6 أبريل 2008.. ذكرى لا تزال عالقة فى أذهان الكثير من أبناء المحلة، لكن بصور مختلفة، فبعضهم يراه ذكرى لانتفاضتهم من أجل رغيف خبز، والبعض الآخر يعتبره بداية طريق نيل الحقوق. يوم حزين فى بيت أسرة الصبى الشهيد، استقرت رصاصات الشرطة التى أطلقت بشكل عشوائى فى جسده، كان «الضرب فى المليان» فى المناطق السكنية التى تبعد عن ميدان الشون، الذى شهد المواجهات الدامية بين قوات الأمن المركزى وأهالى المحلة أثناء انتفاضة 6 أبريل الماضى، بمسافة 400 كيلو مترا. كان أحمد على مبروك 15 عاما يسكن مع والده وإخوته، بعد وفاة والدته، فى الدورالثالث فى منزل بحى الجمهورية المجاور لشريط السكة الحديد. وقال لوالده قبل وفاته بثلاث ساعات: «إحناهنموت يا بابا»، وكان فى اليوم الثانى من مواجهات إطلاق قوات الشرطة النار على المتظاهرين، واستخدامهم القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين من أهالى المحلة. كان أحمد فى طريقه إلى حجرته المطلة على الشارع، وكانت الساعة اقتربت من 11 ليل 7 أبريل الماضى، طلب منه والده ،عندما سمع أصوات الصياح فى الشارع، وإصدار أحد الضباط أوامره للعساكر بإطلاق النار على المتظاهرين تراوحت أعمارهم بين 15 عاما، و18 عاما. أن يخرج معه للشرفة لرؤية ما يحدث، ولم تمر دقائق معدودة حتى فوجئ الحاج على بابنه يسقط بجانبه ووجهه مغطى بالدماء، سارع الحاج على بطلب المساعدة من الجيران الذين اتصلوا بالإسعاف إلا أنهم امتنعوا عن الحضور بحجة أنه لا توجد سيارات، وقال الحاج على: «المستشفيات كانت واخدة أوامر من الأمن بعدم نقل المصابين من الأهالى؛ لأنهم مسئولون عن الشغب والفوضى»، على حد قوله. ولفت الحاج على إلى أنه لجأ للاتصال بشرطة النجدة التى رفضت مساعدتهم، ونصحتهم بالاتصال بالإسعاف، مما اضطرهم إلى نقله فى سيارة أحد الجيران إلى مستشفى الهدى التخصصى التى رفض مسئولوها استقبال ابنه، ولفظ أحمد أنفاسه الأخيرة أمام مستشفى القصر العام. «ادفنه فى مدافن العائلة فى البحيرة علشان الأهالى ميهيجوش ضدنا ،إحنا هنعوضك يا حاج»، نصيحة وجهها ضباط الشرطة لوالد أحمد الذى قال لنا وهو يبكى «مين هيعوضنى عن ابنى، دمنا رخيص قوى لدرجة إن أحد القيادات الأمنية اتصل بأحد البرامج التليفزيونية، ليبرر ما حدث بأن الأهالى مكانش عندهم الثقافة الكاملة، ليه طلعوا البلكونات والضرب شغال». أعرب والد الشهيد عن استيائه الشديد من رغبة النيابة فى حفظ القضية وتقييدها ضد مجهول، بالرغم من تقرير الطب الشرعى فى قضية ابنه، التى تحمل رقم 5498 لسنة 2008 جنايات ثان المحلة، أكد أن الإصابتين بالفروة والوجة ناتجة عن مقذوفين ناريين من الرصاص المغلف متطورين بشدة، لدرجة التفلطح وانضغاط الجانبين، منوها عن أن هذا النوع من الرصاص لا يرخص باستخدامه إلا لقوات الأمن فقط. وشدد الأب على رغبة أحد الجنود، اتصل بأحد البرامج، فى الإدلاء بشهادته التى تكشف عن تورط أحد أفراد الأمن فى مقتل ابنه عندما نفذ أوامر الضابط بإطلاق أعيرة نارية، وبالرغم من ذلك لم يصدر النائب العام قرارا باستدعاء العسكرى لاستكمال التحقيقات.