محافظ الغربية يتفقد مدارس المحلة وسمنود لمتابعة تجهيز اللجان الانتخابية    محافظ القاهر: إزالة أي دعاية لمسافة 200 متر في محيط اللجان الانتخابية    مصر للطيران تبحث مع كبار المصنعين خيارات تعظيم كفاءة التشغيل وتطوير الأسطول    آخر تطورات سعر الين الياباني أمام الجنيه في البنك المركزي    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    عاشور: "إيراسموس" ركيزة أساسية لتطوير وتدويل التعليم العالي في مصر    محافظ أسيوط يشهد انطلاق حملة التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات    وزير الإسكان ومحافظ الفيوم يتابعان الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    الإحصاء: 10.6 % ارتفاعًا في حجم الصادرات المصرية لدول مجموعة العشرين    قمة ال20: سنعمل على سلام عادل ودائم في السودان وفلسطين وأوكرانيا والكونغو    وزير الخارجية يلتقي مع مستشار الأمن القومي البريطاني    صحيفة سويدية: شبكة أئمة إخوانية دولية تتحكم في مدارس وروضات بملايين الدولارات    جنوب إفريقيا تفتتح قمة مجموعة العشرين بتأكيد أهمية «التعددية»    قائد زيسكو: مواجهة الزمالك ليست سهلة وسنبذل قصارى جهدنا    لقب بعد موقف تاريخي.. ما هو مصير الأهلي أمام أندية الجزائر قبل مواجهة شبيبة القبائل؟    وزيرة التضامن تطلب قراءة الفاتحة للراحل علي المصيحلي مؤسس مؤسسة الحج    "الأرصاد" تكشف أسباب الموجة الحارة الحاليًة وموعد انكسارها    مفتي الجمهورية: مؤسسة الحج تعمل على توفير الخدمات والأجواء المناسبة لأداء المناسك في يسر    «تعليم الجيزة» جاهزة للامتحانات الشهرية.. وتشديد على الانضباط والشفافية    إصابة 28 عاملا وعاملة فى حادث انقلاب سيارة بمركز سمسطا ببني سويف    موعد عرض الحلقة الرابعة من برنامج دولة التلاوة على قنوات المتحدة    أغنية إيطالية عن مصر تثير جدلًا واسعًا، وتوت عنخ أمون يتصدر التريند (فيديو)    الصحة: اعتماد 4 وحدات رعاية أولية جديدة    وزير الصحة يفتتح تطوير أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية بمستشفى المطرية التعليمي والمعهد القومي للكلى والمسالك    إسلام سمير: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    وزارة الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على قريتين أخريَيْن شرقي أوكرانيا    القاهرة الإخبارية: غياب الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال يعكس عمق التحديات التي تواجه لبنان    بذكريات الهاتريك.. مرموش يسعى لاستعادة تألقه في البريميرليج أمام نيوكاسل    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    تشكيل الهلال المتوقع ضد الفتح في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد فرايبورج في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    إدراج 29 جامعة مصرية في تصنيف QS 2026.. والقاهرة تتصدر محليا    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    وصفات من مكونات طبيعية لتنظيف القولون في المنزل    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    إصابة 28 عاملا بانقلاب سيارة ربع نقل بقرية الشنطور ببنى سويف.. «بالأسماء»    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة.. السقوط المدوى للغرب
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2023

ها هى الحكومات الديمقراطية فى الغرب تسقط مجددا فى اختبار مصداقية القيم المعلنة واتساق معايير السياسات المطبقة فيما خص الحرب على غزة. وهى بسقوطها هذا ستسرع من بحث عالم اليوم بأقاليمه وبلدانه المختلفة عن قيادة بديلة لسفينته المضطربة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وبيئيا.
• • •
رؤساء وقادة الحكومات الغربية، وهم يحجون اليوم الواحد تلو الآخر إلى تل أبيب ويتهافتون على التقاط الصور والمؤتمرات الصحفية المشتركة مع بنيامين نتنياهو ووزراء حكومة الحرب الإسرائيلية، يدينون بأشد العبارات الممكنة هجمات حماس التى قتلت فى 7 أكتوبر 2023 أكثر من 1300 من الأطفال والنساء والرجال ويصفونها كجرائم إرهابية تستدعى ملاحقة مرتكبيها وتلزم الدولة العبرية بالدفاع عن نفسها.
