أكد الفنان مارسيل خليفة أن على الفنان العربي أن يسعى من خلال الموسيقى والأعمال الفنية الى التعريف بثراء المخزون الموسيقي العربي وتقديمه للعالم في أرقى صورة. وقال الفنان مارسيل خليفة في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية (قنا) في لندن على هامش مشاركته في حفل اوركسترا قطر الفلهارمونية الذي أقيم على مسرح "البرت هول" بالعاصمة البريطانية أنه على الرغم من التزامه بقضايا شعبه في مقاومته للاحتلال، إلا أن التزامه بالقضية مهما كانت أهميتها، لا يمكن أن يكون على حساب العمل الفني " فالعمل لا يحسب فقط بمنسوبه النضالي بل والجمالي أيضا". من المعروف أن مارسيل خليفة يعتبر من الفنانين العرب الملتزمين بقضية الدفاع عن فلسطين، وقد عرف دوما بأغانيه التي تأخذ الطابع الوطني، وبأسلوب دمجه بين الموسيقى العربية والآلات الغربية كالبيانو.. كما أن إيمانه بالقضية الفلسطينية رافقه في أغانيه وموسيقاه رغم أن طابع الموسيقى قد اختلف بشكل واضح حسب مراحل حياته من الحرب الأهلية اللبنانية، والنضال الفلسطيني إلى مرحلة السلم اللبناني ومرحلة ما بعد اتفاق (الطائف) واتفاق أوسلو على الجانب الفلسطيني. وخلال أواخر السبعينيات والثمانينيات لحن مارسيل أولاً قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مطلقاً ظاهرة غناء القصيدة الوطنية الفلسطينية، التي تمتزج فيها صورة المرأة بالأرض والوطن أو الأم والوطن معاً، وكانت البدايات مع: "ريتا والبندقية ووعود من العاصفة" واستمرت لسنين محققة مزجاً رائعاً بين العود وشعر درويش الرمزي الوطني العاشق . وفي رده على سؤال حول فرقة قطر الفلهارمونية والدور الذي يمكن أن تلعبه في خلق جيل مستوعب لهذا الضرب من الموسيقى وممارس له .. أوضح مارسيل أن تأسيس اوركسترا قطر الفلهارمونية سيفتح المجال واسعا أمام الأجيال المقبلة في قطر لتأخذ على عاتقها مشروع تطوير الموسيقى العربية.. مشيرا إلى أن في قطر الكثير من الفنانين الذين درسوا الموسيقى، وستكون لهم فرصة أكبر ليغوصوا في أعماق الذاكرة القطرية ويستلهموا تراث قطر الغني مثل أغاني البحر التي تمتزج فيها كل الأنواع والألوان، وستقدم نماذج هامة لاعادة صياغة تلك الأغاني والألحان في قالب موسيقي أوسمفوني كما حدث مع المؤلف القطري حامد نعمة وآخرين. وعن نشأة الفرقة أوضح مارسيل أنه من أجل تأسيسها جرت اختبارات في أهم البلدان العالمية مثل النمسا وألمانيا وروسيا ومصر، وتم اختيار 100 عازف من أصل 3000 تقدموا وهم يمثلون خيرة العازفين الشباب في العالم.. مشيرا إلى أن أعضاء الفرقة ينتمون إلى 30 جنسية من بينهم عشرة عازفين عرب "ونحن في انتظار تعزيز المجموعة العربية". وأضاف أنه " في بداية تأسيس هذه الفرقة كتب "الكونشرتو العربي" و كانت فرصة أن تكون بعض الآلات الشرقية مثل الناي والعود والقانون والرق حاضرة ضمن الأوركسترا السمفونية، وفي نفس الوقت اعتمد على الكتابة من المقامات الموسيقية العربية التي تعتمد ربع الصوت (ربع التون) مثل: " البيات والرست والسيكا وراحة الارواح" وكان هناك حوار موسيقي حقيقي بين الثقافة العربية والثقافة العالمية". وخلص مارسيل خليفة إلى أن الموسيقى العربية في نهاية الأمر هي جزء من موسيقى العالم، وتحظى بقبول كبير مدللا على ذلك بالتفاعل الكبير من قبل الجمهور مع أعمال الاوركسترا في البرت هول وفي سكالا دي بميلانو وابورا كينيدي سنتر في واشنطن ومسرح الشانزيليزيه في باريس. وحول مسيرته الفنية مع الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش أوضح مارسيل أنه لا يمكن الحديث عن هذه التجربة في التأليف الموسيقي دون التوقف عند شعر محمود درويش.. قائلاً إن الموسيقى تردم الهوة بين الشعر والناس .. فكانت "أمي" وكانت "جواز السفر" أفضل شعارات تحملها وترددها الجماهير العربية المنادية بالنضال في فترة ما بعد النكسة. وقد شكل مارسيل ودرويش أقرب ما يشبه الثنائي في أذهان الناس، رغم أنهما لم يلتقيا إلا في فترة متأخرة. لحن مارسيل أيضا لشعراء آخرين مثل حبيب صادق وطلال حيدر ("تصبحون على وطن"). يذكر أن مارسيل خليفة مواليد عام 1950 في جبل لبنان، وهو مؤلف موسيقي ومغن وعازف عود ، لكنه أصبح في الفترة الأخيرة يميل للتلحين الموسيقي البحت دون الغناء فكانت بداية مشاريعه الموسيقية التي بدأها بمعزوفة "جدل" التي تعتبر نقاشا بين العود القديم (مارسيل خليفة) والعود الجديد (شربل روحانا) فكانت محاولة أكثر من ثورية بالنسبة لتقديم العود، قام مارسيل أيضا بتأليف موسيقى تصويرية في العديد من مسرحيات عبد الحليم كركلا الأخيرة : مثل حلم ليلة صيف والأندلس... الحلم المفقود وأليسا.. ملكة قرطاج.