وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يترأس اجتماع الجمعية العامة لشركة مصر القابضة للتأمين.    وزير قطاع الأعمال: تعزيز التكامل بين المؤسسات الصناعية الوطنية والتقنيات الحديثة ضرورة لتقليل الواردات    وزيرا الاتصالات والتضامن يشهدان توقيع مذكرة تفاهم وبروتوكولين للتعاون    محافظ قنا يتابع جاهزية المخابز والأسواق استعدادا لعيد الأضحى المبارك    مسؤول في مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني: دمرنا 13 طائرة على الأقل خلال هجوم على قواعد جوية روسية    الخارجية الإيرانية: التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية "مكرر وخاضع لنفوذ الدول الغربية"    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    بوركاردت يغادر معسكر منتخب ألمانيا بسبب الإصابة قبل مواجهة البرتغال في دوري أمم أوروبا    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    «يا له من عار».. ردود أفعال غاضبة بعد منع مقابلة محمد صلاح مع جاري لينكر    إصابة 4 أشخاص في اقتحام سيارة ملاكي لكافيه بأكتوبر    مصرع شقيقين في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بقنا (تفاصيل)    503 ساحات لصلاة عيد الأضحى بالمنوفية.. والمحافظ يوجه برفع درجة الاستعداد بجميع القطاعات الخدمية    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    إيرادات فيلم «ريستارت» تتراجع.. كم حقق في دُور العرض الأحد؟    الأربعاء.. قناة الوثائقية تعرض الجزء الثاني من فيلم «الزعيم.. رحلة عادل إمام»    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لما ورد عن الرسول.. ردده كثيرًا الآن لقضاء الحوائج    وزير الصحة: زيادة ميزانية الطب الوقائي بدلا من الاعتماد بشكل كامل علي العلاج    استعدادا للعيد.. تعقيم المجازر ورش وتجريع الماشية في المنيا    نقيب المحامين يقرر صرف 500 جنيه منحة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    وزيرة التنمية المحلية توجه بتوفير اللحوم بأسعار مخفضة في عيد الأضحى    محافظ المنوفية يأمر بصرف مساعدات مالية ومواد غذائية لحالات إنسانية    "غصب عن الرابطة".. مدرب بيراميدز يوجه رسالة نارية بعد التتويج الأفريقي    الكشف عن موعد عرض مسلسل "فات الميعاد"    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    البنك المركزى يعلن عطلة البنوك لعيد الأضحى تبدأ الخميس وتنتهى الإثنين.. فيديو    محافظ القليوبية يكلف رؤساء المدن برفع درجة الطوارئ خلال إجازة عيد الأضحى    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو    نائب وزير الصحة: إعطاء 65 مليون جرعة تطعيمات سنويا لحديثي الولادة وطلاب المدارس    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    الخانكة التخصصي تنقذ حياة رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    الإصلاح والنهضة: صالونات سياسية لصياغة البرنامج الانتخابي    إدارة ترامب تواجه انتقادات قضائية بسبب تضليل في ملف الهجرة علنًا    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    التضامن: انطلاق معسكرات "أنا وبابا" للشيوخ والكهنة لتعزيز دور القادة الدينيين في بناء الأسرة    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بودكاست ثرثرة فنية.. أرشيف حي يهزم الكليشيه بالارتجال والمتعة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 03 - 2024

آدم مكيوي وأيمن الزرقاني يستعيدان إرث الفن المصري من مناطق مجهولة.. والكنز الحقيقي في الحواشي والحكايات

عندما ظهر بودكاست "ثرثرة فنية" في ديسمبر 2022 كان يخالج مريديه الأوائل تصورٌ أن نجاحه سيقتصر على أبناء جيلي السبعينيات والثمانينيات الذين كانوا يشاركون في عدد من الصفحات والمجموعات على "فيسبوك" التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة بحثا عن دفء النوستالچيا، والاستعادة الساخرة لأعمال فنية يتسم كثير منها بالهبوط والرداءة.
لكن استمرارية البودكاست وصقله على المستويين الشكلي والموضوعي جذبت الآلاف من المستمعين الأكبر سنا ومن أجيال أصغر لم تعاصر بالتأكيد –أو لم تتابع بوعي- ألبومات محمد فؤاد الأولى ولا حفل ستينج وحكيم في سفح الأهرام ولا ذروة نجاح محمد نجم على مسرحه الذي لم يعد العلامة المميزة في شارع إيران بالدقي، المعروف فقط الآن بعربة كبدة شهيرة تحولت إلى سلسلة مطاعم.
