عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباح الأحد الماضى، عماد يطلب علبة سجائر مستوردة من البائع بأحد الأكشاك بشارع البطل أحمد عبدالعزيز فى المهندسين ويشتريها بالسعر العادى.الساعة الرابعة عصرا عماد يذهب لنفس الكشك لطلب علبة سجائر أخرى «علشان عند البيت فى زايد غالية»، لكنه فوجئ أن السعر زاد جنيها ونصف الجنيه. حرك عماد حاجبيه فى اندهاش لصاحب الكشك الذى يعرفه جيدا، لأنه بالقرب من الشركة التى يعمل بها عماد محاسبا.صاحب الكشك يجاوب عماد دون أن يسأله «أصل كل الأكشاك رفعت السعر وأنا كده هاخسر»، عماد يهز رأسه فى محاولة لطرد كلمات صاحب الكشك من أن تصل لأذنه، لأنه فى الصباح أكد له أن قرار غلاء السجائر سيتم تطبيقه أول يونيو القادم. عندما أعاد عماد عليه هذه الكلمات برر صاحب الكشك موقفه. «أنا غلطان لو كنت بعت غالى من الصبح كان زمانى كسبت 100 جنيه زيادة».كانت أسواق بيع السجائر قد شهدت حالة من الارتباك خلال الأيام القليلة الماضية بسبب رفع أسعارها مما دفع عددا كبيرا من تجار السجائر إلى إخفاء كميات كثيرة من السجائر وتخزينها لحين تغير سعرها بالأسواق والاستفادة بفارق الأسعار. عماد يشعر أن «ده استنزاف للمدخنين»، لأن التجار يعلمون جيدا أن المدخن سيدفع أى مبلغ للحصول على علبة السجائر. يتناول علبة السجائر المستوردة ويرحل وهو يقول: «أنا هشرب لى سجارة علشان أنسى». أسعار السجائر ارتفعت فى منطقة الشيخ زايد التى يسكن بها عماد ليلة صدور القرار يوم الثلاثاء الماضى. يعترف عماد أنه يدخن بشراهة حتى إنه يقترب من تدخين علبتين فى اليوم، «ده غير إنى طول اليوم فى الشغل باعزم واتعزم على السجاير». قال مجدى جاب الله رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالفيوم إن بعض أنواع السجائر ارتفع سعرها بأكثر من القيمة التى وافق عليها مجلس الشعب، وتوقع أن يدفع الارتفاع الأخير فى أسعار السجائر بعض المدخنين إلى التقليل من التدخين، لأنه يؤثر على ميزانية الأسرة. «هذه الزيادة فى الأسعار ستجعل رب الأسرة يفكر كثيرا فيما يستهلكه من أموال ويقتطعه من راتبه الشهرى لإنفاقه على التدخين». لكن عماد الذى يستعد للزواج بعد شهرين، يرى أن ارتفاع سعر السجائر لن يجعله يقلع عن التدخين «هاشرب يعنى هاشرب، أمال هاطلع ضيقى فى إيه؟». وفى رأيه أن المال يمكن أن يضيع من أجل السجائر وليس العكس. أخيرا، قرر عماد أن يهمل ارتفاع سعر السجائر تماما، لأنه على يقين «أنا اللى ذليت نفسى للحكومة فى السجاير والبنزين، وأستاهل لأنى أحمل وصمة مدخن»، ويشبه الأمر بارتفاع أسعار البنزين «يبذلونى برضه بعربيتى».