متحدث التعليم يكشف تفاصيل حافز ال1000 جنيه للمعلمين    إحالة جميع العاملين بمدرسة في كفر الدوار للتحقيق بسبب مغادرتهم قبل المواعيد الرسمية    اللوتري الأمريكي 2027.. خطوات التقديم الصحيحة والشروط الكاملة    وزير البترول: تطوير التعدين وتعزيز إنتاج الغاز لضمان أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة    محمد معيط يكشف موعد تعافي الاقتصاد المصري وتحسن الاحتياطي النقدي    د. عمرو عبد المنعم يكتب: الإخوان والمزايدة الرخيصة على حماس    سمير عمر: مصر تقود جهود الوساطة منذ أوسلو وترحب بالدور القطري والتركي والأمريكي    بوتين: الجيش الروسي يسيطر على 5 آلاف كيلومتر مربع في أوكرانيا    بوتين: القوات الروسية سيطرت على نحو 5 آلاف كيلومتر مربع في أوكرانيا خلال عام 2025    نتنياهو يهدد: سنستعيد جميع المحتجزين ونقضي على حركة حماس    تخدير إسرائيل وتأخير التعبئة 48 ساعة.. مفاجآت بخطة الخداع المصرية في حرب أكتوبر    الأهلي يقترب من التعاقد مع جيث ثورب مديرًا فنيًا للفريق الأول    صراع ثلاثي على صدارة هدافي الدوري الإيطالي قبل التوقف الدولي    محمد عز: فوز الأهلي 2009 على بيراميدز جاء عن جدارة واستحقاق    رياضة ½ الليل| مدرب الأهلي.. الجزيري في السعودية.. تشكيل جديد بالزمالك.. واعتزال الأسطورة    أبرزها مصر وجيبوتي| موعد مباريات اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    خالد الغندور: عواد يتمسك باستمراره مع الزمالك حتى نهاية عقده    هاتف Realmi K9 Pro.. نقلة جديدة بتقنيات تتحدى الكبار    بعد تغيبه من 3 أيام.. العثور على جثة طفل في مقابر الكرنك بقنا    إحالة أوراق مرتكبي " مجزرة ابو حزام" لفضيلة المفتي في قنا    الأرصاد تحذر.. رياح واضطراب ملاحة وسقوط أمطار على هذه المناطق    حفل إطلاق النسخ المترجمة لكتابى أحمد أبو الغيط «شهادتي» و«شاهد على الحرب والسلام»    حكايات يرويها - سامح قاسم: النصر في عيون السينما والأدب والفن التشكيلي    محافظ الإسكندرية يبحث مع مديرة «اليونسكو» بالقاهرة تعزيز التعاون المشترك    هنا شيحة تتألق في مهرجان "جيلنا".. وتُكرَّم من المركز الكاثوليكي    وجبات عشاء صحية في لمح البصر.. حضّرها في 10 دقائق فقط    إنطلاق المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية في مدارس قنا    حركة حماس: المسعى الإسرائيلي الحصول على الرهائن ثم استئناف الحرب    المؤلفان زاك بايلين وكيت سوسمان يكشفان ل"اليوم السابع" كواليس مسلسل Black Rabbit    باسم يوسف يكشف السر وراء عودته لشاشة التلفزيون المصري    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 8102025    حسام وإبراهيم حسن يطلبان دعوة نجوم جيل 90 للاحتفال بتأهل منتخب مصر للمونديال    "لهذا السبب "انقطاع مفاجئ للمياه عن مدينة أسيوط مساء اليوم    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة ويؤكد القطاع الطبي يشهد طفرة غير مسبوقة    الطلاب الممنوعون من تطعيمات المدارس بأمر الصحة    هؤلاء ممنوعون من السفر لحج القرعة لعام 2026 (انفوجراف)    محافظ المنوفية يحيل عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    شحاته السيد عضواً بتحالف اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    بيان رسمي من برشلونة بشأن افتتاح ملعب كامب نو    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    فتح باب التسجيل لقبول دفعة جديدة من الدارسين برواق العلوم الشرعية والعربية بالأزهر    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    لمناقشة عدد من الملفات المهمة.. بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    أبرز قرارات المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب خلال اجتماعه بجامعة السويس    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    جامعة القناة تنظم مهرجان سباق الطريق احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر (صور)    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة.. السقوط المدوى للغرب
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2023

ها هى الحكومات الديمقراطية فى الغرب تسقط مجددا فى اختبار مصداقية القيم المعلنة واتساق معايير السياسات المطبقة فيما خص الحرب على غزة. وهى بسقوطها هذا ستسرع من بحث عالم اليوم بأقاليمه وبلدانه المختلفة عن قيادة بديلة لسفينته المضطربة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وبيئيا.