أما حين يأتى بايدن ورفاقه إلى غزة وآلاف الضحايا من الأطفال والنساء والرجال الذين اقتربوا من 4 آلاف والمصابين الذين تجاوزوا 10 آلاف، فإنهم يمتنعون عن إدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية المدفوعة بنزوع انتقامى شرير وبشهوة تدميرية لم تنقطع منذ اليوم التالى لهجمات حماس. يمتنعون عن إدانة جرائم إسرائيل، ولا يطالبون نتنياهو وحكومة حربه سوى بشىء من «مراعاة» قواعد القانون الدولى للحروب و«محاولة» الابتعاد عن استهداف السكان المدنيين الفلسطينيين.
تسارع الولايات المتحدة بإرسال المساعدات العسكرية لإسرائيل، والأخيرة لا تحتاجها بمستويات تسليحها المتفوقة ليس فقط على حماس، بل على كل الدول العربية مجتمعة، وترسل حاملات طائرات وقطعا بحرية إلى شرق المتوسط لترهيب قوى إقليمية كإيران وحركات مقاومة كحزب الله وإبعاد احتمالية توريط إسرائيل فى جبهات قتال إضافية، والأخيرة لديها من القدرات العسكرية والتكنولوجية واللوجيستية ما مكنها خلال السنوات الماضية من توجيه ضربات متتالية لإيران وحلفائها فى الشرق الأوسط. تفعل الولايات المتحدة كل ذلك لأنها تريد أن تشهد العالم أنها تنحاز إلى إسرائيل وتساند نزوعها الانتقامى وشهوتها التدميرية ولا تمانع فى جرائم الحرب المترتبة عليهما ولا تعنيها أعداد الضحايا والمصابين بين الشعب الفلسطينى.
تلحق بقية الدول الغربية بالقطار الأمريكى الذى صار سريعا محملا بمساعدات عسكرية واستخباراتية ولوجيستية وبمليارات الدولارات الموعودة كمساعدات اقتصادية، فتعلن عواصم أوروبا الكبرى عن حزم مساعدات مشابهة وتقدمها «قرابين» على مذابح وعتبات مسئولى حكومة الحرب إما فى مشاهد «الأحضان الدافئة» فى مطار بن جوريون أو فى وقائع المؤتمرات الصحفية فى فنادق القدس التى اغتصبت احتلالا واستيطانا عاصمة أبدية للدولة العبرية.
أما الشعب الفلسطينى فى غرة المحاصرة منذ ما يقرب من عقدين كاملين والذى يعيش أغلبيته (يتجاوز تعداد سكان غزة مليونى نسمة) تحت خط الفقر ويعانون منذ 8 أكتوبر 2023 من الهجمات الوحشية المستمرة للجيش الإسرائيلى التى دمرت أحياء بأكملها وهجرت الناس داخليا ويواجهون جريمة الحرب مكتملة الأركان المتمثلة فى قطع المياه والكهرباء والطاقة عن القطاع، فهؤلاء يقطع عنهم الغرب المساعدات الإنسانية.
وفى 8 أكتوبر 2023، أعلنت كل من دولة السويد ودولة الدنمارك قطع مساعداتهما الإنسانية والتنموية لغزة. وساومت الإدارة الأمريكية ومعها بعض الحكومات الأوروبية مصر على فتح معبر رفح لإخراج المواطنين الأمريكيين والأوروبيين العالقين فى غزة دون السماح لقوافل المساعدات الإنسانية المحتشدة على الجانب المصرى من رفح بالدخول لنجدة ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات، دون اعتبار للوضع الإنسانى الكارثى فى القطاع الذى شرد به ما يتجاوز المليون من سكانه ودمرت به مرافق أساسية وتوقفت بعض مستشفياته عن العمل وصار به من غير اليسير تأمين الأكل والشرب والوقود والاحتياجات اليومية الأخرى. وحين اشترطت مصر لخروج حملة جوازات السفر الغربية التزام الحكومة الإسرائيلية بإدخال المساعدات وبتواصلها حماية لأرواح الناس، لم يحصل الغرب من حليفته المدللة سوى على ضمانات جزئية وهو ما ردت عليه مصر بمشروطية صريحة وشجاعة تربط بين أعداد من يخرجون من الأمريكيين والأوروبيين وبين أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية التى ستدخل إلى غزة وترهن استمرارية خروج الأفراد باستمرارية دخول المساعدات.
