هدر الطعام وعدالة التوزيع

أظهر تقرير خطير تلفقته أجهزة الإعلام العالمية أن مؤشر هدر الأغذية الصادر عن الأمم المتحدة بأن أسرا كثيرة وشركات أهدرت طعاما بقيمة أكثر من تريليون دولار وهو رقم مخيف ينم ليس فقط عن الهدر بل عن اللامبالاة وعدم المسؤلية من كثيرين تجاه كثيرين آخرين. وأضاف التقرير أن أكثر من مليار طن من المواد الغذائية، أى نحو خمس المنتجات المتاحة فى السوق، أهدرت عام 2022، من جانب تلك الأسر والمطاعم والمؤسسات العاملة فى مجال الغذاء. بينما يعتصر الجوع أمعاء قرابة 800 مليون شخص حول العالم، كشفت إحصائية مفجعة عن أن الأسر بمختلف أنحاء العالم ألقت فى سلة المهملات خلال عام 2022 ما مقداره مليار وجبة يوميا، الأمر الذى وصفته الأمم المتحدة بأنه مأساة عالمية. وقالت إنجر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن «هدر الطعام مأساة عالمية سيعانى منها الملايين من الجوع اليوم فيما يهدر الطعام فى كل أنحاء العالم»، وأشار التقرير إلى أن هذا الهدر ليس فشلا أخلاقيا فحسب بل إنه «فشل بيئى».
من جهته، قال ريتشارد سوانيل من منظمة «راب» لوكالة فرانس برس «بالنسبة إلينا، فهو رقم مهول».
وأشار التقرير إلى أن رقم «مليار وجبة» هو «تقدير متحفظ جدا» و«العدد الحقيقى قد يكون أعلى من ذلك بكثير».
وفضلا عن الجوع ينتج هدر الطعام انبعاثات مسببة لارتفاع درجة حرارة الكوكب أكثر خمس مرات من تلك الناجمة عن قطاع الطيران، ويتطلب تحويل مساحات شاسعة إلى أراض زراعية لمحاصيل لا تؤكل أبدا. وتوقيت ظهور هذا التقرير أيضا يذكرنا بالكارثة التى يعيشونها أخواتنا الفلسطينيين فى غزة جراء الحرب الإسرائيلية وحصار الجوع التى تمارسه السلطات هناك وأيضا أخواتنا فى السودان جراء الحرب بين جيشين يدفع ثمنه الشعب حيث أن الأمم المتحدة وهيئة الغذاء العالمى أعلنت أن أكثر من نصف الشعب السودانى يعانون من الجوع وأن الوضع هناك كارثى بل إن قارة إفريقيا المنهوبة ثرواتها تارة من الاستعمار وتارة من الحكام الفاسدين يعيشون هذه المأساة وأول الضحايا هم النساء والأطفال والمسنون. العالم الحاضر وما يسمى المتحضر ينقصه الشعور بالآخر وعدالة توزيع خيرات الأرض التى تعطى خيرات كثيرة أرادها لها الله سبحانه وتعالى من أجل الإنسان وسوء توزيع هذه الخيرات هى السبب الأول فى فقر أو بأكثر دقة تفقير العالم خاصة فى إفريقيا وعدالة التوزيع تقتضى الوعى الكامل باحتياجات الآخرين خاصة الأكثر فقرا وضعفا وهشاشة وأصبح جليا أن المؤسسات الكبرى المنوط بها توزيع الغذاء والكساء والدواء لم تعد قادرة على تلبية طلبات الجوع فى العالم حيث أصبح الجوع والفقر أكثر من قدرتها. علينا نحن فى مصر أن نتعلم من تلك الدروس ونمنع أنفسنا من خطيئة الهدر فقمامتنا تشهد على كم وكم من الطعام وبالأخص الخبز نهدره، لذا على حكومتنا وأجهزة الإعلام والتعليم العمل على رفع الوعى لدى جميع فئات الشعب من أجل وقف الهدر الذى نمارسه، ولا يعيبنا أن ننتقد أنفسنا نقدا بناء من أجل الوطن.