• • •
رؤساء وقادة الحكومات الغربية، وهم يحجون اليوم الواحد تلو الآخر إلى تل أبيب ويتهافتون على التقاط الصور والمؤتمرات الصحفية المشتركة مع بنيامين نتنياهو ووزراء حكومة الحرب الإسرائيلية، يدينون بأشد العبارات الممكنة هجمات حماس التى قتلت فى 7 أكتوبر 2023 أكثر من 1300 من الأطفال والنساء والرجال ويصفونها كجرائم إرهابية تستدعى ملاحقة مرتكبيها وتلزم الدولة العبرية بالدفاع عن نفسها.
أما حين يأتى بايدن ورفاقه إلى غزة وآلاف الضحايا من الأطفال والنساء والرجال الذين اقتربوا من 4 آلاف والمصابين الذين تجاوزوا 10 آلاف، فإنهم يمتنعون عن إدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية المدفوعة بنزوع انتقامى شرير وبشهوة تدميرية لم تنقطع منذ اليوم التالى لهجمات حماس. يمتنعون عن إدانة جرائم إسرائيل، ولا يطالبون نتنياهو وحكومة حربه سوى بشىء من «مراعاة» قواعد القانون الدولى للحروب و«محاولة» الابتعاد عن استهداف السكان المدنيين الفلسطينيين.
تسارع الولايات المتحدة بإرسال المساعدات العسكرية لإسرائيل، والأخيرة لا تحتاجها بمستويات تسليحها المتفوقة ليس فقط على حماس، بل على كل الدول العربية مجتمعة، وترسل حاملات طائرات وقطعا بحرية إلى شرق المتوسط لترهيب قوى إقليمية كإيران وحركات مقاومة كحزب الله وإبعاد احتمالية توريط إسرائيل فى جبهات قتال إضافية، والأخيرة لديها من القدرات العسكرية والتكنولوجية واللوجيستية ما مكنها خلال السنوات الماضية من توجيه ضربات متتالية لإيران وحلفائها فى الشرق الأوسط. تفعل الولايات المتحدة كل ذلك لأنها تريد أن تشهد العالم أنها تنحاز إلى إسرائيل وتساند نزوعها الانتقامى وشهوتها التدميرية ولا تمانع فى جرائم الحرب المترتبة عليهما ولا تعنيها أعداد الضحايا والمصابين بين الشعب الفلسطينى.
تلحق بقية الدول الغربية بالقطار الأمريكى الذى صار سريعا محملا بمساعدات عسكرية واستخباراتية ولوجيستية وبمليارات الدولارات الموعودة كمساعدات اقتصادية، فتعلن عواصم أوروبا الكبرى عن حزم مساعدات مشابهة وتقدمها «قرابين» على مذابح وعتبات مسئولى حكومة الحرب إما فى مشاهد «الأحضان الدافئة» فى مطار بن جوريون أو فى وقائع المؤتمرات الصحفية فى فنادق القدس التى اغتصبت احتلالا واستيطانا عاصمة أبدية للدولة العبرية.
أما الشعب الفلسطينى فى غرة المحاصرة منذ ما يقرب من عقدين كاملين والذى يعيش أغلبيته (يتجاوز تعداد سكان غزة مليونى نسمة) تحت خط الفقر ويعانون منذ 8 أكتوبر 2023 من الهجمات الوحشية المستمرة للجيش الإسرائيلى التى دمرت أحياء بأكملها وهجرت الناس داخليا ويواجهون جريمة الحرب مكتملة الأركان المتمثلة فى قطع المياه والكهرباء والطاقة عن القطاع، فهؤلاء يقطع عنهم الغرب المساعدات الإنسانية.
وفى 8 أكتوبر 2023، أعلنت كل من دولة السويد ودولة الدنمارك قطع مساعداتهما الإنسانية والتنموية لغزة. وساومت الإدارة الأمريكية ومعها بعض الحكومات الأوروبية مصر على فتح معبر رفح لإخراج المواطنين الأمريكيين والأوروبيين العالقين فى غزة دون السماح لقوافل المساعدات الإنسانية المحتشدة على الجانب المصرى من رفح بالدخول لنجدة ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات، دون اعتبار للوضع الإنسانى الكارثى فى القطاع الذى شرد به ما يتجاوز المليون من سكانه ودمرت به مرافق أساسية وتوقفت بعض مستشفياته عن العمل وصار به من غير اليسير تأمين الأكل والشرب والوقود والاحتياجات اليومية الأخرى. وحين اشترطت مصر لخروج حملة جوازات السفر الغربية التزام الحكومة الإسرائيلية بإدخال المساعدات وبتواصلها حماية لأرواح الناس، لم يحصل الغرب من حليفته المدللة سوى على ضمانات جزئية وهو ما ردت عليه مصر بمشروطية صريحة وشجاعة تربط بين أعداد من يخرجون من الأمريكيين والأوروبيين وبين أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية التى ستدخل إلى غزة وترهن استمرارية خروج الأفراد باستمرارية دخول المساعدات.
