خبراء: زيادة الفجوة التمويلية تدفع للإسراع بضبط سعر الصرف وإتمام قرض صندوق النقد شفيع: استمرار رفع الفائدة الأمريكية وزيادة أسعار القمح عالميا يعمقان الأزمة عبدالحكيم: ضبط سعر الصرف أولوية لرفع إيرادات تحويلات العاملين بالخارج والسياحة توقع عدد من خبراء الاقتصاد، أن تتعمق أزمة الدولار فى مصر خلال الفترة القادمة مع ازدياد الضغوط على الفجوة التمويلية نتيجة ظهور مستجدات لم تكن فى الحسبان على الساحتين الاقتصاديتين العالمية والمحلية، ما يتطلب من الحكومة جهودا مضاعفة؛ لتعزيز مواردها الدولارية خاصة على صعيد الاسراع فى إتمام برنامج الطروحات الحكومية، واتخاذ إجراءات جادة لضبط سعر الصرف لضمان استعادة تداول النقد الأجنبى فى القطاع المصرفى للاستفادة من انتعاشة قطاع السياحة. وشهدت الأيام الماضية عددا من الأحداث الاقتصادية التى من المتوقع أن تؤدى إلى فرض أعباء إضافية على أزمة الدولار التى يعانى منها الاقتصاد فى الوقت الحالى، حيث ارتفعت أسعار عدد من السلع الأولية عالميا، التى تستوردها مصر مثل القمح والبترول بسبب التوترات الجيوسياسية، ورفع الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة من جديد؛ لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 2001، بينما محليا توقفت صادرات الغاز الطبيعى لتوجيه الإنتاج بالكامل لتوليد الكهرباء محليا، كما اتجهت الحكومة لأول مرة لاستيراد المازوت. قال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث الاقتصادية ب«عربية أونلاين»، إن هناك العديد من الأمور الاقتصادية المستجدة محليا؛ تضغط على الاقتصاد المصرى، وستعمق من أزمة نقص العملة الصعبة التى يعانى منها فى الأساس، فى مقدمتها انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب، خاصة أن استيراد الحبوب شكل أزمة كبيرة لمصر منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لكن تراجعت حدتها بفضل اتفاقية تصدير الحبوب. وسجلت أسعار القمح عالميا خلال الأسبوع الماضى، أكبر زيادة يومية لها فى عشر سنوات، حيث أدت التهديدات الروسية للسفن المبحرة إلى الموانئ الأوكرانية، إلى تصعيد الصراع حول صادرات الحبوب من منطقة البحر الأسود. وتابع شفيع أن ارتفاع أسعار الحبوب عالميا، يتزامن مع استمرار الفيدرالى الأمريكى فى تبنى سياسة نقدية متشددة، وهو ما سيؤثر سلبا على آمال عودة استثمارات الأجانب غير المباشرة فيما تحاول الحكومة اجتذابها مرة أخرى. وأدى تخارج استثمارات أجنبية بقيمة 22 مليار دولار مع اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية واتجاه الفيدرالى الأمريكى لرفع الفائدة بهدف السيطرة على التضخم، إلى تراجع الاحتياطى النقدى المصرى وضغوط على الجنيه ليضطر البنك المركزى إلى رفع الفائدة أكثر من مرة وخفض قيمة الجنيه لمحاولة جذبهم مرة أخرى. وأضاف شفيع أن تلك الأمور المستجدة على الاقتصاد المصرى، ستدفع الحكومة للانصياع إلى الموافقة على اشتراطات صندوق النقد الدولى على الرغم من تأثيرها السلبى على تراجع مستوى معيشة المواطنين من رفع الدعم بالكامل عن الوقود وتحرير سعر الصرف، للحصول على الشريحة الثانية من القرض حتى تضمن سداد التزاماتها الدولارية وشراء احتياجاتها من السلع الأساسية، خاصة أن التزاماتها فى الربع الثالث من 2023 تبلغ 15 مليار دولار، بحسب البنك الدولى. ووقعت مصر اتفاقية قرض جديد مع صندوق النقد الدولى لتقليل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أكتوبر الماضى بقيمة 3 مليارات دولار، ونجحت فى صرف الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار لكن لم تحسم صرف الشريحة الثانية منذ مارس الماضى، فى ظل التراجع عن إتمام بعض الإصلاحات خاصة على صعيد تبنى سعر صرف حر. قال محمد عبدالحكيم رئيس قسم أسطول لتداول الأوراق المالية والوساطة فى السندات، إن تراجع صادرات مصر من الغاز الطبيعى وتوجيه الإنتاج بالكامل لحل أزمة الكهرباء الحالية سيؤدى إلى تراجع موارد البلاد الدولارية بلا شك فى الوقت الذى تحتاج فيه لزيادة حصيلتها الدولارية خاصة أن صادرات الغاز دعمت الموارد الدولارية للبلاد خلال الفترة الماضية مع تراجع إيرادات قطاع السياحة. وتابع «عبدالحكيم»، أن استمرار رفع الفيدرالى الأمريكى، أسعار الفائدة سيدفع البنك المركزى المصرى إلى زيادة أسعار الفائدة هو الآخر، ما سيؤثر سلبا على ارتفاع التكلفة الاستثمارية ومزيد من الضغوط على تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر الذى كانت تحاول الحكومة جذبه فى التوقيت الحالى. ورفع الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة الأسبوع الماضى ربع نقطة مئوية لتصل إلى نطاق بين 5.25% و5.5% وهو الأعلى منذ 22 عاما، وذلك بعد أن توقف مؤقتا عن رفع الفائدة فى يونيو الماضى للمرة الأولى منذ 15 شهرا، ليمثل القرار الأخير الزيادة الحادية عشرة منذ مارس 2022. وأضاف «عبدالحكيم»، أن الحكومة يجب أن تركز فى التوقيت الحالى على زيادة مواردها الدولارية من خلال تحويلات المصريين بالخارج، والقطاع السياحى اللذين يشهدان انتعاشة ولكن غير مؤثرة على الاقتصاد؛ لعدم انضباط سعر الصرف. وتابع أن انضباط سعر الصرف سوف يعزز التدفقات الدولارية على الاقتصاد لعلاج الآثار السلبية من المستجدات التى طرأت عليه. ويرى محمد حسن مدير صناديق الاستثمار بشركة أودن للاستثمارات المالية، أن الحكومة يجب أن تسرع فى إتمام برنامج بيع الأصول والاتفاق على إتمام عمليات بيع الشركات بسعر الصرف الذى تريده، حتى تتوفر لها حصيلة دولارية قوية فى ظل الأعباء التمويلية الجديدة التى فرضت عليها. وتابع حسن، «الآن الحكومة اصبحت مطالبة بتوفير 300 مليون دولار لاستيراد المازوت الذى لم تكن تستورده من قبل، فمن أين ستوفر تلك الأموال.. يجب أن تبادر ببرنامج الطروحات الحكومية ليكون لديها حصيلة دولارية لتلبية تلك الالتزامات الجديدة».