مصر تحصد المراكز الأولى بمسابقات المنتدى الأفرواسيوى للابتكار والتكنولوجيا في ماليزيا    منافس مصر - ريو نجوموها خارج قائمة إنجلترا في كأس العالم للناشئين    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    وزير الثقافة يتابع استعدادات إنعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب    برا وبحرا وجوا.. جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته لاتفاق غزة    وزير قطاع الأعمال يستقبل سفير الإمارات الجديد بالقاهرة ويؤكد عمق العلاقات بين البلدين    انخفاض ملحوظ في أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. البلطي ب70 جنيها    الداخلية تكشف ملابسات فيديو أداء 3 سائقين حركات استعراضية بالشرقية    قادة أوروبيون يدعمون أوكرانيا وجهود ترامب لإنهاء الحرب    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    سجن لاسانتيه.. كيف تبدو زنزانة الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي؟    موسكو تنفي تأجيل لقاء لافروف وروبيو: "لم يتم الاتفاق عليه من الأساس"    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    السيسي يتوجه لبروكسل لرئاسة وفد مصر في القمة المصرية الأوروبية الأولى    وزير الاستثمار: الحكومة تركز على تعزيز مساهمة القطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي    ارتفاع كبير بالقاهرة والصعيد في المنطقة الآمنة، درجات الحرارة اليوم في مصر    6 مصابين في انقلاب ميكروباص على طريق مصر-أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    القبض على شاب انتحل صفة ضابط شرطة ونصب على طالبة بالجيزة    محافظ أسوان يمنح موظفي المحليات والمديريات المرشحين للانتخابات إجازة    الفريق أول عبد المجيد صقر يستقبل وزير الداخلية لتقديم التهنئة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    وزير الخارجية يشكر محافظ أسوان على الدعم اللوجستي لإنجاح منتدى السلام والتنمية المستدامين    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    مخاطر تقديم الكافيين للأطفال الأقل من 12 عاما    الرعاية الصحية: تقديم 50 ألف خدمة طبية للاجئين من 60 دولة    بروتوكول تعاون بين جامعة القاهرة و «القومي للحوكمة» لدعم التنمية المستدامة    أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    تصريحات ذكرتنا بالحقائق    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    «التضامن» تعلن فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية.. غدًا    مصر وفرنسا تبحثان خطة إعادة إعمار القطاع الصحي في غزة    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية قصر النيل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    ياسين منصور: لا ديكتاتورية في الأهلي.. وهذه تفاصيل جلستي مع الخطيب    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    "جولدمان ساكس" تحذر من مخاطر اضطراب في إمدادات المعادن النادرة والحيوية    "تأهيل وتوعية الطلاب بدور المشروعات المتوسطة والصغيرة فى تعزيز الاقتصاد".. ندوة ب"طب بيطري بنها"    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    وزير الصحة يتابع نتائج زيارته إلى الصين لتعزيز التعاون في الصناعات الدوائية والتحول الرقمي    كيف تميز بين نزلة البرد العادية والتهاب الجيوب الأنفية؟    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    موعد مباراة برشلونة وأولمبياكوس بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مصطفى هريدي يكشف ل واحد من الناس علاقته بالزعيم عادل إمام وأول أدواره    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يتمكن ترامب من تفكيك الدولة العميقة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 03 - 2025

نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه محاولات ترامب لتقويض الدولة العميقة، والتحديات التى تحول دون تحقيق هدفه... نعرض من المقال ما يلى:
يعد مفهوم الدولة العميقة دليلا على أحد التحديات الجوهرية التى تقوض السياسات الداخلية الأمريكية، ويمثل رغبة الرؤساء الأمريكيين فى إعادة توجيه الجهاز البيروقراطى وإحكام سيطرتهم عليه. واتساقا مع هذا المعنى، وضع الرئيس دونالد ترامب نفسه فى مواجهة مع مؤسسات السلطة التنفيذية وموظفيها، على نحو أسفر عن تصدر مفهومين صدارة المشهد الداخلى الأمريكى، هما: السلطة التنفيذية الموحّدة، والدولة العميقة، ويستند الأول إلى شخصنة السلطة الرئاسية لتتجاوز حدود المنطق وسيادة القانون، فيما يشير الثانى - فى أحد معانيه - إلى المؤامرات المدبّرة الرامية إلى تقويض السلطة الدستورية للرئيس المنتخب.
