مصر تستضيف مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة في نوفمبر 2025    رئيس المتحف المصري الكبير: لدينا مركز ترميم عالمي يحتوي على 19 معملًا    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    ارتفاع جديد في درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    الجمبري ب1700 جنيه.. أسعار السمك بأسواق دمياط    دينا فؤاد: شعرت بالفخر لمشاركتى بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة    هانى سعيد: انتقال رمضان صبحى للزمالك غير صحيح ولم أطلب تأجيل أى مباراة    التحفظ على والد طفل الإسماعيلية المتهم بقتل زميلة وتقطيع جثته    هل فقد ليفربول هيبته رغم جهود ومحاولات محمد صلاح لانتشال الفريق؟    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    استشهاد أسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي    شوط سلبي بين ميلان ضد فيورنتينا في الدوري الإيطالي    ترامب يصف الرئيس الكولومبي بزعيم مخدرات    ماكرون: سرقة اللوفر اعتداء على جزء من تاريخنا وتراث نعتز به    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    لابورتا: نصطف بجانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بدلا من السوبر ليج    مصطفى محمد يقود تشكيل نانت أمام ليل في الدوري الفرنسي    ياسين منصور يتحدث في حوار مطول عن انتخابات الأهلي وعلاقته مع مرتجي ورسالة للجماهير    كرة يد – من أجل اللقب الثامن.. الأهلي إلى نهائي بطولة إفريقيا    مشاركة زراعة عين شمس في معرض أجرينا الدولي بدورته الخامسة والعشرين    رئيس البنك الأهلى: استمرار طرح شهادة الادخار 17%.. اعرف تفاصيل أعلى عائد    مصرع وإصابة شخصين بحادث تصادم بكفر الدوار في البحيرة    القبض على كروان مشاكل بتهمة ممارسة أفعال خادشة ونشر أخبار كاذبة    19.7 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    مطار سفنكس الدولي.. بوابة الذهب نحو المتحف الكبير وعصر جديد للسياحة المصرية"    هاني شاكر يغني «في حل» لأول مرة أمام جمهوره في مهرجان الموسيقى العربية    ب«فيلم تسجيلي».. «الغرف السياحية» يوثق رحلة خالد العناني من الحضارة إلى اليونسكو    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    أزهر كفر الشيخ: مد فترة التسجيل بمسابقة الأزهر لحفظ القرآن إلى 30 أكتوبر    في ظل انتشار الأمراض المعدية بالمدارس، نصائح مهمة لتقوية المناعة    الليمون.. السلاح الطبيعي لمقاومة البرد وتقوية المناعة    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    5 أبراج «أهل للنصيحة».. واضحون يتميزون بالصراحة ونظرتهم للأمور عميقة    أمير عيد يستقبل عزاء والدته الراحلة.. في هذا الموعد    محافظ كفر الشيخ يُسلّم 6 عقود تقنين أراضي أملاك دولة للمستفيدين من المواطنين    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    «بلاش بالله عليكم».. جدل على منصات التواصل مع الإعلان عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2»    ظهور 12 إصابة بالجدري المائي بين طلاب مدرسة ابتدائية في المنوفية.. وتحرك عاجل من الصحة    وفاة الفنان أحمد عبد الرازق مؤسس فرقة الأقصر للفنون الشعبية    مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو    مصرع فتاة دهسها قطار اثناء عبورها مزلقان محطة ببا ببني سويف    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    «الأمم المتحدة» تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة    بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى    أسيوط: تركيب كشافات جديدة ورفع كفاءة الطرق بالقوصية ضمن خطة استكمال تطوير مسار العائلة المقدسة    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الأول الثانوي العام    «الرعاية الصحية»: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره شرم الشيخ    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«هواء مالح» ل«هبة خميس».. صراع الحقيقة والوهم فى رحلة سردية
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 01 - 2025

مزيج بين المشاعر والأفكار البراقة، تجسدها الكاتبة هبة خميس، فى روايتها الصادرة عن دار الشروق «هواء مالح»، حيث صراع داخلى مع الحب، الألم، الفقدان، والرغبة فى التحرر.

من نكون إذا جُرّدنا من ذاكرتنا؟ هذا السؤال الجوهرى يُطلق العنان للبطلة «صفاء» فى رحلة مواجهة داخلية عسيرة مع أشباح ذاكرتها المتشظية، المشبعة بتفاصيل تتشابك كأغصان شجرة سرو فى عاصفة. الرواية تنسج خيوطها عبر محورين زمنيين؛ أحدهما سابق لحادثة القطار التى أصبحت رمزًا لغموض يكتنف حياتها، والآخر لاحق للحادثة، حيث تحاول استعادة السيطرة على هويتها الممزقة.
