مع حلول ذكرى ميلاد الكاتب التشيكي الشهير فرانس كافكا رائد الكتابة السوداوية والأسلوب الكابوسي الذي عرف به، تحتل أيضا حياة كافكا العاطفية حيزا في حياته، وتشتبك مع مسيرته الأدبية بالإلهام، وبتأثيرها النفسي. لم يتزوج كافكا قط، وتعذب بسبب الرغبة الجنسية، ويذكر كاتب سيرة حياة كافكا غاينا ستاخ، أن حياته كانت مليئة بملاحقة النساء بشكل مستمر، وكان يتملكه الخوف من الفشل الجنسي. ارتاد كافكا بيوت الدعارة في أغلب مرحلة شبابه، وكان مهتما بالصور والمواد الإباحية، بالإضافة إلى أنه خلال حياته كان له علاقات وثيقة مع العديد من النساء. وفي 13 أغسطس 1912، التقى كافكا مع فيليس باور، إحدى قريبات برود، التي عملت ممثلة لشركة ديكتافون في برلين، وبعد أسبوع من لقائهم في منزل برود، كتب كافكا في مذكراته: «آنسة إف بي، عندما وصلت منزل برود في 13 أغسطس، كانت تجلس إلى الطاولة، لم ينتابني الفضول أبدا حول هويتها، بل أخذتها كأمر مفروغ حالا، وجه نحيل خاوي، يبدي خواؤه بشكل واضح، عنق مكشوف، ترتدي بلوزة، بدت بلدية بملابسها تلك، رغم أنها لم تكن كذلك على الإطلاق كما اتضح لاحقا، (نفرت نفسي منها من خلال تفحصها عن كثب) أنف مكسور تقريبا، شعر أشقر أملس نوعا ما، وغير جذاب، ذقن كبير، وبينما كنت أجلس، نظرت إليها عن كثب لأول مرة، وبينما كنت جالسًا، كونت رأيا راسخا». بعد هذا اللقاء بوقت قصير، كتب كافكا قصة «الحكم» في ليلة واحدة فقط، وعمل في فترة مثمرة على رواية «الرجل الذي اختفى» ورواية «المسخ». وكان معظم تواصل كافكا وفيليس باور على مدى السنوات الخمس التي تلت ذلك من خلال الرسائل، واجتمعا من حين لآخر، وخُطبا مرتين، ونُشرت باقي رسائل كافكا إلى باور في صورة كتاب «رسائل إلى فيليس»؛ رسائلها لم تنجو. ووفقا لكاتبي سيرة حياته ستاخ وجيمس هافز، خطب كافكا للمرة الثالثة في حوالي عام 1920، إلى جوليا فويزك، كانت خادمة في فندق، فقيرة وغير متعلمة، وعلى الرغم من أن الثنائي استأجرا شقة وحددا موعد الزفاف، إلا أن الزواج لم يتم. وبدأ كافكا خلال هذا الوقت، مسودة «رسالة إلى والده»، الذي اعترض على جوليا بسبب معتقداتها الصهيونية، وقبل تاريخ الزواج المنشود، ارتبط مع امرأة أخرى. فبينما كان يحتاج إلى النساء والجنس في حياته، فقد كان قليل الثقة بنفسه، وشعر بأن الجنس دنيء، وكان خجولا لدرجة فظيعة، وخاصة بشأن جسده. وذكر ستاخ وبرود، أنه في الوقت الذي عرف فيه كافكا فيليس باور، كان على علاقة غرامية مع صديقة لها، ماكاغيت «كغيت» بلوخ، وهي امرأة يهودية من برلين. ويقول برود، إن بلوخ أنجبت لكافكا ولدا، على الرغم من أن كافكا لم يعرف أبدا عن الطفل، ولد الصبي، الذي لم يعرف اسمه في عام 1914 أو عام 1915، وتوفي في ميونيخ في عام 1921. فيما يقول كاتب سيرة كافكا بيتر أندريه ألت، إنه رغم إنجاب بلوخ طفلا، فإن كافكا لم يكن الأب لأن علاقتهما لم تكن حميمية على الإطلاق، ويشير ستاخ إلى أن هناك الكثير من الأدلة المتناقضة حول الادعاء بكون كافكا هو الأب. وشخصت إصابة كافكا بمرض السل في أغسطس 1917، وانتقل لبضعة أشهر إلى قرية تسوراو في بوهيميا، حيث كانت أخته أوتلا تعمل في مزرعة صهرها كارل هيرمان. وشعر بالراحة هناك ووصف لاحقا تلك الفترة بأنها ربما كانت أفضل فترة في حياته، ربما لأنه لم يتحمل أي مسئوليات، واستمر بكتابة يومياته وأوكتافيفتي (الثمانية). واستخرج كافكا من الملاحظات الواردة في هذه الكتب، 109 من المقاطع النصية المرقمة عن زيتل، وهي صفحات مفردة دون ترتيب معين، ونشرت لاحقا باسم: (أمثال تسوراو أو تأملات عن الخطيئة والأمل والمعاناة، والطريق الحقيقية). وفي عام 1920، بدأ كافكا علاقة قوية مع ميلينا يسنسكا، وهي صحفية وكاتبة تشيكية وكانت مترجمته الأدبية، وعندما التقاها كافكا كانت متزوجة، ولكنه أحبها وكتب لها مجموعة كبيرة من الرسائل نشرت رسائله إليها لاحقا باسم «رسائل إلى ميلينا»، وأصبحت بعد ذلك من أعمال كافكا الشهيرة، ومن الرسائل الأدبية الكلاسيكية. وخلال إجازة في يوليو 1923 إلى غرال- موريتز على بحر البلطيق، التقى كافكا مع دورا ديامانت، معلمة رياض أطفال بالغة من العمر 25 عامًا من عائلة يهودية أرثوذكسية. وانتقل كافكا لفترة وجيزة إلى برلين (سبتمبر 1923 - مارس 1924)، على أمل الهروب من تأثير أسرته إلى التركيز على كتاباته وعاش مع ديامانت، وأصبحت حبيبته وجذبت اهتمامه إلى التلمود، وعمل على أربع قصص، وكانت جميعها مخصصة للنشر، بما في ذلك (فنان جوع).