حذرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية للأنباء من تحول المصاعب الاقتصادية التى يواجهها المصريون بسبب انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار إلى أزمات سياسية كبيرة. وتنقل الوكالة عن مواطنة مصرية تدعى خلود مصطفى وتعيش فى حى عين شمس قولها إنها كانت تراقب سعر اللحوم فى محل جزارة قريب من منزلها على مدى الأشهر الستة الماضية فوجدت أنها ارتفعت من 44 جنيها للكيلو إلى 50 جنيها ثم 75 جنيها ثم إلى 80 جنيها. وبعدها توقفت عن النظر إلى لوحة السعر التى يضعها الجزار على واجهة المحل. ولم تكن خلود سوى واحدة من بين ملايين المصريين الذين أصابهم الإحباط بسبب الارتفاع المستمر للأسعار فى مصر، التى تعد أحد أهم حلفاء الولاياتالمتحدة فى منطقة الشرق الأوسط على حد وصف الوكالة. «ومما يثير القلق لدى الحكومة المصرية أن الغضب والإحباط نتيجة المصاعب الاقتصادية بدأ يتحول إلى احتجاج سياسى فى صورة اتهام كبار المسئولين بالفساد والتربح من أزمات المصريين»، كما يقول تقرير الوكالة. ورغم أن الاحتجاجات مازالت صغيرة فى أغلب الأحوال فإنها تلقى ضوءا قويا على احتمال تحولها إلى أزمة سياسية واجتماعية. ويبدو أن نظام الحكم المستبد العاجز فى مصر مازال مصرا على إبقاء السلطة والنفوذ فى أيدى نخبة قليلة العدد وتجاهل مطالب الأغلبية الساحقة من الشعب الذى يصل تعداده إلى 80 مليون نسمة، على حد قول أسوشيتد برس. ولكن الإحباط الشعبى المتزايد فى مصر يأتى فى توقيت حرج حيث تشهد البلاد انتخابات برلمانية خلال العام الحالى وانتخابات رئاسية العام المقبل مع ظهور شخصية قادرة على تحدى حكم الرئيس مبارك المستمر منذ 29 عاما وهو محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى يطالب بإصلاحات سياسية ودستورية تضمن قيام نظام ديمقراطى فى مصر. وتشير أسوشيتد برس إلى أن الاحتجاجات الاقتصادية لم تندمج حتى الآن مع الاحتجاجات السياسية التى تشهدها مصر أيضا بصورة متكررة خلال الفترة الأخيرة. وفى حين تتعامل الحكومة بقدر كبير من التسامح مع الاحتجاجات الاقتصادية واستجابت فى حالات قليلة لمطالب المحتجين فإنها تتعامل بالقوة مع الاحتجاجات السياسية كما حدث مع المسيرة التى سعت المعارضة إلى تنظيمها الاثنين الماضى حيث تم اعتقال عدد من المشاركين فى المسيرة التى تحولت إلى وقفة احتجاجية فى قلب القاهرة. ورغم أن الاقتصاد المصرى حقق خلال السنوات الأخيرة معدلات نمو جيدة فإن ثمار هذا النمو ذهبت إلى الطبقة العليا من المجتمع والنخبة الاقتصادية الموالية للحكومة على حد قول هانى صابرا خبير الشئون المصرية فى مؤسسة «يوراسيا جروب» البحثية بنيويورك لأسوشيتد برس. وأضاف أن نظرية تساقط ثمار التنمية لم تتحقق فى مصر ومازالت الغالبية الساحقة من المصريين تعيش فى حالة فقر شديد. ويرى صابرا أنه لا يرى الثورة حتمية فى مصر الآن، ولكن ما يراه هو تزايد الاحتجاجات العنيفة فى إطار حركة غير منظمة لا يمكن أن تطيح بالحكومة على المدى القريب. وتشير الوكالة إلى أن سكان مدينة القاهرة هم الأكثر معاناة فى العمل مقارنة بسكان 70 مدينة أخرى فى العالم حيث تستند الوكالة إلى الدراسة التى أعدها بنك يو.بى.إس السويسرى وشملت 73 مدينة فى مختلف أنحاء العالم وأظهرت أن سكان القاهرة يعملون أكبر عدد من الساعات مقارنة بسكان باقى المدن. يصل عدد ساعات عمل المصريين إلى 2373 ساعة سنويا مقابل متوسط قدره 1902 ساعة لسكان باقى المدن، «وهو ما يعنى أن المصريين مضطرون للعمل فى أكثر من وظيفة للوفاء باحتياجاتهم».