بيد أن دلالات الدولة العميقة، فى السياق الأمريكى، تتجاوز المعنى السابق، لتشمل شبكة معقدة من المناصب الرفيعة والقيادات الحكومية غير المنتخبة فى مؤسسات عدة، مثل الجيش والاستخبارات والقضاء، والتى تتحكم فى مقاليد الحكم، ويزداد نفوذ شاغليها غير المبرر فى السياسات العامة، والذى ينعكس فيما يتم تمريره أو تعطيله من قرارات رسمية، بما يقلّص دور الرئيس المنتخب إلى حد كبير. وفى معنى متصل، فإن الدولة العميقة تشير إلى الآلاف من خبراء الرأى والموظفين الحكوميين غير السياسيين ممن قوضوا سلطة ترامب فى ولايته الأولى، وحالوا بينه وبين فرض رؤيته وسياساته، ومن أمثلتهم جيف سيشنز، الذى رفض الانخراط فى تحقيقات التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية 2016، وجيم ماتيس، الذى استقال بسبب خلافات حول قرارات ترامب الاستراتيجية مثل الانسحاب من سوريا، وغيرها.
تعددت جهود وسياسات ترامب الرامية إلى استئصال شأفة الدولة العميقة وتفكيك جذورها عبر تقليص حجم وفعالية الحكومة الفدرالية مترامية الأطراف من خلال الحد من مواردها وتقليل أعداد العاملين بها. وهى السياسات التى وجدت جذورها فى ولايته الأولى، وتكررت الدعوة لها فى حملته الانتخابية العام الماضى، وتجد طريقها إلى التطبيق فى ولايته الثانية. فقد أصدر ترامب فى ولايته الأولى أمرا تنفيذيا عرف باسم «الجدول F» أو (Schedule F)، والذى كان من شأنه عزل «البيروقراطيين المارقين» وتجريد موظفى الخدمة المدنية غير الموالين للرئيس من الحماية لتسهيل عملية فصلهم واستبدال آخرين بهم يعبرون صراحة عن ولائهم لترامب عند تعيينهم. فيما استهل ترامب ولايته الثانية بأمر تنفيذى يجيز إجراء مراجعات شاملة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية وغيرها من الوكالات؛ لتصحيح «سوء السلوك السابق» من خلال إجراءات مناسبة.
إن رغبة ترامب فى تقويض الدولة العميقة، ومنح الموظفين المشرفين على إدارة التنوع فى المؤسسات الحكومية إجازة مفتوحة، وتعيين الموالين له فى أعقاب إعادة تصنيف الآلاف من موظفى الخدمة المدنية؛ تأتى فى إطار جملة من السياقات والعوامل، منها: سيطرة الحزب الديمقراطى ونخبته الليبرالية بشكل منفرد وغير رسمى على مقاليد الحكم خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن من جهة، ورغبة مؤيدى ترامب فى رئاسة حازمة تلبى تطلعاتهم من جهة أخرى، وتطبيق أحد أهم الدروس المستخلصة من ولاية ترامب الأولى والمتمثل فى اختيار شخصيات تتسم بالولاء المطلق له بغض النظر عن كفاءتها للحيلولة دون أى مقاومة محتملة لسياساته المثيرة للجدل.
• • •
فى اتجاه مضاد للتحليلات التى تدفع بقدرة الرئيس الأمريكى على التصدى للدولة العميقة من خلال سياساته السالف ذكرها، تبرز ثلاثة اتجاهات تشكّك فى قدرته تلك، وهو ما يتضح على النحو التالى:
أولا: استمرار الدولة العميقة بأشكال أخرى: يتأسس هذا الاتجاه على صعوبة إصلاح الحكومة الفيدرالية، ولاسيما أن الدولة العميقة لا تنبع من داخل البيروقراطية الفيدرالية، بل تنبع من «دولة المقاولين» التى تتكون من شركات عملاقة ذات ثراء مالى وحماية سياسية بقيادة شركات المقاولات الدفاعية الكبرى وحكومات الولايات والمنظمات غير الربحية المدعومة من دافعى الضرائب وأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى؛ ومن ثم فإن مواطنى وداعمى تلك الدولة العميقة هم السبب الحقيقى فى الإنفاق الفيدرالى المتزايد وعجز الميزانية الفيدرالية فى ظل تشعب البرامج الفيدرالية واستخدام أموال الضرائب لتوظيف ملايين الأشخاص فى القطاع الخاص، وهم السبب الحقيقى وراء الهدر والاحتيال لا البيروقراطيين. كما تذهب أكبر عقود الدولة العميقة الحقيقية إلى الشركات العملاقة التابعة للمجمع الصناعى العسكرى عبر وزارة الدفاع الأمريكية؛ مما يجعلها أحد أبرز مظاهر الاحتكار وأحد أسباب ضعف الرقابة الفدرالية.
