أكد العلماء أن كل الأشياء بدءا من السمنة إلى السعادة إلى الشعور بالوحدة يمكن أن تكون «معدية اجتماعيا» ويعنى هذا أنه إذا أصابت السمنة صديقك، أو أصبح سعيدا، أو ازداد لديه الشعور بالوحدة، فأنت معرض لخطر متزايد لأن تصير مثله. المؤيدان الأساسيان لفكرة العدوى الاجتماعية هما نيكولاس كريستاكيس المتخصص فى علم الاجتماع وجيمس فاولر المتخصص فى العلوم السياسية. ويطرح عملهما الذى تم تلخيصه الآن فى كتاب رائج تحت عنوان «Connected» (مترابطون) أن سلوكنا ومشاعرنا وحتى أشكال أجسامنا يمكن أن تنتقل من صديق إلى صديق مثل فيروس الإنفلونزا. ووفقا لما قاله فولر فى مقابلة مع ستيفن كولبير فى يناير، يشير البحث إلى أن الناس لا يتخذون القرارات على نحو فردى إطلاقا، ولكن بدلا من ذلك، يعملون باعتبارهم جزءا من منظومة بشرية ضخمة human superorganism كسرب من الطيور. اقترح كريستاكيس وفولور أداة مفاهيمية لتجسيد رؤيتهما حول نقل العدوى: وهى (Homo dictyous) «شبكة علاقات الإنسان»، حيث تسرى العدوى فى أوردة الإنسان الذى يعيش فى شبكة علاقات؛ فيرغب فى الأشياء نفسها التى يرغبها الآخرون الذين يرتبط بهم. وقد قصد أن يكون ذلك بديلا لمصطلح Homo economicus «الإنسان الاقتصادى»، الذى يسعى بدأب لا يكل إلى مصالحه الذاتية الخاصة، ويكون انتقال العدوى شيئا مدانا. عندما صار كريستاكيس وفولور مهتمين بشبكات العلاقات والصحة، ابتكرا أسلوبا للاستفادة من نتائج دراسة فرامنجهام حول القلب، وهى تحليل أمراض القلب لعدة عقود فى ولاية ماساتشوسيتس بالولايات المتحدة، إذ كانت الفحوصات الطبية تجرى كل أربع سنوات، فى المتوسط، وفى هذه الاختبارات أدلى المشاركون بمعلومات عن عائلاتهم وحددوا اسما لأحد أصدقائهم. ومن هذه البيانات، استطاع العلماء تركيب شبكة اجتماعية للمدينة. وعندما ملأوا الشبكة بمعلومات عن وزن الخاضعين للدراسة وما يشعرون به من سعادة وعلاقتهم بالتدخين، رأوا تجمعات من المدخنين، وتجمعات من السعداء، وتجمعات من البدناء تظهر مع الوقت من خلال الدراسة. ولكن هل هذه التجمعات نتيجة ميل المتشابهين للاقتراب من بعضهم بعضا، أم أنها جيوب للعدوى؟ وكان ذلك ينطوى على مسألة رياضيات عويصة، ولكن بدا أن تحليلات كريستاكيس وفولر استبعدت وجود فكرة التجانس والتأثير البيئى. وفى النهاية، استنتجا أن العدوى كانت السبب. وقرر كريستاكيس وفولر أن السمنة والتدخين والسعادة والشعور بالوحدة عدوى تتبع مسار خطوط الشعور بالتقدير؛ ففى جوهر الأمر، لا يمكن للأشخاص نقل عدوى السمنة إليك إلا إذا كنت معجبا بهم. وقام كريستاكيس وفولر بمحاولة لحساب تأثير التجانس والتأثير البيئى فى كل أوراقهما، ولكن الحجم الذى أعطياه لأثر العدوى وبعض من سماتها غير العادية دعت بعض الخبراء إلى التساؤل عما إذا كانت أساليبهما تبالغ فى تقدير الحالة. ودون شك، سوف يكون لتحليل الشبكات الاجتماعية دور رئيسى فى فك مغالق الطريقة التى تؤثر بها العلاقات الاجتماعية على الصحة. ولكن كلما تطور العمل الميدانى كان هناك خطر أن يقع المتخصصون فى الصحة أكثر مما ينبغى فى تأثير شبكة العدوى الجديدة الجذابة، بينما يمرون مرور الكرام على العوامل البيئية الرئيسية التى تشكل الصحة على نحو لا يمكن إنكاره.