هشام الششتاوي رئيسًا للجنة الصحة بمجلس الشيوخ    رئيس حزب الوفد: أعددنا خطة ورؤى تشريعية ترتكز على ثوابت الحزب التاريخية وطموح المستقبل    البنك التجاري الدولي وطلبات وماستركارد تطلق بطاقة ائتمان جديدة للجيل الرقمي في مصر    نائب محافظ القاهرة يتفقد أعمال التطوير الجارية بشوارع المنياوى والعسال    محافظ الغربية يتفقد إدارات الديوان العام ويوجه بتسهيل الإجراءات ورفع كفاءة الخدمات للمواطنين    الكرملين: روسيا سترد بقسوة على أي ضربات في عمق الأراضي الروسية    البرازيل تنضم إلى الدعوى الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة    نجمة وادى دجلة هانيا الحمامي تتوج ببطولة كومكاست بيزنس الولايات المتحدة المفتوحة 2025    شوبير: نتائج فحوصات إمام عاشور مبشرة.. وهذا موقف عودته للتدريبات    الأهلي يطالب الكاف بعدم إيقاف نيتس جراديشار    الخطيب يكشف سبب عدوله عن قرار الاعتزال وتفاصيل وضعه الصحي غدا مع لميس الحديدي    مدرب الزمالك 2009: أعد الجماهير بتجهيز 7 نجوم للفريق الأول في نهاية الموسم    من بينهم سورية.. إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على الطريق الإقليمي    مصرع 4 تجار مخدرات وأسلحة وضبط آخرين عقب تبادل لإطلاق النيران مع الشرطة بأسوان    فتح باب التقديم للدورة السادسة من جائزة المبدع الصغير    الدكتور أحمد رجب: المتحف المصري الكبير شاهد على عبقرية المصريين عبر العصور    6 أفلام من مهرجان أسوان لأفلام المرأة في برنامج خاص بمهرجان لندن بريز    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى دار صحة المرأة والطفل بمحافظة السويس    محافظ الشرقية يُهنىء الفرق الطبية المشاركة فى القوافل العلاجية المجانية    محافظ جنوب سيناء يوجه بدعم أبناء المحافظة من أصحاب الإرادة وذوي الهمم    انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج القومي لتنمية مهارات اللغة العربية بمدارس بورسعيد    أبو الغيط عن حكومة نتنياهو: لن تستمر طويلا وإرادة الرئيس السيسي الحديدية أفشلت مخطط التهجير    لإعدادهم نفسيًا.. تقرير يكشف طريقة فليك في اختيار تشكيل برشلونة    اتفاق سلام تاريخي بين تايلاند وكمبوديا.. ترامب: أنهينا الحرب الثامنة خلال فترة ولايتي    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    فيديو.. الأرصاد: طقس خريفي مستقر على مدار الأسبوع    «كنت بربيهم».. تفاصيل ضبط سيدة بتهمة تعذيب طفليها داخل حمام منزلها في الغربية    ربة منزل تنهي حياة ابنها لتعاطيه مخدر الآيس فى بولاق الدكرور    الدعم السريع يعلن السيطرة على مقر للجيش بالفاشر| ماذا يحدث بالسودان؟    الاحتلال يعتقل 13 فلسطينيا من الضفة بينهم أسيران محرران    ماذا على جدول ترامب فى جولته الآسيوية؟.. صفقات وسلام وتهدئة لحرب تجارية    إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. هل هي ليوم واحد أم ستصبح سنوية؟    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    منح مدير شئون البيئة بمحافظة كفر الشيخ صفة مأمور الضبط القضائي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    الصحة: اعتماد البرنامج العلمي للنسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    عاجل- التضامن تخصص 12 ألف تأشيرة حج لأعضاء الجمعيات الأهلية لعام 2026    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    مجلس طب قصر العيني يوافق على إنشاء أقسام تخصصية دقيقة في الجراحة    مصر للتأمين تسدد 200 مليون جنيه دفعة أولى للمصرية للاتصالات    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    ضبط متعهد دقيق يجمع الدقيق البلدي المدعم داخل مخزن بكفر الزيات    بعد تصدره التريند.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» بطولة محمد سلام    القومي للترجمة يقيم صالون "الترجمة وتحديات التقنية الحديثة" في دورته الأولى    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    7 ملايين و180 ألف خدمة طبية خلال حملة 100 يوم صحة بالإسكندرية    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    أسعار الأسماك اليوم الأحد 26 أكتوبر في سوق العبور للجملة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأحد 26 أكتوبر    «لأول مرة من 32 سنة».. ليفربول يسجل رقمًا كارثيًا بعد سقوطه أمام برينتفورد    رسميًا.. مواعيد بدء امتحانات الترم الأول 2025-2026 وإجازة نصف العام لجميع المراحل الدراسية    أسعار الفضة في مصر اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل فهمي يكتب: رفض إسرائيل للهوية الفلسطينية هو المعضلة!