• • •
فيما خص ما تعتبره الحكومات الغربية دفاعا شرعيا لإسرائيل عن نفسها وهى تقتل وتشرد وتدمر فى غزة وتعلن عن توجهها نحو حرب طويلة «لاجتثاث حماس والفصائل الأخرى» ويصدر جيشها أوامر تهجير لأكثر من مليون فلسطينى وفلسطينية من شمال القطاع إلى جنوبه ويصرح مسئولون حاليون وسابقون من نخبة حكمها بإمكانية تهجير أهل غزة إلى مصر مستبيحين سيادة بلادنا وملوحين بنكبة ثالثة للشعب الفلسطينى بعد تهجير 1948 و1967، فإن الغرب يراوح بين تجاهل جرائم إسرائيل وهى لا تمثل إلا عقابا جماعيا إجراميا للشعب الفلسطينى وتخليا يتناقض بالكامل مع قواعد القانون الدولى لمسئوليات الدولة العبرية كسلطة احتلال لا يحق لها لا القتل والتشريد والتدمير ولا قطع المياه والكهرباء والطاقة والاكتفاء على لسان بايدن ورفاقه المهرولين إلى تل أبيب بالمطالبة على استحياء بعدم استهداف السكان المدنيين، وبين إعلان التأييد السياسى الصريح لتوجه إسرائيل نحو حرب طويلة وإخراج لحماس وحلفائها من القطاع.
ولكارثة التواطؤ الغربى هنا شقان، أولهما هو إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر للشروع فى حربها التى لن تكون غير حرب إبادة وثانيهما هو تعطيل العقل السياسى للحكومات الغربية الذى يدرك أن استئصال حماس كحركة مقاومة تظل، مهما أدنتُ ومعى آخرون مخالفتها لقواعد القانون الدولى التى تنظم الأفعال المشروعة لمقاومة المحتل ومن هذه القواعد ما يمنع بصفة إطلاقية قتل واختطاف المدنيين والمدنيات ومهاجمة المرافق العامة والخاصة والسكان المدنيين ويصنفها دون لبث كجرائم حرب، متجذرة فى الواقع المجتمعى والسياسى الفلسطينى فى غزة ولها امتداداتها فى الضفة الغربية والقدس الشرقية.
فى المقابل، تترك الحكومات الغربية الشعب الفلسطينى يواجه العقاب الجماعى الذى تنزله إسرائيل به دون أدنى أشكال الحماية الدولية التى تعطل فرصها برفض مشروع القرار الروسى ثم القرار البرازيلى فى مجلس الأمن الأممى لتطبيق وقف فورى لإطلاق النار فى غزة لأسباب إنسانية. يتركون أكثر من مليونى فلسطينية وفلسطينى ضحية جماعية لجرائم دولة الاحتلال والفصل العنصرى والحصار، ويختزلون الأمر فى مساعدات إنسانية ترفض حليفتهم المدللة دخولها إلى القطاع. بل إن الدبلوماسيات الغربية تتحايل على مسئوليتها الأخلاقية والسياسية وتبحث عن تغييب واقع التواطؤ الكامل مع إسرائيل بمقولات غير قانونية وخطيرة عن «ممرات آمنة» لتهجير الفلسطينيين والفلسطينيات من القطاع باتجاه سيناء، وكأن سيادة مصر الوطنية أضحت ملكا للغرب المتغطرس وأداة لتمكين حليفته العبرية من تنفيذ جرائمها.
الحقيقة التى يتعين على الغرب الرسمى الذى ينظر بعنصرية إلى الشعب الفلسطينى وكأنه بشر من الدرجة الثانية لا حقوق لهم ويتعامل بغطرسة مع السيادة الوطنية المصرية واستقلالية القرار المصرى، هى أن الشعب الفلسطينى لن يقبل بتهجير جماعى جديد ولا بنكبة ثالثة وأن مصر، شعبا وحكومة وجيشا، على استعداد لحماية السيادة الوطنية بكل ما أوتيت من عزم.
• • •
فى كل هذه السياقات والمضامين، تسقط الحكومات الغربية أخلاقيا وسياسيا وتخسر عالميا إن بغياب مصداقية قيمها الديمقراطية التى تمتهن كل يوم بانحيازها الأعمى لإسرائيل ودفاعها عن جرائمها أو بغياب الاتساق مع قواعد القانون الدولى التى تتشدق بها فى حالة الحرب الروسية الأوكرانية عن تأييدها لدولة احتلال وفصل عنصرى وحصار تعاقب الشعب الفلسطينى جماعيا ولا يحاسبها أحد.
ليواصل الغرب السقوط الأخلاقى والسياسى، ففى ذلك تسريع لوتائر البحث عن قيادة عالمية بديلة وخلاص مستحق للبشرية المعاصرة من ظلم حكومات الغرب وعنصريتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.