خبراء: تأسيس ترامب احتياطي استراتيجي من العملات الرقمية خطوة نحو الاعتراف بها عالميًا

وليد علام: الشركات الكبرى تواصل زيادة حيازتها من العملات الرقمية
جاد الحريري: تقنينها لن يكون سهلا وسيصطدم بالبنوك المركزية حول العالم
بدأت العملات الرقمية أو المشفرة تأخذ منحنى اقتصاديا جديدا، فبعد سنوات من رفض كبرى الاقتصاديات والمؤسسات المالية العالمية الاعتراف بها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنشاء احتياطي استراتيجي منها، في خطوة اعتبرها محللون اقتصاديون تحدثوا ل"الشروق"، أنها ستقود نحو دمج تلك العملات بالاقتصاد العالمي جنبا بجنب مع العملات الورقية، والاعتراف بها بشكل أوسع بين الدول.
وتعهد ترامب المعروف عنه تأييده للعملات الرقمية، أثناء حملته الانتخابية، أن تلك العملات تلعب دورا أوسع في الاقتصاد الأمريكي، ما ساهم في كسب تأييد المستثمرين فيها، على رأسهم رجل الأعمال إيلون ماسك صاحب عملة الرقمية "دوجكوين."
ومع قدومه للبيت الأبيض، أصدر ترامب أوامره التنفيذية في يناير الماضي بتنظيم تلك الأصول، والتي تهدف لتعزيز وحماية سيادة الدولار، والسماح للمواطنين الأمريكيين بالتداول بها والمشاركة في عمليات التعدين عنها.
وكلف بموجب تلك الأوامر، فريقا يضم أعضاء وزارة الخزانة، ووزارة العدل، ولجنة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة تداول السلع الآجلة، بتقديم تقرير إلى الرئيس خلال 6 أشهر، يتضمن توصيات بإطار تنظيمي ومقترحات تشريعية حول مستقبل تلك الأصول.
لكن ترامب لم ينتظر التوصيات التي تصدرها اللجنة، وفي تطور يشير إلى سرعة تحركه لدعم تلك الأصول الرقمية وتقنين أوضعها، أعلن عبر منصة "تروث" الأسبوع الماضي، إنشاء احتياطي استراتيجي من العملات المشفرة للولايات المتحدة سيضم عملات "البيتكوين، والإيثريوم، والريبل، وسولانا، وكاردانو".
ودعمت قرارات ترامب أسواق العملات المشفرة بعد تراجعات التي حدثت في أسعارها مؤخرا بسب تخوفات من الحروب التجارية، وارتفع إجمالي سوق العملات الرقمية في الساعات التي تلت تصريحاته حوالي 10% بما يعادل 300 مليار دولار.
وقال وليد علام خبير أبحاث السوق، إن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تنظيم حكومي أكثر وضوحا للعملات الرقمية، وربما تؤدي إلى دمجها بشكل أوسع في الاقتصاد الأمريكي ثم الاقتصاد العالمي.
وتابع علام خلال تصريحات ل"الشروق"، أن قرارات ترامب جعلت الشركات الكبرى تواصل زيادة حيازتها من العملات الرقمية وتحديدا البيتكوين، ما يساعد على نمو ثقة الأسواق في العملات المشفرة على المدى الطويل.
وارتفعت القيمة السوقية للعملات الرقمية بعد حديث ترامب عن إنشاء احتياطي استراتيجي إلى نحو 2.9 تريليون دولار، ووصل سعر العملة الأكثر شهرة فيها البيتكوين إلى 86 ألف دولار، لكنها تراجعت بنهاية تعاملات الاسبوع لمستويات 85 ألف دولار بعد إعلان ترامب خلال قمة للعملات المشفرة عقدت بالبيت الأبيض الجمعة الماضي، أن احتياطي الولايات المتحدة من العملات المشفرة سيتم تكوينه، من العملات الرقمية التي صادرتها المحاكم الأمريكية بإجمالي 200 ألف عملة، وليس من أموال دافعي الضرائب.
وأوضح في منشور على "إكس" أن تمويل الصندوق سيكون من العملات التي صادرتها الحكومة كجزء من "إجراءات مصادرة الأصول الجنائية أو المدنية"، ما يعني أنه "لن يكلف دافعي الضرائب سنتاً واحداً".
وقال جاد الحريري، استراتيجي الأسواق المالية في شركة first financial market ل"الشروق"، إن توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو تنظيم سوق العملات المشفرة أمر متوقع بسبب ارتفاع حجم استثماراته بهذا القطاع.
وأضاف الحريري، أن تكوين الولايات المتحدة أكبر اقتصاد عالمي احتياطي من تلك العملات، سيدفع الدول أن تسير على خطها، ويزداد الاعتراف بها عالميا بين الدول وبعضها.
لكن الحريري يرى أن خطوات ترامب لن تكون سهلة نحو تقنين العملات الرقمية، حيث من المتوقع أن تصطدم بالبنوك المركزية خاصة الفيدرالي الأمريكي بسبب شكوكها حول مستقبلها ومخاطرها العالية.
وحذرت وزيرة الخزانة السابقة الأمريكية جانيت يلين من العملات الرقمية، بسبب استخدمها في تمويلا غير مشروعه وارتفاع استهلاكها للطاقة، وذكر جيروم بأول رئيس الفيدرالي الأمريكي أن صناع السياسية النقدية الأمريكية ليس لديهم رغبة للمشاركة في تنظيم العملات المشفرة.
وقال الحريري، إن نظرته لا تزال إيجابية نحو العملات المشفرة في ضوء قرارات ترامب، خاصة البيتكوين متوقعا أن تستهدف مستويات 150 و200 ألف دولار على الرغم من تراجعها حاليا بنحو 28% عن مستوياتها التاريخية البالغة 110 آلاف دولار، لكنه حذر في الوقت ذاته من التذبذبات السعرية الحادة التي تتعرض لها ما يكبد المتداولون فيها خسائر ضخمة.
وعقد الرئيس الأمريكي يوم الجمعة الماضي أول قمة للعملات المشفرة في البيت الأبيض.
وأكد ترامب خلال القمة أن الولايات المتحدة ستعمل خلال ولايته على إنهاء الحرب التي يشنها الفيدرالي الأمريكي ضد البيتكوين والعملات الرقمية.