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 03 - 2024

أثارت الأحداث البربرية الإسرائيلية فى غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 غضب الغالبية العظمى من الرأى العام العالمى حتى بين الدول الصديقة لتل أبيب والتى كانت دانت تنفيذ عمليات حركة «حماس» فى السابع من أكتوبر ضد أهداف إسرائيلية وخطف ما يزيد على 200 من الرهائن.
وكان هناك شبه إجماع دولى رافض للتهجير القسرى للمواطنين داخل القطاع أو عبر الحدود إلى دول أخرى، كما دين استهداف المرافق الصحية للفلسطينيين وهدم أكثر من 50 فى المئة من البنية التحتية، وهناك معارضة واسعة لما أعلنته إسرائيل فى شأن عزمها إعادة الاستيلاء على الأراضى فى القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية لتأمين إسرائيل من أى أخطار أمنية مستقبلية.
وأعادت الدول العربية فى قمة الرياض وكثير من الدول الغربية المطالبة بالتركيز مرة أخرى على أهمية، بل ضرورة حل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى بإقامة دولتين، إحداهما إسرائيل والأخيرة فلسطين. وخصصت الدول العربية الإشارة إلى أهمية أن تكون الحدود على أساس واقع 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والكل يعلم أن هذا يتطلب أيضا الاتفاق على ترتيبات خاصة لقضايا أخرى عدة مثل عودة اللاجئين أو التعويض والمياه والترتيبات الأمنية وغير ذلك.
وكان لافتا للغاية انتشار الأخبار والتسريبات والتصريحات بأن عددا من الدول الغربية تعتزم الإعلان من جانب واحد عن اعترافها بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، مع اختلاف الصيغ المرتبطة بذلك وغموضها أحيانا، وهو تحول مهم يضيف إلى مواقف قوية لدول غربية أخرى تؤكد حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم من بينها إيرلندا والسويد.
وأثار ذلك إسرائيل وجعلها تنشط جهودها الدبلوماسية لدى الدول الصديقة، فصدر تصريح مقتضب من السفير الأمريكى لدى إسرائيل لا ينفى عزم بلاده القيام بمثل هذه الخطوة، وإنما ينوه بعدم وجود نية حالية لاتخاذ الخطوة بصورة أحادية.
وجاء رد الفعل الإسرائيلى واضحا وكاشفا بصدور قرار من مجلس الوزراء الإسرائيلى وتأكيده من غالبية الكنيست رفض أى محاولة من المجتمع الدولى لفرض حل الدولتين، أى إقامة دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل.
وقد يدفع بعض المتفائلين، أو بعض المضللين سيئى النية بأن إسرائيل رفضت فرض الأمر عليها، ولم ترفض التوصل إلى حل الدولتين من خلال التفاوض، لكن الاثنين بعيدان كل البعد من الحقيقة لأن الموقف الإسرائيلى أعمق وأصعب من ذلك بكثير.
ويدفع بعض المحللين بما فى ذلك بالعالم العربى بأن حل الدولتين لم يعُد بديلا متاحا فى ضوء التوجه السياسى الإسرائيلى نحو أقصى اليمين، وانكماش أو حتى اختفاء التيار اليسارى والمفترض أنه يؤيد الحل السلمى ويدعو إلى التفاوض مع الجانب الفلسطينى.
ويشيرون وعن حق إلى أن التوغل والانتشار الاستيطانى الإسرائيلى وصل إلى ما يتجاوز 750 ألف مستوطن فى الضفة الغربية لنهر الأردن، وأن ذلك سيجعل من المستحيل ترجمة حلم الدولتين إلى واقع، لذا فمن الأفضل والأكثر واقعية التركيز على ما يسمى حل «الدولة الواحدة»، حتى إذا استغرق تحقيق ذلك بعض الوقت، وهم فى ذلك يشيرون أيضا إلى الانشقاق الفلسطينى الفلسطينى الذى يضعف من قدراتهم على ترجيح الدفة والتأثير فى الساحة الإسرائيلية أو الشرق أوسطية أو الدولية.
