هل تؤثر الحرب بين الهند وباكستان على أسعار السلع في مصر؟

تجار: الركود سيحد من التأثيرات المحتملة على السوق المحلية
عمر: تخوفات من اتجاه التجار لتصدير الأرز للاستفادة من السعر العالمي
رغم توقعات عدد من التجار والخبراء أن يكون تأثير اندلاع الحرب بين الهند وباكستان محدودًا على أسواق السلع المحلية في الوقت الحالي، إلا أنهم تخوفوا من اتساع رقعة الصراع، لتؤثر بشكل مباشر على المحاصيل الزراعية في منطقة شرق آسيا.
وتبادلت الهند وباكستان، الثلاثاء الماضي، قصفًا بالصواريخ، أسفر عن وقوع عدد من الضحايا والمصابين، بعدما أعلنت الهند شن هجمات جوية ضد البنية التحتية في باكستان وفي الجزء الخاضع لسيطرة إسلام آباد من كشمير.
وتُعدّ الضربات التي شنتها الهند ضد باكستان، الثلاثاء الماضي، هي أعمق قصف هندي داخل حدود باكستان غير المتنازع عليها منذ الحرب الهندية الباكستانية في 1971.
وتستحوذ الهند على أكثر من 40% من صادرات الأرز العالمية، فيما تُورّد كل من الهند وباكستان نحو 80% من التوابل والعطارة للأسواق العالمية، وفق تجار تحدثوا ل«الشروق».
ويرى شادي الكومي، نائب رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية، أن الحرب لن يكون لها تأثير مطلقًا على السوق المحلية، مرجعًا ذلك إلى أن منطقة الحرب الحالية لا تشمل أي محاصيل استراتيجية يتم تصديرها للأسواق العالمية.
وأكد الكومي خلال تصريحات ل«الشروق» أن الموانئ الهندية والباكستانية تعمل بشكل طبيعي حتى الآن، ويوجد حركة طبيعية لتدفق السلع الآسيوية للأسواق العالمية، ولكنه أشار إلى أن امتداد الحرب على نطاق أوسع خلال الفترة المقبلة سيؤثر على عدد واسع من السلع، لكنه رفض تحديدها في الوقت الحالي.
ويقول عاصم عمر، محلل أسواق السلع، إن سلعة الأرز قد تكون الأبرز بين المتضررين، مرجعًا ذلك إلى أن دولة الهند هي أكبر مُصدر للسلعة الاستراتيجية في العالم.
ورغم أن مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا من الأرز، إلا أن عمر يتخوف من أن ارتفاع السعر العالمي المتوقع، قد يدفع الفلاح لزيادة أسعار توريد شعير الأرز وقت الحصاد، كما أنه قد يُشجع التجار على زيادة حجم الصادرات من السلعة الاستراتيجية، وهو ما سيؤثر سلبًا على السوق المحلية.
ويرى أنه من المفترض أن يكون التأثير محدودًا جدًا على سلعة الأرز الأبيض داخل السوق المحلية، نظرًا لارتفاع حجم المعروض، وانخفاض القوة الشرائية، مضيفًا أن الحكومة لا تستورد السلعة الاستراتيجية إلا في نطاق محدود بنهاية الموسم، وبكميات تتراوح بين 50 إلى 100 ألف طن فقط.
وارتفعت أسعار الأرز الهندي خلال تعاملات أمس الخميس، بنسبة 1.2% ليصل إلى 1110 دولارًا للطن، فيما سجلت بعض الأصناف (البسمتي) نحو 1220 دولارًا للطن.
من جانبه يتوقع مجدي الوليلي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن تزيد المساحات المزروعة من الأرز بنسبة كبيرة خلال العام الجاري، مرجعًا ذلك إلى عزوف عدد كبير من الفلاحين عن زراعة القطن، بسبب مشكلات المستحقات المالية التي تعرضوا لها الموسم المنقضي.
وأشار الوليلي خلال تصريحاته ل«الشروق» إلى أن الحكومة تعمل على استنباط سلالات جديدة من أصناف الأرز، تساهم في تحسين جودة السلعة المصرية، وزيادة الإنتاجية، لافتًا إلى أن السلالات الجديدة بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في المساحات المزروعة، سيساهمان في امتصاص أي صدمات خارجية على سلعة الأرز ناتجة من الحرب الهندية الباكستانية.
ويبدأ موسم زراعة الأرز في مايو الجاري، على أن يتم الحصاد في نهاية أغسطس وحتى نهاية أكتوبر.
وتحدد الحكومة مليون و70 ألف فدان لزراعة الأرز كل عام، ولكن يصل إجمالي المساحات المزروعة إلى أكثر من 1.5 مليون فدان سنويًا، حيث يتجه بعض الفلاحين إلى زراعة مساحة مخالفة مقابل دفع غرامة مالية والتنازل عن حقه في السماد المدعم، وفق حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، في تصريحات سابقة ل«الشروق».
يقول مصطفى السلطيسي، عضو شعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن السوق المحلية تعاني من ركود شديد، يمنع أي ارتفاع في الأسعار، لذلك يتوقع تأثيرًا محدودًا جدًا على الأسواق نتيجة الحرب بين الهند وباكستان.
وأكد السلطيسي ل«الشروق» أن الحكومة تسمح بتصدير الأرز في الوقت الحالي، بعد دفع رسوم 150 دولارًا على كل طن، مرجعًا ذلك إلى وجود فائض عن احتياجات السوق المحلية يزيد عن 700 ألف طن أرز أبيض.
ومن ناحية أخرى، يرى مروان أبو الليل، سكرتير شعبة الحبوب والحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية، أن الحرب الهندية الباكستانية سترفع أسعار التوابل في السوق العالمية بنسبة كبيرة جدًا، مرجعًا ذلك إلى أن البلدين هما الموردين الأساسيين للتوابل والعطارة للعالم كله.
ولكنه أبو الليل يتوقع أن التأثير سيكون محدودًا جدًا على السوق المحلية، مرجعًا ذلك إلى انخفاض حجم المبيعات بنسبة قد تتجاوز ال70% بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية لدى المواطنين.
وأكد أبوالليل خلال تصريحاته ل«الشروق» أن أسعار التوابل والعطارة تراجعت في السوق المحلية بنسبة 5% خلال شهر أبريل المنقضي رغم زيادة التكلفة الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود بقيمة جنيهين لكل الأنواع.
وتوقع أبوالليل أن يشهد الأرز البسمتي ارتفاعات ملحوظة بالسوق العالمية نتيجة الحرب الهندية الباكستانية، ولكنه يرى أنه سلعة ترفيهية، ولن يكون لهذه الارتفاعات تأثيرًا على السوق المحلية مطلقًا.