أفادت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، بأن الإدارة الأمريكية تسعى لإحياء خطة سلام أكثر استدامة في الشرق الأوسط، بهدف تجنب حرب إقليمية واسعة النطاق، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو "العائق" أمامها. يأتي ذلك في خضم جولة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالشرق الأوسط تشمل 9 دول، حيث اعتبرت المجلة أن بلينكن يتواجد في المنطقة للمرة الرابعة منذ بدء الحرب بشكل رئيسي ك"رجل إطفاء" وليس صانع سلام، وذلك لإخماد الحريق في غزة ومنع الولاياتالمتحدة من الانجرار إلى أي مزيد من التدخل. وبحسب المجلة، من المتوقع أن تلعب السعودية، التي زارها بلينكن أمس قبل توجهه إلى إسرائيل اليوم، دورا مهما في الخطة الأمريكية، حيث يريد بايدن من الرياض أن تستأنف المحادثات بشأن الاعتراف بتل أبيب مقابل ضبط النفس الإسرائيلي في غزة والضفة الغربيةالمحتلة والتعهدات باستيعاب مصالح فلسطين، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف أو على الأقل إقرار درجة ما من السيادة. ويعتقد مسئولون أمريكيون أن الرياض تسير في هذا الاتجاه، حيث قال مسئول بارز في الإدارة الأمريكية، في ديسمبر الماضي: "تشير محادثاتنا مع السعوديين في الأسابيع الأخيرة إلى أنهم ما زالوا يريدون المضي قدما في التطبيع"، على حد تعبيره. وأشار بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الدوحة قبل يومين، إلى أنه حقق بعض النجاح في التغلب على المقاومة العربية الأولية لمناقشة سيناريوهات "اليوم التالي"، قائلا إن "شركائنا على استعداد لإجراء هذه المحادثات الصعبة واتخاذ قرارات صعبة. ونحن جميعا نشعر بأن لدينا مصلحة في تمهيد الطريق إلى الأمام". واعتبرت "فورين بوليسي" إن هذه المساعي لا تزال في بدايتها، ولن يتم المضي قدماً في أغلبها في أي وقت قريب؛ بسبب المقاومة المستمرة من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة لأي شيء "يشبه الدولة الفلسطينية". - صراعات الداخل الإسرائيلي وعلى صعيد الداخل الإسرائيلي، يُلقى باللوم على نتنياهو بشأن هجمات 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى)، حيث أدت العملية أيضاً إلى تحويل الرأي العام الإسرائيلي إلى أقصى اليمين، الأمر الذي يجعل الاحتمال الفوري لإجراء أي مفاوضات بشأن حل الدولتين مستحيلا، بحسب المجلة الأمريكية. وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن كل الدلائل تشير إلى أن نتنياهو "المحاصر سياسيا" يرى أن معارضته لخطط بايدن هي المفتاح لإبقاء نفسه في منصبه، وربما خارج السجن، حيث يواجه نتنياهو سلسلة من تهم الفساد. وأفاد مسئول بارز في الإدارة الأمريكية بأن "حكومة نتنياهو المتشددة تدرك التكاليف الجيوسياسية للاستمرار في قتل آلاف الفلسطينيين في غزة". ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، يزعم نتنياهو أنه وحده القادر على منع قيام دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية بعد الحرب. ويدعم الرأي العام الإسرائيلي بشكل متزايد فكرة نتنياهو القائلة بأن أي درجة من السيادة تُمنح لأي كيان فلسطيني ستعني هجمات مستقبلية على إسرائيل، وأن الحديث عن ذلك الآن لن يؤدي إلا إلى تحقيق النصر لحركة حماس. - الضغوط الأمريكية من ناحية أخرى، يسعى بايدن للضغط بقوة أكبر، وذلك في عام انتخابي (انتخابات الرئاسة الأمريكية) يعاني فيه من انخفاض معدلات تأييده، خاصة أنه تعرض هو وإدارته لانتقادات شديدة داخل الحزب الديمقراطي بسبب دعمهما لحملة القمع الدموية التي تشنها إسرائيل. ووفقا للمجلة، قد تكون بعض أجزاء خطة السلام قد بدأ تنفيذها، وذلك بالنظر إلى أبعاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي. ولا تزال الولاياتالمتحدة تصر على أن الحكم في كل من غزة والضفة الغربية يحتاج أن يكون "في إطار سلطة فلسطينية متجددة"، حسبما صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال زيارته إلى إسرائيل منتصف الشهر الماضي ووفقا ل"فورين بوليسي"، إذا تمت الإطاحة بنتنياهو، الذي يرفض الطرح الأمريكي، من الممكن أن يخلفه بيني جانتس الذي يتمتع بشعبية كبيرة، وهو جنرال متقاعد وعضو أكثر وسطية في حكومة الحرب الإسرائيلية. وكان جانتس قد تحدث في السابق عن "حل الدولتين"، لكنه لم يصل إلى حد قبول قيام الدولة الفلسطينية.