى.
إن استحضار فعنونو اليوم، فى ظل حرب الاستنزاف المفتوحة بين قوتين إقليميتين مسلحتين بأكثر من السلاح، يعنى استدعاء الجدل حول مفهوم «الردع»: هل الردع يتحقق فقط بامتلاك القنبلة النووية، أم بإثبات القدرة على استخدام أدوات صغيرة – ولكن دقيقة – لهدم البنى الاستراتيجية للعدو؟ فعنونو حذّر مبكرًا من عبء القوة، ومن منطق امتلاك «سلاح القيامة». واليوم، تبدو إسرائيل قد أدركت أن الغموض لم يعد كافيًا، ولا القنبلة وحدها تجلب الأمن، بل الحروب المعقّدة التى يتداخل فيها العسكرى بالأمنى والسيبرانى، ناهيك بالعقيدة والديموغرافيا والجغرافيا والمقدرات والموارد إلخ.. تقليديًا، اعتمدت إسرائيل على نظرية «الضربة الثانية» (Second Strike Capability)، أى قدرتها على الرد النووى فى حال تعرّضت لهجوم مدمر. هذه العقيدة كانت تهدف لضمان الردع حتى فى أحلك السيناريوهات. لكن واقع 2025 يفرض تحولًا: الردع لم يعد مبنيًا على التهديد باستخدام النووى، بل على تنفيذ عمليات دقيقة تُربك الخصم دون أن تجرّ حربًا شاملة.
مفهوم «الضربة الصامتة» يحل محل «الضربة الثانية»: الاغتيال يغنى عن الصاروخ، والطائرة المسيّرة تغنى عن الطائرة الحربية. حين كشف فعنونو البرنامج النووى الإسرائيلى، غرق العالم فى صمت كبير. لم تُفرض عقوبات، ولم تُدن إسرائيل. اليوم، حين تُغتال شخصيات علمية، ويُخترق الأمن الإيرانى، يتكرر الصمت نفسه.
هذه الازدواجية تعيد طرح سؤال جوهرى: هل الردع مشروعٌ أخلاقيًا حين يكون بيد طرف دون الآخر؟ وهل الردع فعّال حين يُدار من خارج القانون الدولى»؟ وماذا عن ازدواجية المعايير؟
العالم اليوم، كما تُظهر الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، لا يتحرك وفق منطق الحرب الباردة القديمة، بل فى ظل فوضى شاملة: الردع النووى لم يعد ضمانًة للسلام. السيادة الوطنية باتت قابلة للاختراق فى كل لحظة. التفوّق الاستخباراتى صار أهم من امتلاك السلاح نفسه. النظام الدولى فقد سلطته على تنظيم قواعد الردع.
فى ظل هذا المشهد، يصبح مردخاى فعنونو أكثر من مجرد شخص كشف سرًا. إنه صوتٌ مبكرٌ لما يعيشه العالم اليوم: حروب بلا جيوش، ردع بلا صواريخ، وخصومات بلا نهاية. ماذا إذا لم تستطع إسرائيل أن تربح فى معركتها مع إيران؟ هل تلجأ إلى السلاح النووى؟ وهل تستطيع إيران بناء توازن ردع من دون اللجوء إلى السلاح النووى؟ وهل يبقى العالم صامتًا أمام هذه الهندسة الجديدة؟
النص الأصلى:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.