«بدلا من أن تعطينا الحكومة زيادة استثنائية هذا العام، فى ظل ظروف لا تبشر بالخير، تفكر فى إلغاء العلاوة الاجتماعية».. هكذا عبرت أميمة الريدى مدير عام فى إحدى الهيئات الحكومية عن استنكارها الشديد عند سماعها لاقتراح وزير المالية بإلغاء العلاوة الاجتماعية فى السنة الحالية. وكانت وزارة المالية قد كشفت الأسبوع الماضى أن هناك توجها لاستخدام ال4 مليار جنيه المخصصة للعلاوة الاجتماعية فى مشروعات البنية الأساسية، بهدف دفع معدلات التشغيل. وبرر يوسف بطرس غالى وزير المالية هذا الاقتراح بقوله إن «كل مليار جنيه يتم إنفاقها، تخلق فى المقابل 100 ألف فرصة عمل»، وهو ما يعنى أن أموال العلاوة ستضيف 400 ألف فرصة عمل. «إذا كانت هذه الأموال ستخلق 400 ألف فرصة، كما يزعم الوزير، فإنها فى المقابل ستضر 5 ملايين موظف، يأخذون العلاوة»، كما قالت الريدى، مضيفة أن مشروعات البنية الأساسية يستفيد منها المستثمرين ورجال الأعمال أكثر، فالحكومة كالعادة تدعم القطاع الخاص فى الصناعة، وتشجع الاستثمار، إلا أنها «تقدم هذا الدعم من جيب الفقراء».. على حد تعبيرها. وتروى الريدى أنها استقبلت هذا الخبر «باستياء وذعر شديدين»، مضيفة أنها كانت تتوقع أن تعطى الحكومة زيادة استثنائية للموظفين هذا العام، خصوصا فى ظل الظروف المعيشية الصعبة التى يعانى منها أغلب المواطنين، فالأسعار لم تنخفض، كم تزعم بعض البيانات الحكومية. وكانت الحكومة قد أقرت زيادة استثنائية للعلاوة فى العام الماضى، وصلت نسبتها إلى 30% من الأجر الأساسى للموظفين، و15% لأصحاب المعاشات، وهى الزيادة التى جاءت بقرار جمهورى ضمن قرارات 5 مايو، لمساعدة المواطنين على مواجهة موجة الغلاء العالمية لمعظم السلع الأساسية وقتها. وفى العادة تبلغ نسبة العلاوة الاجتماعية 10% من الأجر الأساسى للموظفين، فى حين يأخذ أصحاب المعاشات نسبة أقل، تصل إلى 5% من الدخل الأساسى لهم. «يبدو أن الحكومة عندما قررت مضاعفة العلاوة العام الماضى، كانت تخطط لإلغائها هذا العام، كأنها صرفت للمواطنين سنتين مقدما».. هكذا عبرت عايدة سلطان مدير مبيعات فى شركة قطاع خاص عن دهشتها من احتمال إلغاء العلاوة، مضيفة أن هذا الخبر سيئ للغاية، «فالجميع كان ينتظر صرف العلاوة». ولم تكن سلطان تتوقع زيادة فى نسبة العلاوة هذا العام «نحن طوال الوقت نسمع عن الآثار السلبية للأزمة، وبالتالى لم أكن أتوقع أن تقر الحكومة أى زيادة، ولكن لم أتخيل أن يصل الأمر إلى إلغائها تماما».. على حد تعبيرها. وفى السياق ذاته تقول الريدى: «إذا كانت الحكومة لا تريد أن تعطينا زيادة، على الأقل لا تلغى ال10% الأساسية، خصوصا فى هذا الوقت الصعب». وترى هبة الليثى أستاذ بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة أنه إذا تم إقرار إلغاء العلاوة الاجتماعية، سينعكس هذا القرار بالسلب على معدلات الفقر ومستوى معيشة العديد من المواطنين خلال الفترة المقبلة، خصوصا فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية. فلا يوجد أى مؤشر على انخفاض الأسعار، وإذا كانت أسعار بعض السلع انخفضت، فإن نسبة هذا الانخفاض ضعيفة للغاية، وهذا لا يعنى أن جميع الأسعار تتخذ اتجاها هبوطيا، بل على العكس بعض البنود الأساسية لمعيشة المواطنين لاتزال فى ارتفاع، وبالتالى «فالمواطنون فى حاجة شديدة للعلاوة الاجتماعية حاليا».. من وجهة نظر الليثى. وإذا كانت الحكومة تريد إلغاء العلاوة، فيجب عليها فى المقابل تخفيض الخدمات التى تقدمها للمواطنين، كما قالت الليثى، مستنكرة ارتفاع أسعار العديد من الخدمات الأساسية التى تقدمها الحكومة، مثل الكهرباء والمياه والمواصلات. وكان عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية قد قال ل«الشروق» سابقا إن قرار إلغاء العلاوة الاجتماعية لا ينعكس على الفقراء ومستوى معيشتهم، مبررا ذلك بأن «الفقراء لا يأخذون علاوة اجتماعية».. على حد تعبيره. وتقول الليثى: «على الرغم من أن نسبة كبيرة من الفقراء غير موظفين، فإن شريحة كبيرة جدا من الموظفين يعتبرون فقراء» إضافة إلى فئة أصحاب المعاشات، الذين يعتمدون على هذه العلاوة لتلبية جزء من احتياجاتهم الأساسية، وهم أكثر فئة ستتضرر إذا تم تطبيق هذا المقترح.. كما قالت الليثى. ويقول مجدى نجيب مدير عام سابق فى البنك الأهلى، وعلى المعاش حاليا إذا كانت الحكومة تريد توفير أموال العلاوة هذه السنة، يمكنها إلغاؤها للموظفين، والاحتفاظ بها لأصحاب المعاشات، كحل وسط، مضيفا أن «أصحاب المعاشات سيتضررون من هذا الإجراء أكثر، نظرا لانخفاض دخلهم مقارنة بوضعهم قبل المعاش».. بحسب نجيب. ويروى نجيب كيف انخفض دخله بعد المعاش ليصل إلى حوالى 8% من قيمة أجره قبل المعاش، وعليه فالأمر لا يحتمل إلغاء العلاوة، من وجهة نظره، مضيفا أنه إذا كانت نسبة العلاوة بسيطة، ولا توازى الزيادة فى الأسعار الحالية، إلا أنها «أفضل من عدمها».. على حد تعبيره. وشكك نجيب فى صحة وجدوى المشاريع التى سيتم توجيه أموال العلاوة إليها، خصوصا أن ال15 مليار جنيه التى أعلنت عنها الحكومة، لإنعاش الاقتصاد، لم يُتخذ أى إجراء بشأنها حتى الآن، وبالتالى «من أدرانا أن أموال العلاوة ستتوجه إلى مشاريع مفيدة، كما تزعم الحكومة».. بحسب نجيب. وبافتراض صحة كلام الحكومة، بأن أموال العلاوة ستخلق 400 ألف فرصة عمل، فإن الأثر الناتج لهذا الإجراء لا يمكنه زيادة الطلب الفعال فى السوق، مثل لو تم صرف العلاوة للموظفين وأصحاب المعاشات. حيث إن العلاوة تؤدى إلى زيادة الدخل الحقيقى المتاح لتلك الفئات، الأمر الذى ينعكس بشكل مباشر على طلبهم على مختلف السلع والخدمات فى السوق، مما يدفع النمو، من وجهة نظر نجيب.