تنسيقية شباب الأحزاب تهنئ "حماة الوطن" لتولي الفريق عباس حلمي رئاسة الحزب    هل تتأثر مصر بفيضانات السودان بعد إطلاق الإنذار الأحمر؟.. عباس شراقي يوضح    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 30 سبتمبر في محافظات الصعيد    وزير الإسكان: ملف الإيجار القديم على رأس أولويات الوزارة    عاجل.. وزير الإسكان يعلن عن طرح جديد للمصريين بالخارج بعد أزمة بيت الوطن.. فيديو    الخميس 9 أكتوبر إجازة رسمية بمناسبة عيد القوات المسلحة بدلا من 6 أكتوبر    الإمارات تحث نتنياهو على دعم خطة ترامب لغزة وتحذر من ضم الضفة الغربية    كوريا الشمالية للأمم المتحدة: لن نتخلى أبداً عن برنامجنا النووي    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة إلغاء ركلة جزاء الأهلي ضد الزمالك في الدوري    رياض محرز يقود تشكيل الأهلي ضد الدحيل في دوري أبطال آسيا للنخبة    مباراة إيفرتون ضد وست هام يونايتد.. صراع الهروب من مناطق الخطر في الدوري الإنجليزي 2025-2026    رابيو: لا أعرف كيف يركض مودريتش هكذا في سن ال 40    «الداخلية» تكشف ملابسات سير قائد سيارة ملاكي برعونة وأداء حركات استعراضية في الإسكندرية    وزير السياحة: انتهاء 99% من تجهيزات واستعدادات حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    جامعة حلوان تنظم المؤتمر العلمي العشرين لأدب الطفل    هل تصح صلاة الفرض أثناء التنقل في السيارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل مجالس الذكر حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    استشاري قلب: الجلوس الطويل أمام الشاشات يضاعف مخاطر أمراض القلب والوقاية تبدأ بالرياضة    يحميك من أمراض مزمنة.. 4 فوائد تجعلك تواظب على شرب الشاي يوميا    نيرمين الفقي في أحدث جلسة تصوير بتوقيع حسن سند |صور    محافظ الأقصر يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر العامة    روسيا تعلن عن جولة محادثات مع الهند حول الأمن الإقليمي وأوكرانيا    الزمالك يُمدد عقد خالد عبدالناصر موسمين    أسدد ديني ولا اخرج الزكاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    درءا للإشاعات.. محافظ شمال سيناء يؤكد اهتمام الدولة بالمواطنين وصرف تعويضات حي الميناء بالعريش    تأهيل الأطباء وحقوق المرضى (4)    الاحتلال الإسرائيلي يحتجز أكثر من 20 شابا ويعتقل آخر شمال رام الله    وزارة الصحة تستعرض تجربتها في المشروع القومي لكتابة تقارير الأشعة «عن بعد»    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    ربيع ياسين: الزمالك يُعاني دفاعيا قبل مواجهة الأهلي.. وكوكا ليس الأنسب للظهير الأيسر    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    بسبب الظروف المادية.. استقالة رئيس مجلس إدارة نادي سرس الليان بالمنوفية    تضامنًا مع أهل غزة ضد العدوان.. عايدة الأيوبي تطرح "غصن الزيتون"    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    حصر الأسر الأكثر احتياجًا بقرى قطور في الغربية تمهيدًا لتوصيل الخدمات    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    بتهمة النصب على المواطنين.. «الداخلية» تضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بمدينة نصر    قبل الزواج من برج العذراء.. احذر هذه الصفات الضارة    شاهد غرفة ملابس الأهلي في استاد القاهرة قبل القمة    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    أكرم القصاص: العلاقات المصرية الإماراتية مثالية وتؤكد وحدة الموقف العربى    مارجريت صاروفيم: التضامن تسعى لتمكين كل فئات المجتمع بكرامة    محافظ أسيوط: خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط ب160 ألف متر إنترلوك    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    الطفلة مي.. وردة فلسطينية أنهك التجويع الإسرائيلي جسدها ودمر طفولتها    نائب رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني: لن نقبل أي مفاوضات بشأن قدراتنا الصاروخية    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    طقس الإسكندرية اليوم: أجواء خريفية وحرارة عظمى 30 درجة    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا وراء تنحى مرشد الإخوان عن منصبه؟
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 03 - 2009

فى مناسبات عديدة خلال الشهور الأخيرة أعلن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر السيد محمد مهدى عاكف عن نيته عدم استكمال فترة ولايته الثانية فى قيادة الجماعة فور انتهاء ولايته الأولى فى يناير المقبل.
