حتى الآن سجل نحو 450 ألف بريطاني أنفسهم، ووافقوا على إجراء مسح لتسلسل الحمض النووي لديهم ومتابعة حالتهم الصحية دون الكشف عن أسمائهم، وذلك من خلال جهاز الصحة الوطني. وأكد المتطوعون، الذين يسجلون أنفسهم في البنك الحيوي ببريطانيا الذي تدعمه الحكومة ومؤسسة ولكام تراست، حرصهم على المشاركة في شيء قد يفيد أبناءهم أو أحفادهم، ووقع الاختيار على الفئة العمرية التي تتراوح بين 40 و69 عاما، لأن المتطوعين لن يضطروا الباحثين للانتظار طويلا قبل أن يصابوا بأمراض مثيرة للاهتمام مثل السرطان أو التهاب المفاصل أو السكري أو القلب أو الخرف. ويقول كبير الباحثين روي كولينز، إن أخذ العينات على نطاق واسع بهذا الشكل هو السبيل الوحيد لتمكين العلماء من اكتشاف كيف تتفاعل العوامل المتصلة بنمط الحياة مع قائمة طويلة من المتغيرات الجينية النادرة لتسبب أمراضا شائعة، وأضاف "إذا كنا نبحث عن أثر الكثير والكثير من المتغيرات الجينية المختلفة التي تسبب آثارا معتدلة وهي تتفاعل مع الكثير من العوامل غير الوراثية فإننا يجب أن نتمكن من إجراء دراسات كبيرة جدا، لم تسمح التكنولوجيا بإجراءها إلا مؤخرا". وأنشأت الصين والسويد ودول أخرى بنوكا حيوية لكن البنك البريطاني هو الأشمل فيما يتعلق بعدد العوامل التي تدرس. ولم يتسن لفرانسيس كولينز، الذي ساعد في وضع خريطة الجينوم البشري، إجراء تحليل لجيناته هو شخصيا حتى الصيف الماضي، وما عرفه أدهشه، إذ تبين أن كولينز لديه استعداد للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وهو ما لم يشتبه به قط، واكتشف المدير السابق للمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري هذا من خلال أبحاث توفرها شركات مثل نافيجينيكس وتوينتي ثري اند مي وديكودمي التي تتقاضى من العملاء بضع مئات من الدولارات مقابل نظرة على تكوينهم الجيني. وتحاول الشركات المتخصصة في تجهيز المعامل، خفض تكلفة مسح التسلسل الجيني وتتنافس على إنتاج الجهاز الذي سيكون موجودا في كل معمل للتكنولوجيا الحيوية، كأحد المعدات الثابتة لإجراء مسح كامل لتسلسل الجينوم للشخص على الفور، لكن كل هذا المسح لتسلسل الجينوم يخلق ما يصفه المدير الحالي للمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري اريك جرين، بأنه "تسونامي المعلومات" التي تنهك عقول العلماء وطاقة أجهزة الكمبيوتر، والمفارقة أن البشر يملكون جينات فعلية قليلة نسبيا وهي أجزاء الحمض النووي التي توجه الخلية لتنتج البروتين، ولا يملك البشر سوى 20500 منها مقابل ما يصل إلى 30 ألفا للفئران و50 ألفا في الأرز، وكانت هذه إحدى المفاجآت الكبرى من مشروع الجينوم البشري.