أعادت المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، يوميا بحق المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة من استهداف المستشفيات والمدارس الآمنة إلى الأذهان، مجزرة مدرسة بحر البقر، التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال المدنيين المصريين، في عام 1970. ففي صباح الثامن من أبريل عام 1970، شنت القوات الجوية الإسرائيلية، هجوما عنيفا، حيث قصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر. وكانت مدرسة بحر البقر الابتدائية تتكون من دور واحد وتضم 3 فصول وعدد تلاميذها 130 طفلاً أعمارهم تتراوح من 6 أعوام إلى 12، وأدى الهجوم الشنيع حينها إلى مقتل 30 طفلا وإصابة 50 آخرين بإصابات بالغة وتشوهات وأكمل بعضهم حياته بإعاقات دائمة، وفق تقرير صادر عن الأهرام حينها. وذكرت التقارير حينها، أن 5 طائرات إسرائيلية من طراز فانتوم حلقت على الطيران المنخفض، ثم قصفت في تمام الساعة 9:20 من صباح الأربعاء، المدرسة بشكل مباشر ب5 قنابل تزن 1000 رطل وصاروخين، وأدى هذا لتدمير المبنى بالكامل، ووقتها نشرت صحيفة "الأهرام" على صفحتها الأولى "العدو يتبجح ويدعي أنه لم يضرب غير مواقع عسكرية". وحينها نددت مصر بالحادث المروع ووصفته بأنه عمل وحشي يتنافى تماما مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية واتهمت إسرائيل بأنها شنت الهجوم عمدا بهدف الضغط عليها لوقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف، بينما بررت إسرائيل أنها كانت تستهدف أهدافا عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية. - ردود الفعل الدولية أثار الهجوم حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي، فوصفت الولاياتالمتحدةالأمريكية، الهجوم الذي تسبب في استشهاد تلاميذ مدرسة بحر البقر، بأنه أنباء مفزعة وإذا تأكدت هذه الأنباء فإن هذه الحادثة الأليمة تعتبر عاقبة محزنة يؤسف لها من عواقب عدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار. وركزت وزارة الخارجية الأمريكية على قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ولم تشير إلى ضرورة التزام إسرائيل بقرار الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، في يونيو 1967. فيما عبرت بريطانيا عن أسفها جراء الحادث، واعتبر الاتحاد السوفيتي ما فعلته إسرائيل "غضب العاجز"، وفق ما نقل التلفزيون المصري. - قواعد عسكرية وكما هو الحال حول مزاعم إسرائيل بأن المستشفيات والمدارس في غزة هي قواعد عسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، فقد زعم وزير الدفاع الإسرائيلي موشى ديان أن مدرسة بحر البقر كانت قاعدة عسكرية يستخدمها الرئيس جمال عبد الناصر، لتخزين القنابل والصواريخ لاستهداف إسرائيل خلال حرب الاستنزاف. وأرسل موشى ديان مندوب إسرائيل في الأممالمتحدة، يوسف تكواه، برسالة للمنظمة الدولية، كتب فيها أن تلاميذ المدرسة الابتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون، وكانوا يتلقون التدريب العسكري، وزعم راديو الاحتلال أن الأطفال كانوا أعضاء في منظمة تخريبية عسكرية. ولكن بعد 3 سنوات، عندما أسر الطيار الإسرائيلي، الذي شارك في مذبحة بحر البقر، من قبل القوات المصرية في حرب أكتوبر 1973، قال إنها كانت جريمة متعمدة، حيث قصفوا المدرسة عن عمد بقنابلهم وصواريخهم. - متحف شهداء بحر البقر صرفت الحكومة المصرية بعد الحادث تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وتم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، ووضعت جميعاً في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة بحر البقر الابتدائية، تعلوه المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد متحف شهداء بحر البقر، وبعدها نقلت الآثار إلى متحف الشرقية القومي، بالزقازيق، الذي افتتح عام 1973.