تكشفت خلال الساعات الماضية العديد من التفاصيل والمعلومات المثيرة حول الكارثة التي وقعت في استاد هوفيه بوانييه في كوت ديفوار خلال المباراة التي جمعت فريق "الأفيال" بمنتخب مالاوي في تصفيات كأس العالم 2010 وأسفرت عن مقتل 19 شخصاً - حسب المحصلة النهائية التي أعلنتها الحكومة الإيفوارية - وإصابة ما يقرب من 132 شخصاً نتيجة التدافع بين الجماهير ، في الوقت الذي طالب فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بإجراء تحقيقات لمعرفة أسباب هذه الكارثة التي تعد مؤشرا سيئا قبل استضافة أفريقا للمونديال للمرة الأولى العام المقبل. ففي زيوريخ ، طالب السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا الحكومة الإيفوارية والاتحاد الإيفواري لكرة القدم بإجراء تحقيق شامل حول الحادث لمعرفة ملابساته ، ونقلت عنه هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي." قوله : "أتمنى من الحكومة والاتحاد الإيفواري مباشرة تحقيق شامل حول هذه الكارثة التي أودت بحياة 19 شخصاً من عشاق كرة القدم الذين ذهبوا إلى الاستاد لمتابعة منتخب بلادهم". ووجه بلاتر تعازيه إلى الشعب الإيفواري في ضحايا هذه الكارثة المروعة ، وأعرب عن مواساته لأسر الضحايا. أما في كوت ديفوار نفسها ، فكانت الصورة قاتمة ومليئة بالروايات المثيرة ، فمن جانبه ، دافع جاك أنوما رئيس الاتحاد الإيفواري لكرة القدم عن نفسه بالتأكيد على أن الاتحاد طرح تذاكر المباراة قبل يوم إقامتها بوقت كاف ، ولكنه أوضح أنه نظراً للإقبال الشديد على شراء التذاكر من قبل الجماهير ، اضطر الاتحاد إلى توجيه نداء إلى الجماهير التي لا تمتلك تذاكر لدخول المباراة للامتناع عن دخول منطقة الاستاد. غير أن الجماهير لم تستجب لهذا النداء لرغبتها في حضور المباراة ومتابعة نجوم المنتخب الإيفواري الذين يتابعونهم في كبرى الدوريات الأوروبية وفي مقدمتهم ديدييه دروجبا مهاجم تشيلسي الإنجليزي. أما داجوبرت بانزيو وزير الرياضة في كوت ديفوار فقال ل"بي.بي.سي." : "أصدر اتحاد الكرة 35 ألف تذكرة للمباراة ، وهي السعة الرسمية التي تستوعبها مدرجات الاستاد ، وقبل بداية المباراة بنحو 40 دقيقة تجمهرت آلاف من الجماهير خارج بوابات الاستاد المغلقة وطالبت بالدخول إلى المباراة ، وعندما قوبل طلبهم بالرفض من قبل قوات الأمن هناك بدأوا في اقتحام البوابات ، وحطموا البوابة الرئيسية للاستاد للدخول إلى المدرجات". وعلى الجانب الآخر , التقت وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء مع عدد من الجماهير الإيفوارية التي حضرت المباراة ، وأجمع معظمهم على أن الأمن هو السبب الرئيسي في هذا الكارثة. وقال أحد الإيفواريين الذين حضروا المباراة : "وقت حدوث التدافع على أبواب المدرجات أطلق الأمن القنابل المسيلة للدموع علينا دون مبرر ، وفوجئنا بأن الشرطة تطلق النار علينا دون سبب واضح". وخارج الاستاد الذي شهد الكارثة ، التقت ال"بي.بي.سي." مع مواطن إيفواري يُدعى عثمان ويعمل مهندسا وكان ذاهبا إلى المباراة مع أصدقاء له وبعض أبناء أصدقائه ، وقال : "عندما وصلنا إلى الاستاد كان هناك آلاف الأشخاص ، وبدا من المشهد أن عدد الجماهير الموجودة أكبر من عدد المدرجات داخل الاستاد ، وحاولت هذه الجماهير دخول المدرجات بالقوة ، ولكن قوات الأمن ردت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع ، وما أن بدأ إطلاق هذه القنابل حتى بدأ الناس يركضون هنا وهناك ، والحقيقة ، كنت أشعر بالخوف ، ولم أكن أرى شيئاً تقريباً ، فبدأت الناس في التعثر والسقوط على الأرض ، وكان أناس يأتون من خلفهم ويدهسونهم لانعدام الرؤية". وأضاف المهندس الإيفواري : "التنظيم كان في غاية السوء من قبل الأمن ، ورأيت بعيني بعض رجال الشرطة يحصلون على رشاوى مالية من بعض الجماهير ليسمحوا لهم بالدخول إلى الاستاد"! واختتم عثمان حديثه قائلاً : "كنا نمتلك تذاكر المباراة , وبعد أن رأينا هذا المشهد عدنا إلى منازلنا دون حضور المباراة لأننا كنا خائفين على الأطفال الذين كانوا معنا ، ولا أعتقد بأنني سأحضر مباراة أخرى لمنتخب كوت ديفوار في الملعب"! أما وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية فقد ذكرت أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف" رفض تقديم تفسير لعدم قيام أحد مسئوليه بتعليق إقامة مباراة كوت ديفوار ومالاوي ، خاصة بعد أن كانت هذه الأحداث قد وقعت قبل بداية المباراة ، بل إن فرق الإسعاف قدمت الرعاية الطبية والعلاج للمصابين داخل الاستاد نفسه في الوقت الذي أطلق فيه الحكم صفارته معلنا بدايتها! ونقلت الوكالة عن الكاف قوله إنه لا يمكن للاتحاد تفسير عدم تعليق أحد مسئوليه للمباراة قبل أن يحصل على تقرير كامل حول الواقعة.