فى 18 مارس، واستمرارا لتقليد قديم فى ريادة حملات حقوق الإنسان، أصدر مجلس رابطة طلاب كلية بيركلى بجامعة كاليفورنيا «وثيقة تأييدا لسحب جامعة كاليفورنيا الاستثمارات من الشركات المتورطة فى جرائم الحرب»، وتصر الوثيقة على سحب أرصدة الرابطة من شركتين أمريكيتين، هما جنرال إلكتريك ويونايتد تكنولوجيز، اللتين «تدعمان ماديا وعسكريا احتلال الحكومة الإسرائيلية للأراضى الفلسطينية»، كما تدعو جامعة كاليفورنيا، التى تستثمر 135 مليون دولار فى شركات تجنى أرباحا من التصرفات الإسرائيلية غير المشروعة فى الأراضى المحتلة إلى أن تحذو حذوها. وعلى الرغم من تمرير مشروع القانون بأغلبية 16ضد أربعة، بعد مناقشة قوية ومكثفة، فقد اعترض رئيس المجلس على الوثيقة بعد ستة أيام. ومن المتوقع أن يعيد المجلس النظر فى الوثيقة قريبا. وتدعو جماعات مثل الصوت اليهودى من أجل السلام مؤيدى الوثيقة إلى إرسال رسائل إلى أعضاء المجلس، الذين يستطيعون التغلب على الاعتراض بأربعة عشر صوتا فحسب. وفيما يلى الخطاب الذى أرسلته توا: الأعزاء أعضاء مجلس رابطة طلاب جامعة كاليفورنيا أكتب إليكم لأحثكم على إعادة إقرار الوثيقة 118 أ، على الرغم من الاعتراض الرئاسى الأخير. فليس من المستغرب أن تتعرضوا لضغوط مكثفة لتعديل قراركم التاريخى والديمقراطى بالانسحاب من شركتين تتربحان من الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية. فعندما تتخذ كلية ذات سمعة جيدة مستحقة لتميزها الأكاديمى وقيادتها الأخلاقية مثل هذا الموقف الجرىء، فإنها تهدد بإلهام الآخرين لاتخاذ مواقف خاصة بهم. وفى الواقع قدمت بيركلى الحرم الجامعى والمجتمع الأوسع نطاقا هذا النوع من الريادة فى العديد من القضايا الرئيسية فى الماضى، ليس فقط فيما يتعلق بسياسة الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، ولكن أيضا بالنسبة للمصانع التى تستغل العمال فى إندونيسيا، والديكتاتورية فى بورما، وجرائم القتل السياسية فى نيجيريا، والقائمة تطول. ومرة إثر أخرى، عندما يطالب المحرومون من الصوت السياسى بتضامن المجتمع الدولى، تكون بيركلى من أوائل من يستجيبون. وفى كل حالة تقريبا، فإن ما يبدأ كتحرك صغير فى مجتمع نشط، سرعان ما ينتشر فى أنحاء البلاد وعبر أنحاء العالم. وينضم قراركم الأخير بتصفية الاستثمارات رفضا لجرائم الحرب الإسرائيلية إلى هذا النوع من التأثير العالمى، فيساعد على بناء قاعدة شعبية، وحركة سلمية لوقف انتهاكات إسرائيل للقانون الدولى. وهذا بالضبط ما يسعى معارضوكم جاهدين لمنعه، عبر نشر أكاذيب متعمدة ضد تحركاتكم. بل لقد ذهبوا إلى حد ادعاء أنه لا يجب أن تكون هناك فى المستقبل حملات لسحب الاستثمارات تستهدف بلدا بعينه، وهو تحرك من شأنه أن يسلب النشطاء إحدى أكثر أدواتهم فعالية فى ترسانة اللاعنف. أرجوكم ألا ترضخوا لهذا الضغط، فما زال أمامكم الكثير من المهام. كما شهد العالم مؤخرا مع رفض حكومة نتنياهو لوقف توسعها الاستيطانى غير المشروع، فإن الضغط السياسى لا يكفى فحسب لدفع إسرائيل خارج مسارها المفجع الحالى. وعندما تعجز حكوماتنا عن فرض العقوبات على اللاشرعية المتحدية، فلابد من اللجوء إلى أشكال أخرى من الضغط، من بينها استهداف تلك المؤسسات التى تتكسب على نحو مباشر من انتهاكات حقوق الإنسان. ونحن نعرِّض أنفسنا، كلما قمنا بتحرك سياسى، لتهمتى النفاق والكيل بمكيالين، لأن الحقيقة أننا لن نستطيع أداء ما يكفى فى مواجهة الظلم المستشرى عالميا. غير أن الزعم بأن اتخاذ موقف واضح ضد جرائم الحرب الإسرائيلية نوع من أنواع «التمييز غير العادل» ضد الإسرائيليين واليهود (وهو ما يبدو أن اعتراض الرئيس يدعيه) تشويه فاضح لخطاب حقوق الإنسان. وبعيدا عن «تمييز إسرائيل» بمشروع القرار 118 أ، فأنتم تتحركون ضمن تقليد كلية بيركلى الملهم والجدير بالإشادة. وأنا أدرك وجود نوع من أنواع الجدل حول ما إذا كان مشروع قرار سحب الاستثمارات قد أقر «على عجل» أم لا. ولكونى لم أكن حاضرة، فلا أستطيع التعليق على عملية إصدار القرار، على الرغم من تأثرى على نحو عميق بالبحث الدقيق الذى تحول إلى القرار. وأعلم أيضا أن مجموعة واسعة للغاية من جمعيات المجتمع المدنى الفلسطينية دعت عام 2005 نشطاء العالم إلى تبنى هذه الأنواع من أساليب الضغط السلمية على وجه التحديد. ومنذ هذه الدعوة شهدنا جميعا تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية على نحو ضخم: الهجوم على لبنان عام 2006، والتوسع الهائل للمستوطنات والجدران غير المشروعة، والحصار المستمر على غزة الذى يخرق جميع قرارات حظر العقاب الجماعى، والأسوأ من ذلك هجوم 2008/2009 على غزة الذى خلّف 1400 قتيل تقريبا. ولعلنى أقول بتواضع إنه عندما يتعلق الأمر بالتحرك لوقف جرائم الحرب الإسرائيلية، فإن الاستجابة الدولية لا تعيبها العجلة الزائدة وإنما تعيبها ضآلة هذه الاستجابة. هذه لحظة تقتضى قدرا كبيرا من العجلة، وها هو العالم يراقب. فلتكونوا شجعانا. المخلصة نعومى كلاين