لا يزال مثلث الوساطة المصري القطري الأمريكي، الساعي لإعادة قطاع غزة إلى الهدوء واستئناف عملية تبادل الأسرى والمعتقلين بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل، يشعر بتفاؤل كبير رغم انهيار هدنة مُددت مرتين فتوقف القتال سبعة أيام قبل أن تبدد القذائف، الهدوء إثر الفشل في الاتفاق على ثمن وقف المعارك. في سبعة أيام من الهدنة المؤقتة، أخلت حماس سبيل 85 إسرائيليا، إضافة لعدد من مزدوجي الجنسية واثنين من المواطنين الروس قالت حماس إن خروجهما يأتي "تقديرا لمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". رأى النور أيضا عدد من العمال التايلانديين الذين عاد بهم مقاتلو حماس وفصائل فلسطينية أخرى شاركتها هجوما مباغتا على مدن ومستوطنات ومعسكرات إسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي. وأبلغت مصادر مطلعة على ملف التفاوض، وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، بأن الوسطاء لا يزالون يشعرون بالتفاؤل إزاء قدرتهم على إعادة الطرفين إلى الاتفاق على هدنة، خاصة في ظل استمرار مفاوضين من الطرفين في العاصمة القطرية الدوحة. وقالت المصادر، إن استئناف القتال لا يعني عدم العودة إلى التهدئة في أي لحظة. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن العقبة التي عطلت مسار التفاوض على يوم ثامن من الهدنة كان إصرار حماس على تزامن عمليات التبادل مع وقف شامل لإطلاق النار في قطاع غزة. لكن الآن وقد عادت عجلة الحرب للدوران، تقول حماس والجهاد الإسلامي إن اتفاقا مختلفا ينبغي أن يطبق من أجل تمرير الصفقة. سرت على الدفعات الأولى من المحتجزين الذين أخلي سبيلهم من الطرفين قاعدة (3 مقابل 1)، وتعني خروج ثلاثة فلسطينيين من سجون إسرائيل مقابل كل إسرائيلي تسمح له الفصائل بمغادرة غزة. - الكل مقابل الكل الآن يبدو أن حماس تضغط أكثر للتوصل لاتفاق من أجل "تبييض السجون" وفقا لقاعدة "الكل مقابل الكل" التي وردت للمرة الأولى على لسان زعيمها في غزة يحيى السنوار. لكن حماس، أمامها محطات عديدة قبل الوصول إلى تحقيق تعهد السنوار بإخراج آلاف الفلسطينيين من سجون إسرائيل مقابل 173 إسرائيليا تعتقد حكومة بنيامين نتنياهو أنهم يقبعون - أحياء أو أموات - في مكان ما من قطاع غزة. ويقدّر مصدر ميداني أن حماس وشركاءها عادوا من غلاف غزة وبصحبتهم حوالي 280 شخصا، ما بين إسرائيليين وعمال أجانب. بين هؤلاء، وفقا للمصدر، 210 بحوزة حماس وأكثر بقليل من 40 بيد الجهاد الإسلامي، إضافة إلى 40 أو نحو ذلك بيد فصائل ومواطنين آخرين تمكنوا من الدخول إلى بلدات غلاف غزة في السابع من أكتوبر. - عسكريون إسرائيليون (أكثر من 80 بين ضابط وجندي) تقول المصادر إن عدد المحتجزين في قطاع غزة يتراوح بين 80 و90 عسكريا إسرائيليا، وهؤلاء هم "الورقة الأعلى ثمنا بيد الفصائل"، وفقا لتعبير مصدر ميداني طلب عدم الكشف عن هويته. الأعلى قيمة بين هذه الفئة الثمينة هم الضباط، ومنهم لدى حماس وشركائها سبعة قوامهم جنرال واحد وعميد وعقيدان وثلاثة ضباط أقل رتبة. والبقية من الجنود. هناك أيضا المجندات، ولدى حماس منهن 20 أو أقل قليلا، وهن النساء العاملات في صفوف الجيش الإسرائيلي وأسرن من داخل قواعد عسكرية في السابع من أكتوبر. لا يعرف كم من هؤلاء لا يزال على قيد الحياة، لكن حماس تعتقد أن هذه الفئة ذات قيمة تفاوضية مرتفعة للغاية باعتبارهن يخدمن بالفعل في الجيش الإسرائيلي. لكن الوسطاء نجحوا رغم ذلك في وضعهن بتصنيف مختلف عن الجنود الرجال. لكن المؤكد أن التعامل معهن لن يكون كالتعامل في صفقة الأطفال والنساء المدنيين. ويوم الجمعة، قال خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس، في مقابلة تلفزيونية إن إسرائيل قدمت للوسطاء قائمة بأسماء نساء أرادت خروجهن ضمن الهدنة وكان من بينهن المجندات، لكن حماس رفضت ذلك واعتبرت ذلك التفافا من إسرائيل على الوسطاء. في المقابل، تتحفظ إسرائيل على إطلاق سراح أي فلسطيني متهم بعمليات قتل لإسرائيليين، وهي الفئة التي تقول عنها إسرائيل "أيديها ملطخة بالدماء"، وبالتالي فإن هذا الملف في التفاوض قد يأخذ وقتا طويلا للوصول إلى صيغة توافق تؤدي إلى صفقة تبادل كبرى. والتوقعات أن إسرائيل حتى وإن استجابت للثمن المطلوب للإفراج عن هذه الفئة، فإنها على الأرجح ستتحفظ على بقائهم في الضفة الغربية. تعتقد إسرائيل أن بين المحتجزين الباقين في غزة وعددهم 173، هناك عشرة مسنين ممن تجاوزت أعمارهم 75 عاما. - النساء والأطفال كانت حماس وإسرائيل على بعد خطوات قليلة من إغلاق ملف النساء والأطفال الموجودين في غزة، وعددهم 27، لو قدر للهدنة أن تستمر ليومين آخرين. هذه الفئة واحدة من الأكثر ترجيحا أن تعود بها المفاوضات، في ظل حرص إسرائيل للاستفادة من هذا العدد لرفع نسبة من أعادتهم من غزة إلى النصف، بما يعنيه هذا من مكاسب انتخابية. بعد ذلك، ستبدأ مفاوضات أكثر صعوبة يتوقع أن تستمر لفترة طويلة جدا، بالنظر للسنوات الست التي احتاجتها إسرائيل وحماس للاتفاق على صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اختطف إلى داخل غزة عام 2006 ولم يخرج إلا في 2011 مقابل 1026 سجينا فلسطينيا كان أبرزهم السنوار نفسه. يتبقى من الإسرائيليين المحتجزين في غزة عشرات من جنود الاحتياط، وهؤلاء ممن أنهوا الخدمة العسكرية الإلزامية أو تنطبق عليهم قواعد "جندي احتياط"، وعددهم في إسرائيل قرابة 250 ألفا. تقول المصادر الميدانية إن عدد هؤلاء لا يتجاوز 40، وهؤلاء أيضا لا يعرف كم منهم لا يزالون على قيد الحياة. أخيرا، تملك حماس ومن معها أيضا جثث نحو 60 إسرائيليا تقول إنهم قتلوا في الغارات الإسرائيلية المكثفة على القطاع منذ 57 يوما.