ناقش مجلس الشعب يوم الاثنين الماضى تنمية مصادر الثروة السمكية فى مصر بعد أن تبين أن هناك أزمة حادة فى توافر الأسماك رغم أن فى مصر نهرا عظيما (بالإذن من الإخوة الليبيين)، ولها سواحل تطل على بحرين طولهما نحو 1200 كيلومتر على البحر الأبيض و1100 كيلومتر على البحر الأحمر، إضافة إلى 11 بحيرة هى إدكو والمنزلة والبرلس ومريوط والبردويل وقارون والريان والمرة ومفيض توشكى وملاحة بورفؤاد وبحيرة ناصر.. مع كل ذلك فالإنتاج المحلى لا يلبى حاجة السوق من الأسماك، مما يضطرنا لاستيراد 33٪ من حاجتنا منها من الخارج. أسباب عدم توافر الأسماك المحلية بالقدر الكافى معروفة منذ زمن، لعل فى مقدمتها الحقيقة المدهشة أن البحيرات المصرية تتقلص مساحتها بشكل مخيف، فبحيرة المنزلة التى كانت مساحتها منذ أقل من 50 سنة 750 ألف فدان، أصبحت مساحتها الآن 100 ألف فدان، أى 13٪ من المساحة الأصلية، وبحيرة البرلس مثلا وصلت مساحتها الحالية إلى 40٪ من مساحتها فى الخرائط، مما دعا عالم الفضاء المصرى د. فاروق الباز لأن ينبه إلى أن بحيراتنا جميعا يمكن أن تختفى من الوجود بحلول عام 2050، وذلك بسبب التعديات عليها لتحويلها إلى أرض زراعية. هناك أسباب أخرى لتردى المحصول الوطنى من الأسماك بخلاف التعديات، من بينها القصور فى أسطول الصيد، وكذلك مياه الصرف الزراعى والصناعى التى تصب فى البحيرات وتقتل أسماكها أو تلوثها تلوثا بالغ الضرر.. ويمتد التلوث أيضا إلى المزارع السمكية التى تؤكد دراسات محايدة أن 90٪ من إنتاجها لا يصلح للاستهلاك الآدمى! بحيرة ناصر التى نشأت خلف السد العالى بطول 500 كيلومتر منها 350 كيلومترا داخل الأراضى المصرية، والتى تعتبر من أكبر البحيرات الصناعية فى أفريقيا، تكاد تكون البحيرة المصرية الوحيدة المرشحة للبقاء بسبب ندرة التعديات.. لكن أكبر تعد عليها كان فى عصر الانفتاح.. فبعد أن وزع الصيد فى البحيرة منذ الستينيات بين أربع جمعيات للصيادين، توزع أسماكها بسعر محدد عن طريق شركة مصر أسوان لتسويق الأسماك، تم تقسيم البحيرة فى الثمانينيات بين 6 مستثمرين فشلوا فى التعامل مع الصيادين فاكتفوا بفرض الإتاوات عليهم ليسمحوا لهم بالصيد، أى أنهم أصبحوا سماسرة لا مستثمرين الآن صدرت ضدهم أحكام يحاول الأهالى مع وزارة الزراعة تنفيذها. إلا أن مجلس الشعب وهو يناقش القضية قبل أيام اكتشف أن هناك خطرا أكبر على أسماك البحيرة هو المائة ألف تمساح التى تعيش فيها، والتى يأكل الواحد منها 12 كيلوجراما من السمك كل يوم.. بادرت الحكومة فأعلنت فى المجلس أنها ستعمل على القضاء على التماسيح.. هذا مهم ولاشك لكن أليس الأهم من القضاء على التماسيح التى تلتهم بحيرة ناصر أن نقضى على الحيتان التى التهمت المصانع والشركات والمشروعات التى أقامها ناصر؟!