بينما يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، تعالت اليوم الأحد تحذيرات مسؤولين بقطاع الصحة ومنظمات دولية من وضع وصفوه بأنه "مرعب" في مستشفيات القطاع ينذر بفقد حياة الكثيرين، ومن بينهم أطفال ورُضّع. ودعت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأممالمتحدة للسكان في بيان مشترك إلى تحرك دولي عاجل لإيقاف الهجمات على المستشفيات في قطاع غزة. وقال المديرون الإقليميون للمنظمات الثلاث: "يتملكنا الرعب من التقارير الأخيرة التي تفيد بوقوع هجمات على مستشفى الشفاء ومستشفى الرنتيسي للأطفال - النصر ومستشفى القدس، وفي محيط تلك المستشفيات، وعلى مستشفيات أخرى في مدينة غزة وشمال غزة، مما أسفر عن مقتل الكثيرين، منهم أطفال". وأضاف البيان: "كما تفيد التقارير بأن أطفال الخداج (المبتسرين) وحديثي الولادة المتصلين بأجهزة لازمة لبقائهم على قيد الحياة يموتون الآن بسبب انقطاع الكهرباء والأكسجين والمياه في مستشفى الشفاء". وقال البيان "إن العالم لا يمكن أن يقف صامتا والمستشفيات، التي ينبغي أن تكون ملاذا آمنا، تتحول إلى ساحات للموت والدمار واليأس. يجب اتخاذ إجراءات دولية حاسمة الآن لضمان وقف إنساني فوري لإطلاق النار وإيقاف نزف الخسائر في الأرواح والحفاظ على ما تبقى من نظام الرعاية الصحية في غزة". وتابع البيان أن 521 شخصا بينهم 16 من العاملين الصحيين لقوا حتفهم في الهجمات على منشآت الرعاية الصحية في غزة، كما أشار البيان إلى أن أكثر من نصف مستشفيات قطاع غزة مغلق حاليا والباقي يتعرض لضغط هائل ولا يستطيع أن يقدم سوى خدمات محدودة للغاية". وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة إن إسرائيل تخلي المستشفيات "بإلقاء الجرحى والمرضى إلى الشارع للموت المحتم"، وأعلنت في بيان نشرته وزارة الصحة وفاة 12 مريضا، بينهم رضيعان، داخل مجمع الشفاء الطبي حتى الآن بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الإمدادات الطبية. وذكرت الوزيرة أن طائرات مسيرة إسرائيلية تطلق النار تجاه كل من يتحرك داخل مستشفى الشفاء. وأشارت إلى أن 100 جثة بدأت في التحلل في ساحة المجمع لعدم تمكن الطواقم الطبية من دفنها، مؤكدة أن مستشفيات القطاع لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى. كما أكد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن الجيش الإسرائيلي يمنع دخول الدواء والغذاء ومركبات الإسعاف لمستشفى الشفاء، وقال إن الجرحى في الساحة الخارجية للمستشفى يموتون بسبب النزيف وعدم قدرة الطواقم الطبية على تقديم العلاج لهم، وأن المرضى لا يتمكنون من الوصول للمستشفى الذي قال إنه أصبح الآن خارج الخدمة تماما. وقال "قناصة الجيش الإسرائيلي يعتلون المباني ولا يسمحون بدخول المواطنين، ومن يحاول الدخول يتم استهدافه". وأضاف أن الجيش قصف كل ما تبقى بمستشفى الشفاء بما في ذلك محطة الأكسجين وآبار المياه ومولدات الكهرباء، وأنه قصف اليوم وحدة العناية المركزة، موضحا أن هناك 600 مريض وكوادر طبية يتجاوز عددها 700 فرد، وآلاف النازحين داخل المستشفى. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس كان قد تحدث عن "تقارير مرعبة" عن تعرض مستشفى الشفاء لهجمات متكررة في ظل حصار تفرضه الدبابات الإسرائيلية عليه. وأشارت منظمة الصحة إلى تلقيها تقارير عن أن بعض من فروا من مستشفى الشفاء تعرضوا لإطلاق النار عليهم وجرحوا، "بل وقُتل بعضهم". وفي تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي، قال مدير عام المستشفيات في قطاع غزة محمد زقوت إنه لا يوجد أي ممر آمن لمركبات الإسعاف لنقل الجرحى إلى مستشفى الشفاء، وإن الطواقم الطبية داخل المستشفى الشفاء لا يمكنها تقديم أي خدمات الآن ومحاصرة بشكل كامل. وأكد زقوت أن الجيش الإسرائيلي "يستهدف كل شيء يتحرك داخل أسوار المستشفى... وقطع كل المقومات الأساسية عن مستشفى الشفاء من ماء وكهرباء وأغلق كل المخارج"، لافتا إلى وجود "المئات من الجرحى والمرضى وآلاف النازحين" داخل مستشفى الشفاء. ولم تختلف تصريحات أدلى بها المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة لوكالة أنباء العالم العربي عما ورد على لسان المسؤولين الآخرين، مؤكدا أن المستشفى يشهد