وأقر وأتفق أن احتمالات تحقيق حل الدولتين أصبحت بالغة الصعوبة، خصوصا فى الأمد القصير، وإن كنت أعتقد بأن السبب فى ذلك ليس اتساع المستوطنات الإسرائيلية فحسب، بل هناك سبب أعمق من ذلك بكثير يصعب من تحقيق حلم الدولتين، ويجعل من المستحيل التوافق حول حل الدولة الواحدة التى يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليين فى دولة واحدة بحقوق متساوية، ألا وهو أن إسرائيل لا ترفض حل الدولتين فحسب، بل ترفض حتى القبول بالهوية الفلسطينية، وتعتبر ذلك خطرا على الأمن القومى للدولة الإسرائيلية اليهودية، وتعمل بمختلف السبل على تفتيت تلك الهوية وتخفيفها وتمييعها.
ويتذكر المحللون والمؤرخون تصريحات رئيسة وزراء إسرائيل من 1969 حتى 1974 جولدا مائير التى نفت ضمنها وجود شعب فلسطينى، والتاريخ الحديث ملىء بالدلائل على قيام إسرائيل بجهود عدة للتفرقة بين التيارات الفلسطينية، والتقسيم بينهم على أساس أيديولوجى وفكرى تمييعا للهوية الوطنية الفلسطينية وللادعاء بغياب شريك فلسطينى حقيقى فى عملية السلام.
وأتذكر خلال متابعتنا لمفاوضات أوسلو الفلسطينية الإسرائيلية أن نقطة التحول الإيجابية الحاسمة فى الموقف المصرى من هذه المفاوضات كانت تضمين بعض الصياغات الإسرائيلية فى مراحل متقدمة من التفاوض تعبير «الشعب الفلسطينى»، وهى خطوة مهمة فى التوجه السليم لم تسمح الظروف باستكمالها مع عدم ترجمة الاتفاق إلى واقع على الأرض، وانتهاء الصياغة النهائية للاتفاق حينذاك باعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل مقابل الاعتراف فقط بالمنظمة كممثل وحيد للشعب الفلسطينى باعتبارها المفاوض المباشر حينذاك.
وما زالت لدى قناعة راسخة بأن القلق الإسرائيلى يتجاوز شكل الدولة الفلسطينية أو حتى أدواتها، فينصب القلق على الهوية الفلسطينية ذاتها، لذا تعمل إسرائيل بتواصل واستمرارية على تمييع وتفتيت أى جذور للهوية الفلسطينية، خصوصا بعدما ثبت لأكثر من 70 عاما تحت الاحتلال أن الشعب الفلسطينى متمسك بهويته وشخصيته الوطنية على رغم كل الصعوبات والعقبات والممارسات غير الإنسانية.
وقد ترجم ذلك منذ التسعينيات من القرن الماضى فى المطالبة المتكررة بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وليس بإسرائيل فقط، ووجدناه فى محاولات عدة لتهويد الساحات المجاورة لقبة الصخرة فى القدس الشرقية وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، وهو أيضا الدافع الرئيس فى التوسع الاستيطانى الإسرائيلى بالضفة الغربية التى تشهد زيادة فى عدد السكان الفلسطينيين تتجاوز معدلات الزيادة فى السكان اليهود.
لذا نتابع الجهود الإسرائيلية لتشجيع الهجرة الفلسطينية من الأراضى المحتلة، وفى التهجير القسرى للفلسطينيين من بيوتهم وهدم البنية التحتية الإنسانية للقضاء على سبل الحياة، وبعرض مساعدات لتحفيز الفلسطينيين على الهجرة، وتشجيع الدول المجاورة أو غيرها على استيعاب الفلسطينيين لاعتبارات إنسانية أو اقتصادية، بل وصلت الحال إلى أن يعلن وزراء الحكومة الإسرائيلية الحالية استعدادهم لتوفير التمويل لتهجير الفلسطينيين إلى الخارج.
وكل هذه المؤشرات والدلائل تؤكد من دون أدنى شك أن إسرائيل ترى فى الهوية الفلسطينية الخطر الأكبر والأشد على مصالحها وطموحاتها، وأن النزاع العربى الإسرائيلى هو نزاع حول الهوية والأرض مع استحالة جمع الشعبين الإسرائيلى والفلسطينى فى دولة واحدة تحت هوية مشتركة.
فلا خيار غير حل الدولتين على صعوبته وبديل الدولة الواحدة حتى على المدى المتوسط ليس حلا، بل واقعا يعكس ويقر بأن النزاع سيمتد ويطول على حساب الشعبين وبما يمس أمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.