في الوقت الذي تبحث فيه واشنطن عن طرق لترويض الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، تظهر مشكلة صديق آخر لأمريكا -هو الرئيس المصري حسني مبارك- الذي يحاول فرض قبضته الشمولية الفاسدة على دولته أكثر، بحسب رأي صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية. تقول الصحيفة: إن مبارك الذي يحكم مصر منذ 29 عاما أصبح يتحكم بشكل أكثر شمولية وديكتاتورية في البرلمان المصري "الشكلي" لتمديد قانون الطوارئ لمدة عامين آخرين، رغم أنه سارٍ منذ أكثر من 29 عاما دون سبب واضح. وبتمديد قانون الطوارئ في مصر، أصبح إجراء انتخابات نزيهة أو ديمقراطية شبه مستحيل، كما اتضح كذب كل وعود الرئيس وحزبه الوطني الحاكم التي أطلقها في الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2005. ويبدو أن مبارك استغل سياسة الرئيس الأمريكي أوباما وإداراته التي كانت تهدف إلى فرض الديمقراطية وحقوق الإنسان بطرق سلمية ولينة في مصر وعدد من دول الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي طالبت فيه واشنطن بوقف الاستيطان الإسرائيلي في القدس، وأمرت كرزاي بإجراء إصلاحات سياسية في حكومته، فإنها اختارت أن تلطف الأجواء مع الرئيس المصري، وتعاتبه بلين على تراجع إصلاحاته الديمقراطية في مصر، ربما لأن إدارة أوباما تسعى لتصحيح الأوضاع مع الجانب المصري بعد انتكاسته أثناء ولاية الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وترى الصحيفة أن نتيجة هذا هو أن مبارك -رغم حالته الصحية- يسعى لفترة رئاسية جديدة مدتها 6 سنوات في انتخابات الرئاسة القادمة في مصر 2011. وأضافت أن حملات مبارك الانتخابية الماضية كانت تتسم بتزوير جماعي واعتقالات وقمع عنيف تجاه قوى المعارضة، الأمر الذي يفسر احتياجه وحزبه إلى استمرار قانون الطوارئ. ووصفت واشنطن بوست قانون الطوارئ بأنه يمنح الشرطة الحق في اعتقال المواطنين دون اتهامات، وحجزهم دون إطلاق سراحهم حتى لو صدر أمر قضائي يقضي بالإفراج عنهم. من جانبه، أعرب الدكتور محمد البرادعي عن استحالة تحقيق تغيير ملموس في مصر إذا ظلت القوانين كما هي، لأنها بشكلها الحالي ترسخ لحكم مبارك والحزب الوطني الحاكم. والحقيقة أن النظام المصري يعرف جيدا صعوبة تبرير حالة الطوارئ المعلنة منذ عام 1981، لذا حاول إضفاء صفة الشرعية على تمديد الطوارئ من خلال حصره في حالات الإرهاب والمخدرات، وإعلان أن القانون لن يتضمن مراقبة المواطنين أو حجب وسائل الإعلام. وعلى الرغم من أن القانون أصلا معني بحالات الإرهاب والمخدرات فقط، فإن السلطات المصرية قامت على مدى السنوات الماضية -بزعم تطبيق قانون الطوارئ- باعتقال العديد من المدونين والصحفيين والنشطاء السلميين الذين يطالبون بالديمقراطية والحرية. وأثنت الصحيفة على رد فعل الإدارة الأمريكية على قرار تمديد الطوارئ في مصر، حيث أعلنت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، عن خيبة أمل الولاياتالمتحدة من القرار، وطالبت بإلغائه خلال الشهور المقبلة. ختاما، أيدت الصحيفة تصريحات إدارة واشنطن الأخيرة وطالبتها بردود أفعال أقوى في المستقبل عن طريق استغلال النفوذ الأمريكي السياسي والاقتصادي في مصر، و دعم الأصوات المنادية بالتغيير في أهم دول الشرق الأوسط.