«السنباطى» تلتقي محافظ شمال سيناء لبحث سبل التعاون لحماية ودعم حقوق الطفل    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    محافظ كفر الشيخ ينهي أزمة الكهرباء بتركيب عدادات كودية ل 385 ورشة بمنطقة الحرفيين في بلطيم    حزب المؤتمر: جولة رئيس الوزراء بمنجم السكري تعكس الأهمية الاستراتيجية لقطاع التعدين    يجب إسقاط المشروع.. برلماني: الحكومة سقطت في اختبار قانون الإيجار القديم وانحازت للملاك    جيش الاحتلال يعلن رصد صاروخ أطلق من اليمن    مصر تدين استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين    أستاذ جيولوجيا: موجات مغناطيسية شمسية تعطل الراديو وتستعد لضرب التكنولوجيا الأرضية    صن داونز يعلن نفاد تذاكر مباراته أمام بيراميدز في نهائي أفريقيا    ضبط المتهمين بفيديو مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    حسين فهمي يشارك بندوة "مصر دولة الأفلام الجماهيرية في العالم العربي" بمهرجان "كان السينمائي"    طارق محروس: مشاركة منتخب الناشئين في بطولة أوروبا أفضل إعداد لبطولة العالم    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    يونيسيف: غارات جوية إسرائيلية على غزة خلال يومين قتلت أكثر من 45 طفلا    دخول متاحف الآثار مجانا للمصريين الأحد المقبل    «الرعاية الصحية» تبحث آليات تعزيز التعاون في سلاسل الإمداد وتوطين الصناعة الطبية    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى رمد شبين الكوم ويتابع معدلات الأداء.. صور    راغب علامة يطرح أغنيته الجديدة "ترقيص"    كلية الحقوق تختتم فعاليات اليوبيل الذهبي بأمسية فنية لكورال الجامعة    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    «بدون بيض».. حضري المايونيز الاقتصادي في المنزل لجميع الأكلات    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحرير (143) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: لا أرغب في اللجوء إلى القوة مع إيران وسنراقب تطور المفاوضات معها    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقول النفطية فى الضفة وغزة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 03 - 2025

تهدف إسرائيل من احتلالها الأراضى الفلسطينية (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية) إلى تحقيق أهداف متعددة. فكما أصبح واضحًا من حرب غزة وهجوم الجيش والمستوطنين على الضفة الغربية ومخيماتها، يكمن الهدف الرئيس من تهديم المنازل والمخيمات فى جعلها غير صالحة لعودة سكانها إليها، ومن ثم العمل بمساعدة الولايات المتحدة على تهجير السكان غصبًا.
تشمل ممارسات إسرائيل سياسات هادفة إلى استغلال الموارد الطبيعية، حيث بدأت هذه السياسة منذ عقد الخمسينيات بهيمنتها على مصادر المياه، وتبنى سياسات وضع اليد، وتخريب الأراضى الفلسطينية الزراعية. وبالإضافة إلى هذا وذاك، جرى تشييد آلاف المساكن فى مناطق استراتيجية تطل على القرى العربية أو لحماية مناطق فى إسرائيل 1948 قريبة من الحدود.
وقد أضيفت وسيلة جديدة خلال العقدين الماضيين لسرقة ثروة الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، وذلك إما بعرقلة تطوير الحقول النفطية الجديدة، كما هو الحال فى حقل «غزة مارين» الغازى فى قطاع غزة، أو باستغلال حقل «المجد» النفطى الذى يقع على جانبى الخط الأخضر من الضفة الغربية بالقرب من «رنتيس».
من ناحية أخرى، تتبنى إسرائيل سياسات واهية تعرقل من خلالها تطوير حقل مكتشَف، كما حصل فى تعطيل تطوير حقل «غزة مارين» فى بحر غزة منذ عام 2000.
