انطلاقًا من فكرة أن التاريخ ليس طريقًا واحدًا وليس مسألة حسابية، ولا هو تجربة معملية معروفة النتائج مسبقًا، وأنه آراء وأفكار وتصورات متلاطمة لا تقبل القراءة المنفردة، يأتي كتاب ضد التاريخ.. تفنيد أكاذيب السلطة وتبديد أوهام الشعب"، للكاتب والباحث التاريخي مصطفى عبيد، ليقدم من خلاله طرح رؤى أخرى لا تخضع للأهواء الشخصية، أو لتوجيه سُلطوي، بل تخضع للعقل والتحليل والفكر والمنطق وتعيد قياس الأمور بمنطق الاجتهاد ومحاولة قراءة الماضي لإعادة فهم الحاضر، ورفض الجمود وقبول التعدُّد والرحابة في الرأي. انطلاقًا من إيمان حقيقي بأن التاريخ الرسمي، أو الشائع، أو المُجمَع عليه ليس صحيحًا بالضرورة، خاصة أن عملية كتابته وطرق تدريسه وتقديمه خضعت جميعها لرؤية السلطة، سواء كانت سلطة الحكم أو حتى سلطة المحكومين، وهي سلطة أكثر ديكتاتورية وأقل عقلانية، وغير منصفة في أحكامها. هذا الكتاب ينتصر لفكرة أن ليس التاريخ ما رواه المنتصرون، سُلطة وشعبًا، وإنما ما نراه اليوم، ويراه أولادنا من بعدنا بشكلٍ آخر، ثم تراه أجيال خلف أجيال، كلٌّ بنظره، وبقراءته الخاصة، وأنه لا توجد قراءة واحدة للتاريخ، وإنما هي قراءات متعددة، لا حقائق ثابتة، لا أحكام نهائية أبدًا، فكل الأحداث يمكن إعادة قراءتها بزاوية جديدة لينقلب كثير من الأبطال إلى خونة، وربما يتحول بعض الأشرار إلى شهداء. وعن الكتاب يقول مؤلفه "هذا الكتاب محاولة تدبُّر في تاريخنا الحديث، تنطلق من قاعدة نفي الحصانة، ونبذ المُسلَّمات الموروثة جيلًا بعد آخر، وإلقاء كافة ما يُسمى بثوابت التاريخ وراء ظهورنا، وأنه نبش جديد يخاصم فكرة تحصين الرموز التاريخيين، ويقاوم قانون المُسلَّمات غير القابلة للنقاش". ويضيف "هذا ليس كتاب تاريخ، وإنما كتاب عن التاريخ. لا يستند الكتاب إلى اكتشافات جديدة، وإنما يعتمد قراءة جديدة لأحداث ماضية. وينطلق من رحابة العقل البشري متسقًا مع فكرة التعدد، ونافيًا القداسة للبشر". ينبش هذا الكتاب في الأحداث الماضية، طارحًا قراءات وافتراضات تُساهم في تقديم رواية أخرى للتاريخ المصري الحديث، وذلك من خلال طرح تساؤلات قد تُمثل اشتباكًا جديدًا مع التاريخ الرسمي. في هذا الكتاب يتساءل الكاتب وفق معطيات عديدة حول أسطورة مصطفى كامل الوطنية، المُحمَّلة بمبالغات لرسم صورة غير حقيقية لزعيم استثنائي، ويطرح الوجه الآخر للسياسي المخضرم إسماعيل باشا صدقي، والمُعاكس للصورة السائدة في الكتابات التاريخية، فضلًا عن طرح السؤال الممنوع حول ما كان يُفترض أن يكون عليه محمد نجيب لو استمر في السلطة كرئيس لمصر، مستعينًا بآرائه وخطبه وتصريحاته التي تُنبئ عن ديكتاتور لم يأخذ فرصته!. ويُقدِّم الكتاب أيضًا اكتشافًا جديدًا حول المرأة التي قلبت حياة سيد قطب، وحوَّلته من أديب وناقد رقيق، إلى مفكر تكفيري متشدِّد.. كما يضيف الكتاب لأول مرة متهمين جددًا في جريمة اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لم يشملهم قرار الاتهام، ربما لمحبة الناس لهم، أو إعجابهم الشديد بهم!". يذكر أن مصطفى عبيد كاتب وصحفي وروائي مصري وباحث تاريخي ولد بالقاهرة في 28 أكتوبر عام 1976، وتخرج في قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، ثم عمل بالصحافة، ويشغل حاليا منصب مدير تحرير جريدة الوفد المصرية التي تصدر عن حزب الوفد، وله مقالة أسبوعية ثابتة بالجريدة. أصدر عدة كتب متنوعة بين الدراسات التاريخية والروايات والسير الذاتية والتراجم وفاز بعدة جوائز في الكتابة من بينها جائزة أفضل كتاب مترجم في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021.