شواهد القبور (2).. كلزار هانم زوجة إبراهيم باشا

تحتضن مدينة القاهرة تراثا ثريًا ومتنوعا يقف شاهدا وموثقا لأحداث تاريخ، وشخصيات مرت على مصر في حقب مختلفة من تاريخها الممتدد.
ولا يقتصر تاريخ القاهرة على مساجدها التاريخية ومآذنها الشامخة أو القصور المنيفة؛ ففي مقابرها وجباناتها كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل.
ووثق الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بالتاريخ والتراث، جولاته بجبانات مقابر القاهرة التي أمضى بها سنوات عديدة، وجمع مادة ثرية من صور المقابر التاريخية، وصدرت أواخر يناير الماضي في كتاب: "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"، عن دار ديوان للنشر.
الحلقة الثانية..
تناولنا في الحلقة السابقة، تمهيدا عن غن معنى الشاهد وأهميته؛ كونها تمثل كنزًا فنيًا وتاريخيًا؛ فهي تروي لنا من خلال زخارف وتكوينها الفني البديع، تفاصيل غاية في الإبهار؛ حيث تلاحظ بأن الشواهد التي تكون لقبر سيدة يتواجد أعلاها ما يشبه التاج، أما بحالة المدفون رجل فإن أعلاه يوجد ما يشبه العمّة، وتضم الشواهد في بعض الأوقات مظاهر جمالية أخرى مثل نحت الضفائر على قبور السيدات، ونحت نماذج للنياشين التي حصل عليها المتوفى في حياته كنوع من التكريم.
ونستعرض في حلقة اليوم، نموذجا لتلك الشواهد مع قبر السيدة كلزار هانم زوجة إبراهيم باشا بن محمد علي.
كلزار هانم هي إحدى زوجات الوالي إبراهيم باشا، توفيت بالقاهرة يوم 18 جمادى الأولى سنة 1382 ه الموافق 9 أكتوبر سنة 1865، ودفنت بالعفيفي بجوار خديجة هانم برنجي زوجته الأولى.
ويوضح الدكتور مصطفى الصادق قي كتابه أن التركيبة اندثرت،وكانت موجودة داخل حوش خديجة برنجي زوجة الوالي إبراهيم باشا بالعفيفي، ولم يتبق منها سوى الشاهد، وقد كُتب عليه بالخط البارز 11 سطرا مفصولة بخطوط أفقية. كالتالي:
هو الخلاق الباقي
قدمت على مولاها والرحمات تكتنفها ذات اليمين وذات الشمال ومن الأمام ومن الخلف وحلت في هذه الردهة التي من رياض الجنة تهتف باسمها هواتف البشائر والمنة المرحومة ذات الحشمة والصيانة والعصمة الأميرة كلزار حرم المرحوم حضرت إبراهيم باشا والي مصر كان عليها من المنان سحائب الرحمة والرضوان، قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
قي ثامن عسر جمادى الأولى سنة اثنين وثمانين ومائتين ألف.