رواية «هواء مالح» ليست فقط تأملًا فى قوة الذاكرة، بل هى أيضًا استكشاف متعدد الأوجه لمعنى الحب، إذ تتأرجح بين حدوده الواقعية وسرابه الوهمى. تسير البطلة فى رحلة مليئة بالبحث والمطاردة لهذا الحب، متنقلة بين الإسكندرية، مرورًا بمطروح، وصولًا إلى سيوة، حيث يلعب المكان، بطبيعته الساحرة وساكنيه من البدو، دورًا رئيسيًا فى تشكيل الأحداث، ليصبح شخصية قائمة بذاتها تُحاور البطلة فى كل خطوة.
فى خضم هذه الرحلة، تجد البطلة نفسها مضطرة لمواجهة ذاتها، بما تحمله من هواجس وشكوك، وسط مسرح تتقاطع فيه مشاهد الواقع والخيال. تظل عالقة فى دوامة محاولاتها الدؤوبة لاستعادة تفاصيل حياة طُمست بفعل الصدمة، وكأنها تسعى إلى إعادة بناء ذاتها من جديد فى عالم يفرض عليها التساؤل باستمرار عن ماهيتها.
نصوص «هبة خميس» تتبع أسلوبًا أدبيًا يغلب عليه الطابع الوصفى المكثف، حيث استخدمت الكاتب لغة حسية قوية لنقل المشاعر والأحاسيس. يظهر التركيز على التفاصيل الدقيقة مثل ملمس مع يد، ورائحتها وحركتها فى الهواء، ما يعكس قدرتها الكاتب على خلق صور ذهنية دقيقة لدى القارئ.
السرد يتميز بتقنية تساعد على أن تغوص الشخصية فى أفكارها ومشاعرها الداخلية، ما يجعل النص حواريًا ذاتيًا فى كثير من المواضع، فهناك انتقال سلس بين الوصف الخارجى للأحداث وبين الحالة النفسية الداخلية للشخصية، ما يخلق إحساسًا بالتشويق المحبب للقارئ.
الإيقاع وتسارع الأحداث، يحدث بشكل تدريجى حيث تعتمد الكاتبة على التمهل فى بعض المقاطع لتمنح القارئ فرصة لاستيعاب مايجرى ثم تزيد من سرعة السرد عند انتقال المشهد إلى المستشفى وضوضاء الناس وصوت القطار.
دلالات الألفاظ والرمزية المحلوظة غير المصطنعة، ضمن مميزات رواية «هواء مالح»، فالنص يعج بالدلالات الرمزية، حيث نجد فى البداية أن ترمز اليد إلى الموت الذى لا مفر منه، وإلى الذكرى العالقة التى تطارد الشخصية، كما أن هناك استخدام مكثف للألوان والروائح، مثل «رائحة الموت»، «الدماء الصدئة»، و«المسعف ببدلته البيضاء»، وهى تعبيرات ترمز إلى التناقض بين الحياة والموت، وبين النظافة والدموية. كما تعكس «صوت القطار» دلالة على مرور الزمن وعدم القدرة على التوقف عند الماضى.
تنجح «هبة خميس»، فى اللعب على وتر التأثير النفسى والتشويق، حيث خلق أجواء مشحونة نفسيًا من خلال استخدام الأوصاف الحسية المتكررة، بما يجعل القارئ فى حالة انتظار دائمة لمعرفة مصير الشخصية ومحيطها، كما أن استخدام الاستعارات والتشبيهات يعزز من قوة السرد ويعكس عمق التجربة الشعورية.
كما تأتى الذاكرة هى المحور الأساسى الذى تدور حوله النصوص. البطلة تعانى من أزمة هوياتية تتجلى فى فقدان أو تشوه الذاكرة، وهو ما ينعكس فى ضياع ملامح الشخصيات الأخرى، وتحول الظل إلى مرآة تعكس ملامحها هى فالتركيز على الذاكرة يعكس كيف يمكن لها أن تكون عبئًا وثقلًا، ولكن فى الوقت نفسه وسيلة للشفاء أو إعادة البناء.
وسنجد أيضًا مع ختام الأحداث أن ورود تطور مفاجئ على تيمة الذاكرة، سوف يمثل لحظة تحرر البطلة من قيود الماضى والآلام المرتبطة به، بما يشير إلى أن الذاكرة ليست مجرد مستودع للماضى بل هى عنصر متغير يُعاد تشكيله وفقًا للظروف النفسية والبيئية.
النص يعبر عن رحلة نفسية شديدة العمق، حيث تواجه البطلة صراعاتها الداخلية مع الحب، الألم، الفقدان، والرغبة فى التحرر، ويتيقن القارئ من أن التركيز على الذاكرة كعنصر محورى يعكس فهمًا عميقًا لأثر الماضى على تشكيل الهوية. السرد الرمزى واللغة الحسية يجعل النص تجربة أدبية ثرية تجذب القارئ وتجعله يتأمل فى معانى الحياة والتحول النفسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.