الإعلان بشكل متتابع عن حالات وفاة جديدة نتيجة عدم القدرة على إجراء العمليات الجراحية أو حتى توفير الأكسجين لمن يحتاجونه، أو توفير التدفئة في محاضن الأطفال. وأضاف أن المؤسسات الدولية العاملة في المجال الصحي مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) "كلها غير قادرة على فعل شيء وفقدت قدرتها على العمل". أما جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فحمّلت المجتمع الدولي المسؤولية عن الانهيار الكامل للمنظومة الصحية "وما آل إليه الوضع الإنساني الكارثي في القطاع". استمرار القصف في غزة لا تزال إسرائيل تواصل هجماتها وعملياتها البرية بقطاع غزة منذ أن شنت حركة حماس وفصائل أخرى هجوما مباغتا على بلدات ومدن إسرائيلية بمحاذاة قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، وقال شهود إن الزوارق الحربية الإسرائيلية تقصف شواطئ مدينتي رفح وخان يونس بجنوب قطاع غزّة. من جهته يتحدث الجيش الإسرائيلي عن محاربة قوات كبيرة داخل مخيم الشاطيء في غزة، وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إن الجيش تمكن من تفكيك بنى تحتية وقتل مسلحين. وأضاف أن القوات سمحت للمدنيين بإخلاء مبنى عبر محور آمن، وفي أثناء ذلك أطلق مسلحون النار فردّ الجيش بإطلاق النار من جانبه. وقال إن الجيش رصد في واقعة أخرى "خلية مسلحة تحصنت في أحد المنازل"، وأنه قضى عليها. وأعلن الجيش أيضا عن مقتل أربعة مسلحين آخرين في هجوم بطائرة مسيّرة. وذكر التلفزيون الفلسطيني أن أربعة أشخاص قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في دير البلح بوسط غزة. كما قال مصدر طبي إن 13 فلسطينيا قتلوا في قصف أصاب منزلا في بلدة بني سهيلا بشرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. وتحدثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن تدمير دبابتين إسرائيليتين في جنوب غرب غزة بقذائف (الياسين 105). الضفة الغربية تواصلت عمليات الجيش الإسرائيلي أيضا بالضفة الغربية، فاقتحم بلدة بيتا بجنوب نابلس واعتقل عشرات قال إن بينهم أعضاء في حركة حماس. كما اقتحم الجيش مدينة طوباس ومخيم قلنديا شمال القدس وبلدة برقة في شمال نابلس. وأفاد التلفزيون الفلسطيني بإصابة شابين بالرصاص خلال اقتحام طوباس، وقال إن الجيش الإسرائيلي أطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع نحو منازل الأهالي لدى اقتحامه مخيم قلنديا. وفجّرت القوات الإسرائيلية سيارة واعتقلت أربعة شبان من بلدة برقة حسبما ذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية التي نقلت أيضا عن مصادر محلية أن القوات داهمت عدة منازل وفتشتها، واعتقلت أمين سر حركة فتح في البلدة شادي أبو عمر. من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الأحد في بلدة برقة. وقال شهود عيان لوكالة أنباء العالم العربي إن مواجهات عنيفة شهدتها البلدة خلال عملية الاقتحام. الجنوباللبناني في جنوبلبنان، أعلنت قوة الأممالمتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اليوم الأحد إصابة أحد أفرادها في إطلاق نار قرب موقع لها في بلدة القوزح، وأنه خضع لعملية جراحية وحالته مستقرة، وأشارت إلى أن مصدر إطلاق النار غير معروف حاليا، وأنها بدأت تحقيقا في الواقعة. وقالت القوة الأممية "نُذكّر الأطراف بالتزاماتها بحماية أفراد حفظ السلام وتجنب تعريض الرجال والنساء الذين يعملون على استعادة الاستقرار للخطر"، محذرة من أن الهجمات ضد المدنيين أو موظفي الأممالمتحدة هي "انتهاكات للقانون الدولي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب". وقال الجيش الإسرائيلي إن عدة مدنيين أصيبوا بشمال إسرائيل في قصف صاروخي من لبنان، أعلن حزب الله مسؤوليته عنه. وأضاف الجيش أن القصف الصاروخي طال عددا من المركبات المدنية قرب من بلدة دوفيف القريبة من الحدود مع لبنان، وأنه يرد بقصف مدفعي باتجاه مصدر إطلاق الصاروخ. وذكرت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء) أن أربعة من المصابين حالتهم خطيرة. وقال حزب الله في بيان إن هجومه استهدف قوة لوجستية تابعة للجيش الإسرائيلي "كانت بصدد نصب أعمدة إرسال وأجهزة تنصت وتجسس في تجمع مستحدث قرب ثكنة" دوفيف، مشيرا إلى