يتعرض الكثير من الناس كل يوم لعمليات نصب إلكترونية، حيث تصلهم رسائل عبر بريدهم الإلكتروني من عناوين بريدية خاصة بأصدقائهم يناشدونهم فيها بتحويل الأموال إليهم لأنهم مسافرون خارج أوطانهم وتعرضوا لعمليات سرقة سلبتهم كل شيء، ولكن كل ذلك في حقيقة الأمر ما هو إلا عملية نصب محكمة من محترفين يخترقون البريد الإلكتروني ويقومون بإرسال تلك الرسائل منه. وكان من هؤلاء الناس الذين تعرضوا لمحاولات النصب، بوب جرين الصحفي بشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، ما دفعه لكتابة مقالة حول تجربته الشخصية مع عالم الاحتيال الإلكتروني، عارضاً التصرفات التي قام بها، والتي أدت إلى نجاته من الاحتيال بفضل حسن تصرفه وسرعة بديهته، داعياً القراء إلى تطبيق نصائحه. المقال يقول الصحفي الأمريكي في نص مقاله "وصلتني رسالة قبل أيام، وتمكنت بسرعة من معرفة مصدرها، فعنوان البريد الإلكتروني واضح، والخاص بكاي كاسلر صديقي العزيز، الذي أعرفه منذ سنوات، وكان مدير تحرير في صحيفة عملت بها لفترة، قبل أن يتقاعد في ولاية كولورادو". وكان أبرز ما في الرسالة ما جاء في الجملة الأولى منها، وتسبب بشعوري بقلق بالغ، إذ قال كاسلر: "أكتب إليك بعيون تذرف الدمع، حيث أنني موجود حالياً في بريطانيا مع عائلتي لقضاء عطلة في لندن، ولكنني تعرضت للسلب المسلح وسلبوا مني كل شيء (المال وبطاقات الائتمان والهاتف المحمول). وتواصل الرسالة عرض المشكلة التي وقع فيها صديقي العزيز كاسلر بالقول: هل يمكن أن تقرضني بعض المال عبر تحويل إلكتروني لأتمكن من العودة إلى الولاياتالمتحدة مع عائلتي وأعدك بأنني سأسدد المبلغ بالكامل بعد عودتي، وانتهت الرسالة بجملة "الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن". ويضيف: "لقد شعرت بالقلق الشديد حيال كاسلر، فهو متقدم في السن وأنا أدين له بالكثير، وتأثرت جداً بأنه اختارني من بين كل الأصدقاء ليطلب مني المساعدة، ولذلك بدأت أحضر المبلغ المطلوب للتحويل". سرعة بديهة وحسن تصرف ويستطرد: "دفعني شعور غريب بعدم الراحة لقراءة الرسالة مرة أخري وقد تنبهت لبعض الأمور الدقيقة، حيث أن النص يحتوي على بعض الأخطاء اللغوية والإملائية التي لا يمكن لكاتب محترف مثل كاسلر أن يرتكبها، كما أن الفقرة التي تشير إلى وجوده في لندن مع عائلته كانت مثيرة للشكوك، لأن زوجته ماتت منذ 15 عاماً". كانت تلك الشكوك دافعا قويا لجرين، كي يقوم بنسخ أجزاء من الرسالة والبحث عن مقاطع شبيهة لها على الانترنت، واكتشفت أن آلاف الأشخاص تلقوا رسائل مماثلة موقعة من أصدقائهم بعناوينهم البريدية الصحيحة، وأكدوا جميعاً أن الأمر عبارة عن عملية احتيال مماثلة لما تحتويه بعض الرسائل التي ترد من "ابنة رئيس نيجيري ورثت مائة مليون دولار وتبحث عن وسيلة لإخراجها من البلاد". وعندها قرر الاتصال بصديقه هاتفياً لاستيضاح الأمر منه، فأكد له، أن بريده الإلكتروني تعرض للقرصنة منذ أيام، وسيطر القراصنة على ذاكرة البيانات وقاموا بإرسال رسائل مماثلة إلى جميع أصدقائه، في محاولة للاحتيال عليهم وجمع المال منهم. وبعد أن تحولت شكوكه إلي يقين قام الصحفي الذكي بالاتصال بجيسون باك المحقق الفيدرالي ، الذي تعرف مباشرة على الرسالة، وأكد له أنها "أحدث تقنيات الاحتيال الإلكتروني" التي قد تنطلي على الكثيرين، لأنها تعتمد على رسائل ترد للناس من عناوين بريدية معروفة لديهم. ويقول باك: "على الجميع تجنب إرسال الأموال إلكترونياً في جميع الأحوال، وعدم تصديق ما كتب في الرسالة عن استحالة الاتصال بسبب سرقة المال والهاتف المحمول، لأن السبل متاحة دائماً وعبر أكثر من وسيلة".