على مدار عام وشهرين قدم صانعا البودكاست آدم مكيوي وأيمن الزرقاني أكثر من 17 حلقة طرقت موضوعات مختارة بعناية، بعضها لم تُناقش ولم تُعرض بالمرة في أي وسيلة إعلامية أخرى.
وبعيدا عن القوالب المعتادة وحتى الأكثر تطورا في البودكاست العربي أعاد الاثنان الاعتبار إلى "الدردشة" أو بالأحرى "الثرثرة" كوسيلة مثلى لاسترجاع ومناقشة الموضوعات الفنية، اعتمادا على التباين الظاهر بينهما في الأسلوب والرأي والتناول.
مكيوي والزرقاني-الزرقاني ومكيوي (كما يقدمان اسميهما في بداية البودكاست على طريقة ترتيب أسماء نجوم السينما هربا من خناقات تصدر الأفيش) محترفان بروح الهواية في الفن والإعلام. أعد مكيوي العديد من برامج التوك شو الشهيرة والناجحة وله إسهامات صحفية وشارك كممثل في بعض المسلسلات، أما الزرقاني فهو فنان تشكيلي ورسام في مجال الدعاية وباحث.
يشي تعدد أنشطتهما بالثقافة الواسعة وتجدد التجربة، ومن هنا أيضا يأتي التكامل الذي صنع تميز "ثرثرة فنية".
فالتحضير والتوثيق وتجميع الصور والمقاطع المسموعة والمرئية والتتبع الزمني من خلال الأرشيف هي العناصر التي تكون قاعدة السرد في معظم الحلقات، وتتقاطع معها بكثافة واستطراد حكاياتٌ شخصية ونميمة صحفية، مع تعليقات ذاتية، الأصل فيها السخرية اللاذعة لكنها لا تخلو من موضوعية الناقد.
فإعادة الاعتبار لأعمال سعيد صالح المنسية لا يعني ترديد أقوال معلبة بأنه يفوق عادل إمام موهبة. ولا تعارض بين مهاجمة اختيارات محمد فؤاد لنحو عشرين عاما مع تسليط الضوء على محطات إجادته ومكانته. وفي النزاع بين محمد نجم وأحمد آدم، يمكن الحديث عن مظاهر تأثر آدم ونقد التلاسن الإعلامي الذي انتهى بمأساة مرض نجم ووفاته، ويمكن القول أيضا إن آدم كوميديان متميز وليس نسخة من أحد.
تلك العناصر صقلت حلقات من البودكاست، يمكن العودة لها كمراجع "تأريخية" لمسيرة بعض النجوم في سياق عصرهم وكيف تطورت وتراجعت الطرز الفنية التي انتموا إليها أو ساهموا في تشكيلها.. سعيد صالح، أحمد بدير ونجاح الموجي، محمد فؤاد، مصطفى قمر، طلعت زين، إيناس الدغيدي.. أو عند رصد ظواهر فنية معينة كبرامج المقالب الرمضانية، وفترة ازدهار أفلام المقاولات.
لا تمكّنك تلك الحلقات من معرفة المزيد عن كل ما سبق بطريقة مشوقة ومسلية فحسب، بل كنز "الثرثرة" الحقيقي في الحواشي.. الهوامش.
سمير غانم ومحمد نجم معشوقان من الفئة الأولى لمكيوي والزرقاني، ولنسبة لا يُستهان بها من جمهور البودكاست، والنجمان الكوميديان الراحلان معروفان بأنهما كانا الأقدر في المسرح المصري على تقديم الكوميديا المرتجلة Commedia dell'arte فكانا يرتاحان للتخفف من قيود النص المسرحي التقليدي، ويركزان على إطلاق مشاهد مرتجلة قائمة على قدرة الاسترسال و"رمي الإفيهات" التي لا تخلو من التنمر على الممثلين المشاركين لهما، أو استغلال التضاد الشكلي لتفجير الضحك من تلك المناطق.