كما تستغل شركة نفطية إسرائيلية خاصة إنتاج حقل نفط مشترك، حيث يمتد احتياطيه عبر الخط الأخضر الفاصل ما بين إسرائيل والضفة الغربية. إذ يمتد حقل «المجد» الواقع على مسافة قصيرة من منطقة «رنتيس» الصخرية فى الضفة الغربية. ويمكن للمرء أن يشاهد على بُعد 100 متر من حدود «رنتيس»، سياجًا وممرًا للخط الفاصل ما بين الضفة الغربية وإسرائيل. ويمكن من الخط رؤية شعلة لهب حقل «المجد» الذى تملكه وتديره الشركة الإسرائيلية «غيفوت غولام» للنفط. وقدرت الشركة الاحتياطى النفطى للحقل بنحو 1.5 مليار برميل، وهو يعد حقلًا صغيرًا نسبيًا، لكنه يفى بحاجات السوق المحلية الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر، حيث توزَّع الإمدادات على هذه السوق الإسرائيلية المجاورة. ولم تنشر الشركة أرقام الإنتاج.
• • •
المثير فى الأمر أن شعلة الغاز تقع على الجانب الإسرائيلى من الحدود، بمعنى أن الحقل داخل الحدود الإسرائيلية، لكنه فى الوقت نفسه محاذٍ لأراضى «رنتيس»، فهو يعد حقلًا مشتركًا كبقية حقول مماثلة له فى العالم.
تدل الأعراف المتَّبَعَة بين الدول، فى حال وجود حقل نفطى مشترك على الحدود ما بين دولتين، على ضرورة توصل الطرفين إلى اتفاق ثنائى لتقاسم تكاليف وعوائد الحقل، وما يرتبط به من أصول، وطرق الإنتاج منه، والوسائل المتَّبَعَة فى ذلك، بمعنى أن الطرفين على الحدود المشتركة يجب أن يتفقا ويكونا على علم بكمية الاحتياطى على طرفى الحدود من جهة، والكمية المسموح بإنتاجها للطرف الآخر.
إنّ المعتاد فى حال الحقول المشتركة هو التوصل إلى اتفاق ثنائى لاقتسام الحقل وما يرتبط به من تكاليف وعوائد، أما خلاف ذلك فيعنى أن الطرف المنتج يستنزف احتياطى الحقل على حساب الطرف الآخر. وهذا أمر مغاير للقوانين الدولية. وفى حال وجود حقل نفطى فى منطقة محتلة، لا يُسمح للدولة المحتلة باستغلال النفط. أما فى حال إنتاجه، فيتوجب على الدولة المحتلة تعويض الدولة تحت الاحتلال، فى حال الانسحاب لاحقًا.
• • •
الحقل الفلسطينى الثانى، هو حقل «غزة مارين» الذى يقع فى «المنطقة الاقتصادية الخاصة» لبحر غزة. وحسب «اتفاقية أوسلو»، فإن السلطة الفلسطينية مسئولة عن الاستكشاف والتطوير ثم الإنتاج. لكن، فى الوقت نفسه، فإن إسرائيل مسئولة عن الجانب الأمنى لبحر غزة.
اختارت سلطة الموارد الطبيعية فى السلطة الفلسطينية عام 2009 شركة «بريتش غاز» لعمليات الاكتشاف فى بحر غزة. وبالفعل اكتُشف حقل «غزة مارين» وسط المنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين عام 2000، وعلى مسافة قريبة من ساحل غزة. ينقسم الحقل إلى جزأين: «غزة مارين 1» الذى يقع وسط المنطقة الاقتصادية الخالصة، و«غزة مارين 2»، الذى يمتد إلى الحدود البحرية الجنوبية الإسرائيلية المجاورة، وبالذات حقل «مارى ب»، أول اكتشاف غازى إسرائيلى.
إلا أن احتياطى الغاز فى «مارى ب» صغير نسبيًا، واكتُشف قبل موجة الاكتشافات الغازية الضخمة فى العقد الماضى. وتشير دائرة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن احتياطات «مارى ب» قد استُنزفت تقريبًا، ومن ثم هناك الخوف من أن تشفط إسرائيل بعض إمدادات الغاز من حقل «غزة مارين 2» المجاور لحقل «مارى ب».
تقدِّر مصادر صناعة النفط أن احتياطى الغاز فى حقلى «غزة مارين 1 و2» بنحو 1.4 تريليون قدم مكعبة، وأنه وافٍ للطلب الطاقوى فى قطاع غزة وسكانه الذين يتعدون مليونَى نسمة، طبعًا قبل تدمير منازل ومخيمات القطاع والنكبة الثانية.
