أكّد مشروع الكاتبة نجوى بركات "كيف تكتب رواية" مصداقيته وأهميته مع تقدّم عمل الورشة الذي انطلق قبل عام لينتج بختامه عددا من الروايات. الروايات هي التجربة الأولى لشبّان تتراوح أعمارهم ما بين 25 و35 عاما، وهم رنا نجار ورشا الأطرش وهلال شومان. أما السورية رشا عبّاس التي تابعت أعمال الورشة خلال ثلاثٍ من مراحله الأربعة، فقد انسحبت في المرحلة الأخيرة لأسباب لم تفصح عنها. وتم مساء الأربعاء الإعلان عن نتائج المسابقة بفوز رنا الأطرش عن رواية "صابون". من مكان إقامتها في العاصمة الفرنسية باريس، أكدت الأديبة بركات ل سي.ان.ان. أن حلمها قد تحقق بإنجاز الورشة بشكل مكتمل كما تحقق حلم الكتاّب المشاركين بإنجاز رواياتهم الأولى، بفضل اجتماع العناصر الضرورية لإتمامه. وأوضحت بركات إن هذه العناصر هي "جهة ثقافية رسمية مموّلة أي وزارة الثقافة اللبنانية التي تعي مهمتها كطرف فاعل في إنهاض الثقافة وتنميتها، ودار نشر وهي "دار الساقي" التي تؤدي دورها في تحفيز المواهب الشابة واكتشافها". وعن تقنيات الورشة تشرح نجوى بركات "الرواية فنّ معقد لا يستقيم ما لم يكن في قلب عملية واعية قادرة على مزاوجة كل ما ينهض عليه السردُ من عناصر وهي كثيرة، أضف إلى ذلك أنها سيرٌ حثيث في منطقة فاصل بين تخوم الوعي واللاوعي". وتضيف "هدفي في الدرجة الأولى هو نفض الغبار عن المخيلة وكسر السائد ونزع كل ما يشلّ القدرة على التعبير، من خلال استبعاد الخيارات السهلة والمواضيع المجترّة والصور النمطية المستهلكة". وتؤكّد "الكتابة فعل حرية بالدرجة الأولى. إنها حقّ وثمرة جهد ومعرفة لا يحق لأيّ كان إجهاضهما. إنما أحياناً، يكون الرقيب الداخليّ أشدّ عنفا وخطرا وأذىً من أيّ رقيب خارجي". ثم تتابع "الحرية هي أيضا التحرّر من الانغلاق والأفكار الجاهزة والأدلجة والشعارات. فالكتابة هي قبل كل شيء رحلة البحث عن المعنى، وهي والولوج إلى كنه الحياة واستكشاف طبقاتها الدفينة الملوّنة بآلاف الأحداث والشخصيات والأمكنة". وعن إمكانية نقل مهارات الكتابة إلى آخرين وتعليم هذه الحرفة الموهبة، تقول " أنا لا أعطي محاضرات نظرية ولا أتناول نصّا منجزا، بل أعمل مباشرة على مادة حيّة هي مشروع روائي غالبا ما يكون نابعا من ثقافة المشارك، حساسيته ومعيشه الخاص. لكن، بما أننا نحن العرب نحيط اللغة والنصّ بهالة من القدسية، فإننا نقصر الإبداعَ على دوائر الوحي والإلهام العليا، نافين عنه كل بُعدٍ دنيويّ، أي ذاك المرتبط بالكدّ والجهد والتجريب والتثقيف". وعن تقييمها لتجربة الورشة الذي أقيم طوال شهور، تقول "نظرا لما حققه من نتائج ولردود فعل المشاركين فيه، ازداد إيماني بفائدته وضرورته. اليوم، أحلم بنقل هذه التجربة إلى بلد عربيّ آخر، بل أن حلمي هو تأسيس فضاء يمكنّني من استقبال كتّاب شباب من مختلف البلدان العربية، والعمل معهم ضمن الورشة الواحدة على مشاريع روائية ومسرحية وسينمائية". نذكر أن رواية "باص الأوادم" التي صدرت عام 1996 وحازت "جائزة أفضل إبداع" عام 1997، ورواية "يا سلام" التي تلتها، حققتا نجاحا كبيرا ووضعتا نجوى بركات في الصفوف المتقدّمة بين الروائيين العرب. أما روايتها الأخيرة "لغة السر" الصادرة عن "دار الآداب" في بيروت فهي تعبير جريء عن هذه الفكرة حيث حاولت من خلال حبكة روائية محكمة وأسلوب شيّق في السرد، اختراق قدسية اللغة ونزع هالتها السحرية لإتاحة المجال أمام التعبيرَ الحرّ الحقيقيّ. إلى جانب كل هذا، تعمل الأديبة على تعريب "مفكرة" الفيلسوف الفرنسي البير كامو بأجزائها الثلاثة التي ستصدر قريبا عن مشروع "كلمة" ودار الآداب في بيروت.