تباينت ردود أفعال الشركات الأمريكية التي تستثمر في الصين، فور توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرا تنفيذيا يحظر بعض الاستثمارات الأمريكية الجديدة في الصين في التقنيات الحساسة، وفرض متطلبات بإخطار الحكومة في حال الاستثمار في قطاعات تكنولوجية أخرى. وأكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، يعطي وزارة الخزانة الأمريكية سلطة حظر أو فرض قيود على الاستثمارات في الكيانات الصينية، في ثلاثة قطاعات، وهي أشباه الموصلات والإلكترونيات الدقيقة، وتقنيات المعلومات، وأنظمة محددة للذكاء الاصطناعي. وذكرت الصحيفة أنه بعد أن أعلن جو بايدن فرض حظر على الاستثمار الأمريكي في بعض الصناعات التكنولوجية الرئيسية في الصين، شعر مؤسس الشركة الناشئة لأشباه الموصلات في شنجهاي بأنه مضطر للرد. وقال مستثمر أمريكي طلب عدم نشر اسمه، إنه بعد اعلان الحظر عقد العزم على نقل فريقه خارج الصين، أو على الأقل جزء من الفريق، مضيفا "وإلا، فسيكون التمويل محدودًا للغاية". وتفرض القواعد الجديدة على الشركات الأمريكية والأفراد الأمريكيين إبلاغ الإدارة بتعاملات معينة، فيما تحظر بشكل صريح تعاملات أخرى متى شملت "كيانات على صلة بالتقنيات المتقدمة المشار إليها في المرسوم". ويحاول المستثمرون الأمريكيون فهم التأثير المحتمل لقرار بايدن على استثماراتهم في الصين وموازنة استراتيجيات الامتثال أو الخروج. وضخت مجموعات الأسهم الخاصة مثل جنرال أتلانتيك وواربورج بينكوس وكارلايل جروب مليارات الدولارات في الصين في السنوات الأخيرة، حيث سعت للحصول على عوائد ضخمة. ونقلت الصحيفة عن منصة ديلوجيك للأسواق المالية أنه بعد قراءة الظروف المحيطة تراجع الكثيرون بالفعل عن العمل في الصين حتى قبل صدور الأمر التنفيذي، حيث إن مجموعات باي أوت أبرمت صفقات في الصين بقيمة 47 مليار دولار عام 2021، لكن ذلك انخفض بسرعة إلى 2.4 مليار دولار فقط عام 2022، ونحو 2.8 مليار دولار حتى الآن هذا العام. وأضافت الصحيفة أن شركة سيكويا كابيتال قامت في يونيو بإحدى الخطوات الوقائية، حيث أعلنت شركة رأس المال المغامر في وادي السيليكون تلك بولاية كاليفورنيا الأمريكية، إنها تنزع ذراعها الصيني من عملياتها في الولاياتالمتحدة وأوروبا، كما أنها تنفصل عن أعمالها في الهند. ونقلت الصحيفة عن أحد مستثمري رأس المال المغامر الأوروبيين قوله "لقد انتهى عصر شركات رأس المال المغامر الأمريكية التي تستثمر في الصين". ويستهدف الأمر الأمريكي ثلاثة قطاعات محددة فقط، وهي استراتيجية وصفها جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بأنها "ساحة صغيرة، وسور مرتفع". وتخشى إدارة بايدن استفادة الصين من الاستثمارات الأمريكية، ليس فقط على مستوى نقل التقنيات، وإنما أيضا عبر فوائد غير ملموسة، على غرار المرافقة في إنشاء خطوط الإنتاج وتبادل المعارف والوصول إلى الأسواق. وأشارت الصحيفة إلى أن تضمين الأمر التنفيذي للذكاء الاصطناعي، وهي تقنية تستخدمها الشركات في العديد من القطاعات، يمكن أن يردع المستثمرين الأمريكيين عن الشراء في مجموعة واسعة من الشركات الصينية. ويهدف الأمر إلى منع رأس المال والخبرة الأمريكية من مساعدة الصين على تطوير تقنيات يمكن أن تدعم تحديثها العسكري وتقوض الأمن القومي للولايات المتحدة، ويستهدف هذا الإجراء الأسهم الخاصة ورأس المال المغامر والمشاريع المشتركة وضخ الاستثمارات لتأسيس وحدات محلية تابعة. وحول هذا الأمر، نقلت الصحيفة عن مارسيا إليس المسؤولة في شركة قانونية معنية بالأسهم الخاصة، أن الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان ومعظمه ثنائي الاستخدام، مضيفة أن المستثمرين الأمريكيين قد يتساءلون، على سبيل المثال، عما إذا كان بإمكانهم المساهمة في شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي إذا استخدم الجيش نفس التكنولوجيا. وأشارت الصحيفة إلى أن عدم اليقين يمتد إلى دور جهات أخرى، مثل صناديق التقاعد العامة الأمريكية، التي توفر رأس المال لصناديق الأسهم الخاصة وصناديق رأس المال المغامر للاستثمار. وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم يركزون على شركات الأسهم الخاصة الأمريكية وشركات المال المغامر، بالإضافة إلى المشاريع المشتركة، لأن هذه الشركات يمكن أن تزود المجموعات الصينية بمزايا قيّمة مثل التعريف بالخبراء والشركات الأخرى في شبكات الاستثمار الخاصة بهم، وذلك وفقا للصحيفة. وتخشى إدارة بايدن استفادة الصين من الاستثمارات الأمريكية ليس فقط على مستوى نقل التقنيات وإنما أيضا عبر "فوائد غير ملموسة" على غرار المرافقة في إنشاء خطوط الإنتاج وتبادل المعارف والوصول إلى الأسواق. ودعا بعض الجمهوريين إدارة بايدن إلى توسيع نطاق القيود، قائلين إنهم لن يحققوا النتيجة المرجوة لإبطاء التحديثات العسكرية الصينية. وقالت صحيفة فايننشال تايمز في وقت سابق، إن مايك غالاغير، رئيس اللجنة الخاصة لشؤون الصين بمجلس النواب الأمريكي قال للرئيس الأمريكي قبل إصداره الأمر التنفيذي، الأسبوع الماضي، إن الأمر التنفيذي يجب أن يغطي مشاركة الولاياتالمتحدة في الأسواق العامة الصينية، وليس فقط الاستثمارات المباشرة من مجموعات الأسهم الخاصة ورأس المال المغامر. وفي رسالة في وجهها غالاغير إلى بايدن، قبل صدور الأمر التنفيذي، واطلعت عليها صحيفة فايننشال تايمز، قال "تمثل استثمارات السوق العامة غالبية تدفقات رؤوس الأموال الأمريكية إلى جمهورية الصين الشعبية، وان أي قواعد تستثنيهم ستفشل في معالجة الجزء الأكبر من تهديد الأمن القومي.