• • •
فيما خص ما تعتبره الحكومات الغربية دفاعا شرعيا لإسرائيل عن نفسها وهى تقتل وتشرد وتدمر فى غزة وتعلن عن توجهها نحو حرب طويلة «لاجتثاث حماس والفصائل الأخرى» ويصدر جيشها أوامر تهجير لأكثر من مليون فلسطينى وفلسطينية من شمال القطاع إلى جنوبه ويصرح مسئولون حاليون وسابقون من نخبة حكمها بإمكانية تهجير أهل غزة إلى مصر مستبيحين سيادة بلادنا وملوحين بنكبة ثالثة للشعب الفلسطينى بعد تهجير 1948 و1967، فإن الغرب يراوح بين تجاهل جرائم إسرائيل وهى لا تمثل إلا عقابا جماعيا إجراميا للشعب الفلسطينى وتخليا يتناقض بالكامل مع قواعد القانون الدولى لمسئوليات الدولة العبرية كسلطة احتلال لا يحق لها لا القتل والتشريد والتدمير ولا قطع المياه والكهرباء والطاقة والاكتفاء على لسان بايدن ورفاقه المهرولين إلى تل أبيب بالمطالبة على استحياء بعدم استهداف السكان المدنيين، وبين إعلان التأييد السياسى الصريح لتوجه إسرائيل نحو حرب طويلة وإخراج لحماس وحلفائها من القطاع.
ولكارثة التواطؤ الغربى هنا شقان، أولهما هو إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر للشروع فى حربها التى لن تكون غير حرب إبادة وثانيهما هو تعطيل العقل السياسى للحكومات الغربية الذى يدرك أن استئصال حماس كحركة مقاومة تظل، مهما أدنتُ ومعى آخرون مخالفتها لقواعد القانون الدولى التى تنظم الأفعال المشروعة لمقاومة المحتل ومن هذه القواعد ما يمنع بصفة إطلاقية قتل واختطاف المدنيين والمدنيات ومهاجمة المرافق العامة والخاصة والسكان المدنيين ويصنفها دون لبث كجرائم حرب، متجذرة فى الواقع المجتمعى والسياسى الفلسطينى فى غزة ولها امتداداتها فى الضفة الغربية والقدس الشرقية.
فى المقابل، تترك الحكومات الغربية الشعب الفلسطينى يواجه العقاب الجماعى الذى تنزله إسرائيل به دون أدنى أشكال الحماية الدولية التى تعطل فرصها برفض مشروع القرار الروسى ثم القرار البرازيلى فى مجلس الأمن الأممى لتطبيق وقف فورى لإطلاق النار فى غزة لأسباب إنسانية. يتركون أكثر من مليونى فلسطينية وفلسطينى ضحية جماعية لجرائم دولة الاحتلال والفصل العنصرى والحصار، ويختزلون الأمر فى مساعدات إنسانية ترفض حليفتهم المدللة دخولها إلى القطاع. بل إن الدبلوماسيات الغربية تتحايل على مسئوليتها الأخلاقية والسياسية وتبحث عن تغييب واقع التواطؤ الكامل مع إسرائيل بمقولات غير قانونية وخطيرة عن «ممرات آمنة» لتهجير الفلسطينيين والفلسطينيات من القطاع باتجاه سيناء، وكأن سيادة مصر الوطنية أضحت ملكا للغرب المتغطرس وأداة لتمكين حليفته العبرية من تنفيذ جرائمها.
الحقيقة التى يتعين على الغرب الرسمى الذى ينظر بعنصرية إلى الشعب الفلسطينى وكأنه بشر من الدرجة الثانية لا حقوق لهم ويتعامل بغطرسة مع السيادة الوطنية المصرية واستقلالية القرار المصرى، هى أن الشعب الفلسطينى لن يقبل بتهجير جماعى جديد ولا بنكبة ثالثة وأن مصر، شعبا وحكومة وجيشا، على استعداد لحماية السيادة الوطنية بكل ما أوتيت من عزم.
• • •
فى كل هذه السياقات والمضامين، تسقط الحكومات الغربية أخلاقيا وسياسيا وتخسر عالميا إن بغياب مصداقية قيمها الديمقراطية التى تمتهن كل يوم بانحيازها الأعمى لإسرائيل ودفاعها عن جرائمها أو بغياب الاتساق مع قواعد القانون الدولى التى تتشدق بها فى حالة الحرب الروسية الأوكرانية عن تأييدها لدولة احتلال وفصل عنصرى وحصار تعاقب الشعب الفلسطينى جماعيا ولا يحاسبها أحد.
ليواصل الغرب السقوط الأخلاقى والسياسى، ففى ذلك تسريع لوتائر البحث عن قيادة عالمية بديلة وخلاص مستحق للبشرية المعاصرة من ظلم حكومات الغرب وعنصريتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.