صمم مكيوي والزرقاني بنية البودكاست بما يسمح دوما بالارتجال الخالي من الافتعال. يتدفق الحديث مدفوعا بذاكرة فنية حديدية، ليست نظرية، ولا على طريقة بعض من يذاكرون المعلومات والأرقام الكروية على "ويكبيديا"، بل شكلتها المشاهدة من مقاعد السينما والمسرح والتردد على نوادي الفيديو في عصرها الذهبي ثم القراءة والبحث. والأهم: شغف صادق بالفنون ممارسةً ودراسةً ونقدا، يندر أن تلمسه بهذه الاستمرارية والتعمق.
يُنتج هذا الارتجال مزيدا من حكايات الحواشي والقصص المرجعية، وأحيانا التوضيحات الأكاديمية، بما يحول الحكي إلى وجبة متكاملة ومشبعة، لا تخلو من العناصر الغذائية الثقيلة التي قد لا يستطيع المستمع هضمها من بودكاست في قالب تقليدي أو برنامج توك شو حتى وإن كان بطله هو النجم نفسه.
فبرامج التوك شو خلال السنوات العشر الأخيرة ركزت على استضافة النجوم المنزوين في الظل، وممثلي الصفوف الخلفية (البطانة على حد وصف مكيوي).. في البداية كان هذا الاتجاه ثريا وجاذبا للمشاهدين، لكنه بات مملا بالتكرار وتركيز مقدمي البرامج على اجترار الحكايات المرويّة سلفا عشرات المرات، حتى أصبح المهمش سائدا "بزيادة" وانتقلت شذرات النميمة -مطعمة بالخيالات في أحيان كثيرة- إلى ال Mainstream.
تأتي "ثرثرة فنية" فتخاصم "الكليشيهات" قديمها وجديدها، وتعتبر الحوارات التليفزيونية والصحفية من المواد الأولية لبناء السرد والبحث عما وراء الظواهر الفنية ودوافع النجوم وتنافسهم، وكذلك ظروف صناعة السينما والمسرح والدراما بشكل عام والتأثيرات المجتمعية والاقتصادية عليها.
واللافت أن هذا "التفكيك" يوازن –باستمرار- بين التسلية والتحليل الذي يراه كثيرون "مهم ومفيد".
مثلا: إعادة النظر في أفلام المقاولات أو أفلام التليفزيون تشعر الهواة بالارتياح، وتجعلهم يسعدون بتذكر أعمال شاهدوها في الطفولة مع أحبائهم الراحلين.. يقهقهون على "إفيه" أو لتعليق لاذع على مشهد "متفسخ"، لكن على صعيد آخر يوصلهم السرد إلى استنتاجات ذكية عن المؤثرات الاقتصادية والسياسية على المشهد الفني في الثمانينيات والتسعينيات، وكيف كانت تُرسم السياسة الدرامية لمصر على ضوء العلاقات بين وزارة الإعلام والمنتجين المحليين والعرب والنجوم.. والصحف والقوى السياسية أيضا.
وكانت ذروة التوازن في الحلقتين المخصصتين للعلاقة بين حسني مبارك والفنون، اللتين تصلحان نواة لتوثيق عقود عهده الثلاثة، الثرية فنيا بقدر ركودها السياسي.
وجاءت ثلاثية استعادة تراث الفنان الكوميدي الراحل محمد نجم لتضيف عناصر تميز جديدة إلى البودكاست، منها استعانة مكيوي والزرقاني لأول مرة بمداخلات هاتفية مع بعض النجوم الذين شاركوا نجم أعماله المسرحية، فأدلوا بشهادات مطولة ولطيفة، ولا مبالغة في القول بأن روح الثرثرة انعكست على تلك المداخلات فبدا حديثهم على طبيعته، متحررا من قيود برامج التوك شو ورتوشها.
ساهم البودكاست في إعادة اكتشاف مقاطع فيديو من مسرحيات نجم، انتشر بعضها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأقرب لأجيال يافعة لم تشاهد نجم على المسرح ولا حتى في "عش المجانين" عندما كانت تُعرض عصر ثاني أيام العيد لسنوات طويلة.
وليس نجم وحده.. نجوم كثر مدينون ل"ثرثرة فنية" بإحياء أعمالهم بصورة مغايرة عما اعتاده الجمهور وما توارثه من آراء سائدة.
أما آلاف المستمعين الذين تجمّعوا حول البودكاست وتداولوا "كوميكس" مستوحاة من حكايات مكيوي والزرقاني وتعليقاتهما الكاريزمية.. فسيظلون ممتنين لكل هذه المتعة.


للتعرف على عالم "ثرثرة فنية" من صفحة البودكاست على يوتيوب اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.