غيب الموت في 30 أغسطس 2006، الأديب نجيب محفوظ عن عمر يناهز 94 عامًا؛ إثر هبوط مفاجئ في ضغط الدم وفشل كلوي تعرض له بغرفة العناية المركزة في مستشفى الشرطة بالعجوزة. وامتدت رحلة محفوظ الأدبية إلى ما يزيد على 70 عاما، كتب خلالها أكثر من 50 رواية ومجموعة قصصية، فضلا عن مقالات فكرية وفلسفية. وتنوعت الأعمال الأدبية لمحفوظ، بين الرواية التاريخية بمستهل مشواره، ثم توجهه للواقعية والرمزية، بجانب أعمال ملحمية يأتي على رأسها "الحرافيش". وخلال شهر وفاة أديب نوبل، نستعرض في 10 حلقات مسلسلة ملامح من سيرة وحياة نجيب محفوظ، بالأيام الأخيرة لشهر أغسطس، تحت عنوان: "المجالس المحفوظية"، وهو المسمى الذي اختاره الكاتب جمال الغيطاني عنوانًا لكتابه الذي لخص سنوات من العمر رافق فيها "محفوظ"، تلميذا وصديقا من أقرب أصدقائه. • الحلقة الثانية: تحدثنا بالحلقة السابقة عن الفصل الأول من حياة نجيب محفوظ، برواية الأحداث البارزة التي صاحبت يوم مولده، ونتقدم بالحديث خطوة في مشوار ومسيرة حياته، واستعراض مرحلة طفولته ومجرياتها ومشاعرها، كما رواها في حوارات مطولة مع الكاتب رجاء النقاش. • الحسين.. نشوة العشاق قال محفوظ: "منذ مولودي في حي سيدنا الحسين، وتحديدًا في يوم الاثنين 11 ديسمبر عام 1911 ميلادية وهذا المكان يسكن في وجداني، عندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جدًا، أشبه بنشوة العشاق، كنت أشعر دائمًا بالحنين إليه لدرجة الألم، والحقيقة أن ألم الحنين لم يهدأ إلا بالكتابة عن هذا الحي، حتى عندما اضطرتنا الظروف لتركه والانتقال إلى العباسية، كانت متعتي الروحية الكبرى هي أن أذهب لزيارة الحسين". • سهرات الفيشاوي وأضاف محفوظ: "وفي فترة الإجازة الصيفية أيام المدرسة والتلمذة كنت أقضي السهرة مع أصحابي في الحسين، ونقلت عدوى الحب لهذا الحي إلى أصدقائي، فتحت أي ظرف لابد أن تكون السهرة في الحسين، وحتى لو ذهبنا لسماع أم كلثوم وتأخرنا إلى منتصف الليل، لا نعود إلى منازلنا إلا بعد جلسة طويلة في الفيشاوي، نشرب الشاي والشيشة ونقضي وقتًا في السمر والحديث". • مشيخة قرمز ودقن الباشا وأكمل محفوظ: "فقد كان عنوان بيتنا هو رقم (8) في ميدان بيت القاضي، وكان مواجهًا لقسم الجمالية، وكانت أبواب البيت مفتوحة على الميدان، أما نوافذه الجانبية فتطل على درب قرمز، وكنا نتبع مشيخة قرمز". ويكمل محفوظ حديثه: "كان ميدان بيت القاضي يتميز بالهدوء والاتساع، وتكثر فيه أشجار كنا نسميها دقن الباشا؛ ونظرًا لاتساع الميدان وتفرع الحواري الكثيرة منه فقد كانت تتجمع فيه المظاهرات، وأظن أن شكله الآن اختلف وأصبح مزدحمًا للغاية". وغدا نلتقي بحلقة جديدة.. اقرأ أيضا: المجالس المحفوظية 1.. انتظار ثورة ورقابة على المسرح: ماذا جرى في يوم ميلاد نجيب محفوظ؟