ثانيا: التداعيات السلبية لسياسات ترامب على نفسه: يدفع هذا الاتجاه بأن سياسات ترامب لتقويض الدولة العميقة ستقوضه هو نتيجة جملة من الأسباب، منها أن القيادات التى يعيّنها تمس الدور القيادى العالمى فى سياق دولى أكثر تعقيدا من مثيله فى فترته الرئاسية الأولى. وعليه، فإنها لا تتناسب مع التوترات الجيوستراتيجية العالمية فى منطقة الشرق الأوسط أو فى القارة الأوروبية، كما لا تتسق والتوترات المتصاعدة مع الصين فى ظل منافسة دولية محتدمة معها. فلا شك أن الاستعاضة عن خبراء الاستخبارات ذوى الخبرة سيخلّف عواقب سلبية على المدى الطويل فى الوقت الذى تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى مجتمع استخبارات ذى كفاءة وفعالية.
بعبارة أخرى، فإن سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة ستسفر عن تقويض إن لم يكن «هدم» أجهزة الاستخبارات الأمريكية؛ لأن تلك السياسات تتأسس على تحكم الولاءات فى عمل تلك الأجهزة، وهى القناعة التى تقوض أحد أهم أسس عملها، والمتمثل فى تغليب المصلحة على الولاء من خلال إمداد الرئيس بأفضل المعلومات الاستخباراتية المتاحة. كما يسهل التشكيك فى كفاءة كثير من الشخصيات التى عينها، ومنها مديرة الاستخبارات الوطنية، الديمقراطية السابقة تولسى غابارد، التى دافعت عن بشار الأسد، واتهمت ترامب بالسعى إلى حرب مع إيران؛ لذا يشير سجلها ومواقفها السياسية المعلنة إلى الطابع الانتقائى الذى ستمارسه عند تقييم المعلومات الاستخباراتية؛ فتستمع إلى ما يتفق مع نسقها العقدى، وترفض ما يتناقض مع رؤيتها وسياساتها.
ثالثا: تسييس الدولة العميقة لأغراض وظيفية: دفعت بعض التحليلات بعدم وجود ما يسمى الدولة العميقة، وأن مزاعم ترامب بشأنها هى محاولة للمتاجرة والزج بنظرية المؤامرة فى قلب السياسة الأمريكية لتصفية الخصوم وخلق ثقافتى الصمت والخوف اللتين قد تؤثران فى الأداء الوظيفى لمختلف الأجهزة الرسمية. وقد تكون تلك المزاعم مجرد البداية للنيل من معارضى الإدارة الأمريكية الحالية، ما يأذن ببداية عهد جديد للولايات المتحدة ونظام حكمها؛ فتوزع المناصب وفقا للأهواء وليس الكفاءات. وبناءً على ذلك، فى المستقبل القريب، ستتضح أهداف ترامب من سياساته تلك، وما إن كان تسييسها يهدف إلى ردع موظفى الخدمة المدنية كى لا يتصدوا لأجندته المتطرفة، أم إلى إعادة ترتيب الجهاز البيروقراطى وتسخيره فى خدمته، وتحويل الحكومة الفدرالية إلى وسيلة لإحكام السيطرة واستهداف الخصوم وتصفية الحسابات وملاحقة المعارضين واستفزاز المؤسسات التقليدية.
• • •
ختاما، ينفذ الرئيس ترامب وعده بملاحقة أعدائه وإسقاط أنصار الدولة العميقة الذين عارضوه سلفا وتسببوا فى ملاحقته قضائيا، وهو ما بدأ بالفعل بعد ساعات قليلة من أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة فى ولايته الثانية. ونتيجة لذلك، تثير سياسات ترامب فى مواجهة الدولة العميقة تساؤلات جدية عن قدرة أنصاره على إدارة مؤسسات ضخمة ومعقدة، ودورهم فى تسييس أكبر المؤسسات التى يفترض استقلاليتها عن السلطة السياسية؛ فى إساءة استخدام واضحة للسلطة، وفى تحويل متعمد للمؤسسات إلى أدوات سياسية.
النص الأصلى:
https://rb.gy/mo979o


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.