وخلال الأيام الأخيرة تكررت تصريحات المرشد العام للإخوان وبدا واضحا إصراره على أن تبدأ الجماعة فى عملية اختيار مرشد جديد لها فى نهاية السنوات الست التى تكتمل فى يناير المقبل على الرغم من أن لائحتها الداخلية تعطيه الحق فى ولاية ثانية لنفس المدة بدون تمديد أكثر من ذلك.
وتحولت القضية كالعادة من شأن إخوانى داخلى إلى موضوع للنقاش العام فى الساحة السياسية المصرية والعربية، نظرا لما لجماعة الإخوان ومواقفها وتطوراتها من تأثيرات مهمة على تلك الساحة.
والحقيقة أن أبعادا ودلالات ونتائج كثيرة ومهمة تبدو مرتبطة بذلك القرار التطور الذى يعد الأول من نوعه فى تاريخ جماعة الإخوان الممتد لأكثر من ثمانين عاما، حيث لم يكن فيها أبدا مرشدون سابقون على قيد الحياة، بل ظل مرشدوها الستة السابقون على المرشد الحالى فى مناصبهم حتى وفاتهم.
من هنا، فإن الدلالة الأولى المهمة تتعلق بالجماعة نفسها والتى إذا ما أصر السيد عاكف على ترك منصبه فور انتهاء ولايته الأولى، ستكون قد غيرت تقليدا مستقرا رئيسيا لازمها منذ قيامها، وفتحت الباب أمام تداول مفتوح للمنصب الأعلى فيها يزيل عن شاغله صفتى «الديمومة» و«هالة القداسة» اللتين ارتبطتا عادة باستمراره فيه حتى وفاته.
إن من شأن هذا التطور فى حالة استكماله أن يعيد منصب المرشد العام للجماعة إلى طبيعته الإنسانية والوظيفية بحيث يكون من يشغله هو من تتوافر فيه شروطه ويختاره الإخوان ديمقراطيا لفترة محددة وليس من تختاره لهم العناية الإلهية، ويظل يقودهم حتى وفاته.
وفى هذا الإطار لابد من الإشارة إلى التطور المهم الذى أحدثته الجماعة فى لائحتها الداخلية أخيرا والذى حدد فترة ولاية المرشد العام بست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وهو ما أعطى إشارة واضحة على جديتها فى تحقيق قدر أكبر من الديمقراطية الداخلية وتداول أوسع لمنصبها القيادى الأعلى، بخلاف ما يشيعه عنها نقادها وخصومها بأنها تدار داخليا بطريقة فردية واستبدادية.
وعلى الصعيد العملى للحياة السياسية المصرية سواء الرسمية أو الحزبية، يبدو واضحا أن قرار عاكف بالتوقف عن قيادة جماعته بعد انتهاء ولايته الأولى لم يتكرر سوى مرتين: الأولى هى تنحى الرئيس جمال عبدالناصر عن منصبه فى التاسع من يونيو 1967، عقب هزيمتنا المروعة من إسرائيل، والثانية هى تنحى الأستاذ خالد محيى الدين، مؤسس ورئيس حزب التجمع، عن منصبه لاعتبارات السن وتوليه موقع الرئيس الفخرى له.
أما على صعيد اللوائح الحزبية المختلفة فى مصر، فإنه بخلاف حزب التجمع وحزب الجبهة الديمقراطية وجماعة الإخوان المسلمين، لا يوجد فى أى منها نص على تحديد فترات ولاية قياداتها العليا بفترتين فقط. وحتى فى ظل ذلك، فإن خطوة المرشد العام للإخوان تبدو الأولى من نوعها، حيث لم يسبق فى أى من تلك الأحزاب أن رفض رئيسه استكمال المدتين اللتين تعطيه اللائحة الحق فى الاستمرار خلالهما.
وهنا يثار التساؤل المنطقى حول الدوافع والأسباب التى تقف وراء إصرار السيد عاكف على عدم الاستمرار فى قيادة جماعة الإخوان لفترة ثانية، وهى تبدو فى الحقيقية متعددة.
وربما يكون أولها خاصا بالمرشد العام للإخوان نفسه، فالرجل استطاع منذ توليه منصبه فى يناير 2004 أن يحفر لنفسه مكانا متميزا فى تاريخ مرشديها، باعتباره أحد أهم ثلاثة تأثيرا فى مسارها الطويل. فالأول، هو بدون شك، مؤسسها حسن البنا الذى لا خلاف حول محورية دوره فى كل تاريخها، والثانى، هو مرشدها الثالث عمر التلمسانى الذى قاد ما يمكن تسميته «التأسيس الثانى» لها منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى والذى أعطاها فى النهاية الصورة التى تبدو عليها اليوم.