أنه أسفر عن سقوط عدد بين قتيل وجريح. واستهدف قصف إسرائيلي أطراف بلدتين بجنوب غرب لبنان، هما شيحين وأم التوت، حسبما أوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام. وتفجر القصف المتبادل عبر الحدود في لبنان بين الجيش الإسرائيلي من جهة، وجماعة حزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة من جهة أخرى، في أعقاب اندلاع الحرب في قطاع غزة. وقال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين إن إسرائيل "واهمة ومخطئة" إن كانت تعتقد أن بإمكانها القضاء على حماس أو غيرها من الفصائل المسلحة، مؤكدا "المقاومة مستمرة وهي حاجة وضرورة". وفي سوريا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الأحد بأن غارات جوية إسرائيلية استهدفت اللواء 112 التابع للجيش السوري بريف درعا بجنوب غرب سوريا. وذكر أنه لا معلومات عن خسائر حتى الآن جراء الاستهداف، مشيرا إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها إسرائيل اللواء خلال أقل من أسبوعين. وبحسب المرصد، فقد ارتفع عدد الهجمات الإسرائيلية على سوريا منذ بدء الحرب على قطاع غزة إلى 19 هجوما. جهود الوساطة على صعيد آخر تتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة مقابل الإفراج عن أطفال فلسطينيين ونساء محتجزين في السجون الإسرائيلية. وقال مصدر قيادي في حركة حماس اليوم الأحد لوكالة أنباء العالم العربي إن الحركة تنتظر ردا إسرائيليا حول صفقة أسرى تشمل كل المدنيين ومزدوجي الجنسية والأجانب. وأضاف أن "الصفقة الموسعة" تتضمن الإفراج عن "أسيراتنا وأطفالنا في السجون الإسرائيلية بما يشمل الذين خطفتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وإدخال محروقات إلى قطاع غزة". وأوضح المصدر أن الصفقة تشمل الإفراج عن كافة النساء والمدنيين ومزدوجي الجنسية من الأسرى الإسرائيليين في غزة "بالتدريج"، مشيرا إلى التدرج في الإفراج عن الأسرى سيكون "لاعتبارات عملياتية ميدانية". وكشف المصدر أن عدد من سيتم الإفراج عنهم من الإسرائيليين "يقارب 80 شخصا وعدد آخر ممن قتلتهم الطائرات الإسرائيلية بقصفها" على غزة . وأردف القول "لا نستطيع تحديد العدد الدقيق لمن سيتم الإفراج عنهم والأمر يحتاج لساعات طويلة من التهدئة لحصر الأسماء وأماكن تواجدهم خاصة ممن ليسوا بيد كتائب القسام (الجانب العسكري لحركة حماس)". وأضاف "نضمن التزام الفصائل الأخرى الشريكة التي احتجزت عدد من الأسرى ولكننا بحاجة إلى ظروف ميدانية مهيأة". غير أن المصدر لم يستبعد أن "يعرقل" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصفقة، قائلا إنه "أدار ظهره لعدد كبير من الطروحات والوساطات قبيل تنفيذها بساعات قليلة". وقالت مصادر فلسطينية وعربية مطلعة على ملف التفاوض فضلت عدم كشف اسمها أن الاتفاق شبه جاهز إلا أن هناك مماطلة من الجانب الإسرائيلي في تنفيذ هذه الاتفاق والذي سيؤدي إلى بالإضافة لإنجاز عملية تبادل إلى هدنة إنسانية مؤقتة. وقال مصدر "إسرائيل التي واجهت صعوبة في الوصول بدباباتها إلى مناطق في عمق غزة لا تريد أن تسحب هذه الدبابات الآن وتعاود الكرة مرة أخرى للدخول بعد انتهاء الهدنة الإنسانية، لذلك نجدها تماطل في ملف التفاوض". ويوم أمس قال نتنياهو في مؤتمر صحفي إن ملف المفاوضات لا يشهد جديدا، لكنه أكد أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار "دون عودة المختطفين"، ولم يوضح إذا كان يقصد وقفا مؤقتا أم دائما لإطلاق النار في حال عودتهم. وأكدت المصادر معلومات سابقة نشرتها وكالة أنباء العالم العربي حول وجود مسارين للتفاوض الأول مصري والآخر قطري. ورجحت المصادر تنفيذ صفقة بشكل تدريجي تمتد حتى 72 ساعة يختبر كل طرف فيها الآخر بمدى التزامه بالاتفاق. وقال مصدر "العائق الآن هو مدة الهدنة الإنسانية التي تريدها حركة حماس طويلة بينما لا تبدي إسرائيل مرونة كبيرة في هذا الصدد ولا تريد أن تتجاوز الهدنة أكثر من ثلاثة أيام في أحسن الأحوال، بينما حماس طلبت أكثر من ذلك". وبشأن قبول إسرائيل بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، قال "إسرائيل وافقت على إطلاق سراح أطفال ونساء، لكنها بأي حال ترفض إطلاق سراح أي فلسطيني متهم بعمليات قتل للإسرائيليين".