• • •
لم يُطوَّر الحقل حتى الآن رغم اكتشافه عام 2000، فقد استعملت الحكومات الإسرائيلية مختلف سياسات التعطيل والعرقلة لتعطيل التطوير. إذ طالبت بحصة من الغاز قبل توزيعه على القطاع، كما طالبت بحصة للشركات النفطية الإسرائيلية (قبل الاكتشافات الضخمة الأخيرة). وطالبت أيضًا بأن يُودَع ريع الغاز فى حساب خاص لا يمكن للسلطة الفلسطينية السحب منه دون الموافقة الإسرائيلية. عارضت السلطة الفلسطينية جميع المطالب الإسرائيلية هذه، إذ لم يتم الاتفاق عليها مسبقًا، إذ إنها مطالب ابتزازية وتعطيلية. ومما أدى أيضًا إلى تأخر تطوير الحقل الخلافات الداخلية الفلسطينية حول الصلاحيات المتعلقة بكل من السلطة الفلسطينية وحركة "حماس".
باعت شركة «بريتش غاز» التى اكتشفت الحقل، جميع أصولها وممتلكاتها فى العالم، من ضمنها حقل «غزة مارين»، لشركة «شل» الأوروبية. إلا أن «شل»، الشركة العملاقة، تخلَّت عن تطوير الحقل، نظرًا إلى العراقيل الإسرائيلية المتكررة ولضآلة الاحتياطى، والتعقيدات الجيوسياسية المحيطة به، فقررت عدم استمرار العمل فيه.
من ثم، اختارت سلطة الموارد الطبيعية فى السلطة الفلسطينية شركة مصرية حكومية لتطوير الحقول البحرية «إيجاس» و«شركة المقاولين المتحدة» الفلسطينية المسجلة فى أثينا وذات الخبرة الواسعة فى الصناعة النفطية العربية. صدرت الموافقة على تطوير الشركتين قبيل معركة «طوفان الأقصى» بفترة قصيرة جدًا.
• • •
أثار قرار إصدار سلطة الموارد الطبيعية اختيار الشركتين العربيتين لتولى مسئولية تطوير الحقل، ثم إصدار المكتب الإعلامى لرئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو بيانًا غامضًا يؤيد هذا القرار، أيضًا قبيل «طوفان الأقصى»، الكثير من اللغط والإشاعات حول علاقة الحرب بتطوير الحقل، رغم أن القرار من صلاحيات سلطة الموارد الطبيعية، وكان توقيته مرتبطًا باختيار شركات متخصصة لتطوير الحقل عاجلًا وليس آجلًا، بعد كل هذا الانتظار، بينما شكَّل بيان المكتب الإعلامى لنتنياهو غموضًا، نظرًا إلى أنه لم يصدر فى شكل قرار لمجلس الوزراء، فى الوقت الذى كثرت الخلافات داخل مجلس الوزراء نفسه حول أمور داخلية عدة.
من غير المعروف تمامًا ما الذى جرى تنفيذه خلال فترة الحرب، إذ لم تُنشر أى معلومات حول الأمر. وهذا أمر غير مستغرَب فى زمن حرب من هذا النوع. لكن من المتوقع إثارة الموضوع مستقبلًا مع المشاريع المختلفة لتطوير القطاع. فالحقل، رغم احتياطاته الضئيلة، يشكِّل أهم مشروع صناعى فى غزة وفلسطين.
ونظرًا إلى تعدد مشاريع إعادة تعمير غزة، يتوجب الوقوف هنا على مشروع الرئيس ترامب، الذى افتتحه بفيديو قصير عُرض على شاشات التلفزة الأمريكية وانتشر عالميًا. يعكس الفيديو الاستهجان والاستهانة بشعب غزة والعرب سواسية بعد النكبة التى حصلت فى القطاع دون مراعاة بتاتًا لمشاعر الشعب الفلسطينى، كما يغضّ النظر عن مسيرة العودة إلى شمال القطاع وإصرار سكان البلاد على البقاء فى بلادهم.
وليد خدورى
خبير اقتصادى من العراق
جريدة الشرق الأوسط اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.