أما المرشد الحالى فهو الذى قاد الجماعة لأوسع تمثيل وحضور سياسى لها على الساحة المصرية فى تاريخها الطويل، سواء فى البرلمان أو على مستوى المجتمع السياسى أو على مستوى طرح فكرة أول برنامج لحزب سياسى تتبناه الجماعة، وذلك منذ طرحه لمبادرة الإخوان للإصلاح السياسى فى مارس 2004، بعد شهرين من توليه منصبه.
من هنا، فقد يكون الدافع الشخصى لقرار عاكف هو حرصه على أن يختتم بقاءه فى منصب المرشد العام بهذا النجاح السياسى البارز، وأن يعتزل القيادة وهو فى قمته بما يترك الانطباع السابق لصيقا به فى تاريخ الجماعة.
أما من الناحية السياسية، فمن الواضح أن أحد دوافع قرار عاكف هو توجيه رسالتين واضحتين تحملان معانى سياسية مباشرة لعديد من الأطراف.
الرسالة الأولى لنظام الحكم فى مصر ولكل من يهتمون بشئونه تأييدا أو معارضة أو مراقبة، بأن مرشد الإخوان يرفض الاستمرار فى ولايته الثانية بسبب بلوغه سن الواحد والثمانين، بينما يستمر الرئيس مبارك فى الحكم للولاية الخامسة بالرغم من بلوغه السن نفسها دون أن يفكر فى الاعتزال، بل ويفكر فى الترشيح لولاية سادسة عام 2011، وهو معنى قد يرى الإخوان أن يحرج النظام المصرى ويضعه فى مقارنة معهم ستكون نتائجها لصالحهم.
أما الرسالة الثانية فهى تتجه إلى القوى السياسية المصرية فى الداخل وعديد من القوى الخارجية الحكومية وغير الحكومية المهتمة بالشأن الإخوانى، ومضمونها بسيط وواضح، وهو أن الجماعة، وعلى خلاف ما يشاع عنها، فهى غير متمسكة بالبقاء فى السلطة إذا ما توافرت لها شروط الوصول إليها ديمقراطيا، وهى مستعدة عمليا لقبول قواعد التداول الديمقراطى للحكم وهو ما تطبقه داخلها بقرار مرشدها العام بعدم الاستمرار فى ولاية ثانية تتيحها له لائحتها الداخلية.
وعلى الرغم من أن قرار المرشد العام للإخوان بالاعتزال سوف يفتح الباب أمام تكهنات كثيرة حول خليفته والصورة التى ستبدو عليها الجماعة فى ظله، وخصوصا خلال العام المقبلين، المتوقع أن يشهدا تطورات سياسية رئيسية فى مصر، فإن الأمر الأولى بالطرح اليوم ليس فقط هو المساهمة فى هذا التكهن بل هو مطالبة المرشد الحالى باستكمال المهام السياسية الرئيسية للجماعة، كما توافق عليها المجتمع السياسى المصرى قبل تركه منصبه.
فمشروع الحزب السياسى الذى طرحت الجماعة مسودة برنامجه بحاجة إلى استكماله وتحوله إلى طلب عملى للجنة الأحزاب بكل مساوئها وعيوبها بإنشاء حزب مدنى يعبر عن الجماعة ويتوافق مع الدستور والقوانين وما توافق عليه عموم المصريين من قيم المساواة والمواطنة.
وحتى تتحقق هذه القيم واضحة فى برنامج الحزب، فعلى السيد عاكف قبل مغادرته منصبه أن يحسم انحياز جماعته لها عبر إلغاء ما ورد فى مسودة البرنامج من رفض لتولى الأقباط والسيدات منصب رئاسة الدولة، ويترك للمصريين مسلمين ومسيحيين الحرية والحق فى اختيار من يمثلهم دون أى قيود، فهم راشدون مؤمنون يتحملون وحدهم مسئولية اختيارهم أمام ضمائرهم وربهم.
أما المهمة الثانية الموازية، فهى أن يقرر الإخوان قبل نهاية عهد عاكف أن يفصلوا عمليا بين نشاطهم السياسى الذى سيمثله الحزب المشار إليه ونشاطهم الدعوى والاجتماعى الذى يجب أن تضطلع به جمعية أهلية متعددة الفروع تحمل اسم «الإخوان المسلمون»، يتقدمون بطلب رسمى لإنشائها وفق قانون الجمعيات الأهلية، بدون أن يحدث أى تداخل بين نشاطها والأنشطة السياسية المفترض قيام الحزب بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.